الشيخ عبد الباري بن محمد خلة | الفتاوى | في تحقيق لمجلة السعادة عن مؤسسات تيسير الزواج في غزة والتي يتعامل بعضها عن طريق البنوك حيث تقدم المؤسسة كل احتياجات الشخص المقبل على الزواج عن طريق التقسيط في البنك مع كفالة شخص ، فما هو حكم الشرع من هذه المؤسسات والتعامل معها ؟ وهناك مؤسسات لا تتعامل مع البنك بل عن طريق سندات دين ، فما هو حكم الشرع منها ؟ رأي الشرع في هذه المؤسسات بشكل عام من حيث نشرها على الفضيلة ومساعدة الشباب على الزواج وإكمال نصف دينهم ، في زمن يتميز بغلاء الأسعار والمهور ؟

اليوم : الجمعة 10 شوَّال 1445 هـ – 19 أبريل 2024م
ابحث في الموقع

في تحقيق لمجلة السعادة عن مؤسسات تيسير الزواج في غزة والتي يتعامل بعضها عن طريق البنوك حيث تقدم المؤسسة كل احتياجات الشخص المقبل على الزواج عن طريق التقسيط في البنك مع كفالة شخص ، فما هو حكم الشرع من هذه المؤسسات والتعامل معها ؟
وهناك مؤسسات لا تتعامل مع البنك بل عن طريق سندات دين ، فما هو حكم الشرع منها ؟
رأي الشرع في هذه المؤسسات بشكل عام من حيث نشرها على الفضيلة ومساعدة الشباب على الزواج وإكمال نصف دينهم ، في زمن يتميز بغلاء الأسعار والمهور ؟

فتوى رقم: 40
الجواب:

الحمد لله وكفى وسلام على عباده الذين اصطفى وبعد:

فكل شاب يحلم أن يكون مؤهلا يفتح بيتا ويشارك فتاة يسكن إليها، تشاركه همومَه وتساعده في حياته.

وكذا كل فتاة تتطلع إلى شاب يملأ عليها حياتها تأوي إليه ليكون لها سكنا ومعينا حيث إن الزوجين كل منهما سكن للآخر كما قال الله تعالى: { هُنَّ لِبَاسٌ لَّكُم وَأَنتُم لِبَاسٌ لَّهُنَّ..... } (البقرة187)

وقال الله تعالى: {وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ (21)} [الروم: 21]

وقد حث الإسلام على الزواج وأمر النبي الكريم صلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ كل قادر عليه

فعَن عَبدِ اللَّهِ بن مسعود قالَ: قالَ لَنَا رَسُولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ: ' يَا مَعشَرَ الشَّبَابِ مَن استَطَاعَ مِنكُم البَاءَةَ فَليَتَزَوَّجْ فَإِنَّهُ أَغَضُّ لِلبَصَرِ وَأَحْصَنُ لِلفَرْجِ وَمَن لَم يَستَطِعْ فعلَيهِ بِالصَّومِ فإِنَّهُ لهُ وِجَاءٌ ' (متفق عليه)

والباءة هي القدرة على النكاح ومؤنته كالمال من مهر ونفقة وكسب وغيره

وكذا القدرات الجنسية والنفسية

وجعل الإسلام الزواج سببا للرزق قال الله تعالى: {وَأَنكِحُوا الأَيَامَى مِنكُم وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُم وَإِمَائِكُم إِن يَكُونُوا فُقَرَاء يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ } (النور32)

وعَن أَبِي هُرَيرَةَ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ' ثلاثَةٌ حقٌّ علَى اللَّهِ عَونهُمْ المُجَاهدُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالمُكَاتَبُ الَّذِي يرِيدُ الأَداءَ والنَّاكِحُ الذِي يُرِيدُ العَفَافَ '

ومما لا شك فيه أن كل شاب يرغب في هذا الزواج غير أنه يصطدم بعقبات مجتمعية من أهمها الضائقة المالية التي يعيشها مجتمعنا والحصار الظالم الذي نحياه لذا كان لا بد من محض يقوم على هذه الشريحة من المجتمع والتي هي من أهم الشرائح التي تؤدي دورا مهما في المجتمع

