الحمد لله وكفى، وسلام على عباده الذين اصطفى، وبعد:
فعن أَنَسٍ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: {ثَلاثٌ مَنْ كُنَّ فِيهِ وَجَدَ حَلاوَةَ الإِيمانِ، أَنْ يَكُونَ اللهُ وَرَسُولُهُ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِمّا سِواهُما، وَأَنْ يُحِبَّ الْمَرْءَ لا يُحِبُّهُ إِلاّ للهِ، وَأَنْ يَكْرَهَ أَنْ يَعُودَ في الْكُفْرِ كَما يَكْرَهُ أَنْ يُقْذَفَ في النَّار} ِ [رواه البخاري (1/12) رقم 16].
وعَنْ الْعَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ {ذَاقَ طَعْمَ الْإِيمَانِ مَنْ رَضِيَ بِاللَّهِ رَبًّا وَبِالْإِسْلَامِ دِينًا وَبِمُحَمَّدٍ رَسُولًا} [رواه مسلم (1/ 62) رقم 34].
قال شيخ الإسلام ابن تيمية: {إن في الدنيا جنة، من لم يدخلها لا يدخل جنة الآخرة}. [مدراج السالكين: 22/366].
ومن أسباب حلاوة الإيمان حب الله ورسوله، وتقديم محبتهما على كل أحد.
قال الله تعالى: {قُلْ إِنْ كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُمْ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ} (التوبة:24).
قال ابن كثير: ( قُلْ إِنْ كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا ) أي: اكتسبتموها وحصلتموها ( وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا ) أي: تحبونها لطيبها وحسنها، أي: إن كانت هذه الأشياء ( أَحَبَّ إِلَيْكُمْ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُوا ) أي: فانتظروا ماذا يحل بكم من عقابه ونكاله بكم؛ ولهذا قال: ( حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ ) [تفسير ابن كثير4/ 124].
ومن أسباب حلاوة الإيمان أن يكون حب الإنسان في الله، لا لغرض دنيوي.
ومن أسباب حلاوة الإيمان بغض الكفر وأهله.
فعليك بالمجاهدة، والتضرع لله في جوف الليل أن يرزقك الله حبه، وحب من يحبه، والعمل الذي يقرب إلى حبه. والله أعلى وأعلم.
الشيخ عبد الباري بن محمد خلة