الشيخ عبد الباري بن محمد خلة | الفتاوى | أبي وأعمامي أساؤوا تقسيم ميراثهم من والدهم، ولم يعطوا عماتي حقوقهن الكاملة، ومنهن من يعلن صراحة حتى الآن أنهن لن يسامحن أبي وأعمامي، وقبل سنوات توفي والدي، وقسمنا أنا وإخواني ميراثه بطريقة عادلة تماما، ولكني أخشى أن يكون حق عماتي دينا في رقبتنا، فهل علي أنا وإخوتي ذنب؟ أم أننا أخذنا ميراثنا عن أبينا بطريقة شرعية؟ وهل علينا شيء لتكفير ذنب أبي؟

اليوم : الأحد 26 شوَّال 1445 هـ – 05 مايو 2024م
ابحث في الموقع

أبي وأعمامي أساؤوا تقسيم ميراثهم من والدهم، ولم يعطوا عماتي حقوقهن الكاملة، ومنهن من يعلن صراحة حتى الآن أنهن لن يسامحن أبي وأعمامي، وقبل سنوات توفي والدي، وقسمنا أنا وإخواني ميراثه بطريقة عادلة تماما، ولكني أخشى أن يكون حق عماتي دينا في رقبتنا، فهل علي أنا وإخوتي ذنب؟ أم أننا أخذنا ميراثنا عن أبينا بطريقة شرعية؟ وهل علينا شيء لتكفير ذنب أبي؟

فتوى رقم: 86
الجواب:

الحمد لله وكفى وسلام على عباده الذين اصطفى وبعد:

فيقول الله تعالى: ( يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ) النساء/11،

ويقول الله تعالى: ( لِّلرِّجَالِ نَصيِبٌ مِّمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالأَقْرَبُونَ وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِّمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالأَقْرَبُونَ مِمَّا قَلَّ مِنْهُ أَوْ كَثُرَ نَصِيبًا مَّفْرُوضًا ) سورة النساء/7.

نزلت في أهل الجاهلية كانوا يورثون الذكور دون الإناث أي أن لأولاد الميت حصة من التركة وللإناث حصة مما تركه من أموال من قليل أو كثير مفروضة معلومة

وكانت عادة عند الجاهلية أن المرأة غير قادرة على أن تحمي نفسها فكيف تحمي أموالها

فالذي لا يعطي الأنثى حقها من التركة فهو آكل للحرام وهو ظلم ومصير الظالم عذاب الله فعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعَثَ مُعَاذًا إِلَى اليَمَنِ، فَقَالَ: «اتَّقِ دَعْوَةَ المَظْلُومِ، فَإِنَّهَا لَيْسَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ اللَّهِ حِجَابٌ» رواه البخاري

 إن الذي يأكل الميراث لا تنفعه صلاة ولا صيام حتى يتحلل من الحقوق

فعن عَائِشَةَ قال رَسُول اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ ظَلَمَ قِيدَ شِبْرٍ مِنَ الْأَرْضِ، طُوِّقَهُ مِنْ سَبْعِ أَرَضِينَ» رواه مسلم

وإن الله قد يمهل الظالم لكنه لا يهمله، فعَنْ أَبِي مُوسَى رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ اللَّهَ لَيُمْلِي لِلظَّالِمِ حَتَّى إِذَا أَخَذَهُ لَمْ يُفْلِتْهُ» قَالَ: ثُمَّ قَرَأَ: {وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ القُرَى وَهِيَ ظَالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ} [هود: 102] متفق عليه.

ويقول الله تعالى {وَتَأْكُلُونَ التُّرَاثَ أَكْلًا لَمًّا (19) وَتُحِبُّونَ الْمَالَ حُبًّا جَمًّا (20)} [الفجر: 19، 20]

وحرمان المرأة من الميراث من أكل أموال الناس بالباطل قال الله تعالى { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ } [النساء: 29]

وقد حذر النبي صلى الله عليه وسلم من أكل الباطل فقال في حجة الوداع إِنَّ دِمَاءَكُمْ وَأَمْوَالَكُمْ قَالَ مُحَمَّدٌ (أَحَدُ رِجَالِ السَّنَدِ) وَأَحْسِبُهُ قَالَ: وَأَعْرَاضَكُمْ عَلَيْكُمْ حَرَامٌ كَحُرْمَةِ يَوْمِكُمْ هذَا فِي بَلَدِكُمْ هذَا في شَهْرِكُمْ هذَا؛ رواه البخاري

وإن حرمان المرأة من الميراث من قطيعة الرحم وقد نهينا عن ذلك قال الله تعالى: {فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ (22)} [محمد: 22]

وعليه فإن حرمان البنت أو الأخت أو الزوجة من الميراث من الكبائر ومن أعمال الجاهلية وعلى المسلم أن يتقي الله ولا يقدم على هذه الكبيرة فيوم القيامة لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم يوم لا يكون هناك درهم ولا دينار يوم يحتاج الإنسان إلى حسنة وإذا كان الله يعطي فكيف تمنع وأنت متعد على شرع الله فلا ينبغي للمسلم أن يكون هكذا.

ومن أكل حق أخته ثم ورث ذلك أبناءه فيحرم على الأبناء أخذ شيء من هذا المال المغصوب ولا بد أن يعرف الأبناء حق العمات وأن يتحللوا منه فيسلمونه لهن حتى لا يطال العذاب الأبناء مع أبيهم وليس مبررا أن يأكل الولد حق عمته بحجة أن الذي أكل هو الأب بل عليه أن يتحلل منه، وباب التوبة مفتوح فتب إلى الله وأرجع الحقوق إلى أصحابها فإن الله يتوب عليك. والله أعلى وأعلم.

                        الشيخ عبد الباري بن محمد خلة

الأكثر مشاهدة


لقمة الزقوم والقلاش ذوق الطعام من البضاعة قبل الشراء

الورع

الغفلة

الاشتراك في القائمة البريدية