ومن المفترض أن تهتم الحكومات والمؤسسات بهذه الشريحة وتقدم لها كل عون لكي تؤدي واجبها على أتم وجه

ومن الجدير ذكره أن بعض المؤسسات الخيرية سبقت كثيرا من الحكومات في مساعدة الشباب لحل مشكلتهم فأقيمت بعض الجمعيات لتيسير الزواج حيث تقوم الجمعية بشراء المستلزمات للعروسين وبيعها لهم بالتقسيط ليتمكنوا من إتمام هذا الفرح فهل هذا العمل جائزا؟

وهنا يمكن أن يكون الجواب بحسب نوع المعاملة:

فمثلا: تقدم المؤسسة كل احتياجات الشخص المقبل على الزواج عن طريق التقسيط في البنك مع كفالة شخص ،

فإذا كان البنك ربويا فلا تجوز هذه المعاملة ابتداء لأنها قائمة على الربا.

وإذا كان البنك يتعامل بالمعاملات الإسلامية فقط فتجوز تلك المعاملة بشروط من أهمها:

1.    لا يأخذ البنك دفعة مقدمة قبل انتهاء العقد.

2.    لا بد أن تكون الأشياء المشتراة منضبطة لا تختلف اختلافا يؤدي إلى الغرر والمعنى أنهم يقولون: نبيعكم ثلاثين صنية من الرز واللحم فلا بد من ضبط ذلك حيث كأن تكون الصنية رز من نوع معين وكمية اللحم مثلا

ثم الصالة المختارة من نوع معين بحيث لا يؤدي إلى الخلاف في نوعها وجودتها وكذلك تكون باقي الأشياء فإذا كانت هذه المشتريات منضبطة فلا بأس بذلك

ولا يضر وجود الوكيل فلو أشترط الوكيل فالعقد صحيح

فإذا كان العقد بهذه الشروط فهو صحيح.

نوع آخر من المعاملات وهو أن بعض المؤسسات لا تتعامل مع البنك بل عن طريق سندات دين ، فما هو حكم الشرع منها ؟

إذا كانت هذه المؤسسات لا تتعامل بالربا وتشتري مستلزمات العرس وتكون هذه المشتريات منضبطة كما قلنا سابقا بحيث لا يكون هناك غرر ولا غش ولا خداع ويشترون الأشياء من المعارض بمبلغ معين كألف ويبيعون للعريس بألف ومائة مقسطة مع وجود كفيل أو مع عدمه فالمعاملة صحيحة المهم عدم المخالفات الشرعية.

وأخيرا الحلال بين والحرام بين والأعمال بالنيات فإذا كانت هذه المؤسسات والجمعيات تريد الخير لهذه الطبقة المحرومة فلهم الأجر والثواب عند الله عز وجل والدال على الخير كفاعله ومن فرج عن مسلم كربة فرج الله عنه يوم القيامة فعن عَبْدِ الله بْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما، أَنَّ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم قَالَ: «المُسْلِمُ أَخُو المُسْلِمِ، لاَ يَظْلِمُهُ، وَلاَ يُسْلِمُهُ. وَمَنْ كَانَ فِي حَاجَةِ أَخِيهِ، كَانَ الله فِي حَاجَتِهِ. وَمَنْ فَرَّجَ عَنْ مُسْلِم كُرْبَةً، فَرَّجَ الله عَنْهُ كُرْبَةً مِنْ كُرُبَاتِ يَوْمِ القِيَامَةِ. وَمَنْ سَتَر مُسْلِمًا، سَتَرَهُ الله يَوْمَ القِيَامَة». متفق عليه

والله أسأل أن ييسر لشبابنا وفتياتنا كل طريق يؤدي بهم إلى العفة والسكن والراحة وأن يفك الحصار عنا وأن ردنا إلى دينه ردا جميلا وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.

          الشيخ عبد الباري بن محمد خلة

الأكثر مشاهدة


لقمة الزقوم والقلاش ذوق الطعام من البضاعة قبل الشراء

الورع

الغفلة

الاشتراك في القائمة البريدية