الشيخ عبد الباري بن محمد خلة | مقالات | أحكام اللقطة

اليوم : الثلاثاء 21 شوَّال 1445 هـ – 30 أبريل 2024م
ابحث في الموقع

أحكام اللقطة

الحمد لله وكفى وسلام على عباده الذين اصطفى وبعد:

فقد اعتنى الإسلام بالمال وجعله مقصدا من مقاصد الشريعة

وحث الإسلام أبناءه على التعاون في حفظ المال وغيره

فجاء الإسلام ليأمر أتباعه أن يحفظ كل واحد مال الآخر فإذا وجد مسلم مالا فلا بد أن يبذل وسعه في إرجاعه لصاحبه وكان من ذلك ما يسميه الفقهاء اللقطة.

تعريف اللقطة: هي المال الملتقط يجده الشخص في مكان عام.

وهذه اللقطة إما أن تكون:

1-            الشيء القليل الذي يتسامح فيه؛ كالسوط والعصا وسائر المحقرات.

وهذا لا يُعَّرف عليه بل يملكه ملتقطه وينتفع به، فعَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ رَخَّصَ لَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْعَصَا وَالسَّوْطِ وَالْحَبْلِ وَأَشْبَاهِهِ يَلْتَقِطُهُ الرَّجُلُ يَنْتَفِعُ بِهِ. رواه أبو داود بسند ضعيف.

2-            الحيوان الكبير الذي يمنع نفسه من عدوه كالإبل والبقر وكل ما يمكن له الفرار من عدوه.

وهذا يحرم التقاطه، ولا تجري عليه أحكام اللقطة فعن زَيْدِ بْنِ خَالِدٍ رضي الله عنه، قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَسَأَلَهُ عَنِ اللُّقَطَةِ، فَقَالَ: اعْرِفْ عِفَاصَهَا وَوِكَاءَهَا، ثُمَّ عَرِّفْهَا سَنَةً، فَإِنْ جَاءَ صَاحِبُهَا، وَإِلاَّ فَشَأْنَكَ بِهَا قَالَ: فَضَالَّةُ الْغَنَمِ قَالَ: هِيَ لَكَ أَوْ لأَخِيكَ أَوْ لِلذِّئْبِ قَالَ: فَضَالَّةُ الإِبِلِ قَالَ: مَالَكَ وَلَهَا مَعَهَا سِقَاؤُهَا وَحِذَاؤُهَا، تَرِدُ الْمَاءَ وَتَأكُلُ الشَّجَرَ حَتَّى يَلْقَاهَا رَبُّهَا. رواه البخاري.

عَنِ الْمُنْذِرِ بْنِ جَرِيرٍ قَالَ كُنْتُ مَعَ جَرِيرٍ بِالْبَوَازِيجِ فَجَاءَ الرَّاعِى بِالْبَقَرِ وَفِيهَا بَقَرَةٌ لَيْسَتْ مِنْهَا فَقَالَ لَهُ جَرِيرٌ مَا هَذِهِ قَالَ لَحِقَتْ بِالْبَقَرِ لاَ نَدْرِى لِمَنْ هِىَ. فَقَالَ جَرِيرٌ أَخْرِجُوهَا فَقَدْ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- يَقُولُ « لاَ يَأْوِى الضَّالَّةَ إِلاَّ ضَالٌّ ». رواه أبو داود بسند صحيح.

والمعنى في ذلك أن الذي يلتقط هذا النوع فهو مخطئ، بل تترك ترد الماء وتأكل حتى يجدها صاحبها.

3-            ما دون ذلك من مال كذهب وأوراق مالية ومتاع ونحو ذلك

وهذا إن غلب على ظنه حفظه ورده إلى صاحبه، جاز له التقاطه.

فإن كان من الشيء الذي لا يصبر طويلا ويخشى فساده؛ كالفاكهة والخضروات فهو بالخيار إما أن يأكله ويضمن ثمنه أو

يبيعه يحفظ ثمنه فإن وجد صاحبه دفع إليه قيمته-الثمن، أو رد له مثله إن وجد.

وإن كان الملتقط حيوانا مأكولا الشاة فله فعل واحد ثلاثة: فإما أن يذبحه وينتفع به ويضمن قيمته إن وجد صاحبه

وإما أن يبيعه ويحتفظ بثمنه ليرده لصاحبه إن وجد.

وإما أن يمسكه وينفق عليه من ماله، فإن وجد صاحبه يرجع بنفقته على مالكه

فقد قَالَ رسول الله صلى الله عليه وسلم: فَضَالَّةُ الْغَنَمِ قَالَ: هِيَ لَكَ أَوْ لأَخِيكَ أَوْ لِلذِّئْبِ قَالَ: فَضَالَّةُ الإِبِلِ قَالَ: مَالَكَ وَلَهَا مَعَهَا سِقَاؤُهَا وَحِذَاؤُهَا، تَرِدُ الْمَاءَ وَتَأكُلُ الشَّجَرَ حَتَّى يَلْقَاهَا رَبُّهَا. رواه البخاري.

وإن كان الملتقط دون ما سبق من سائر الأموال، كالذهب والفضة والنقود لزمه حفظه ووجب عليه أن يعرف عليه مدة كافية لذلك وعند بعض الفقهاء يعرف عليها سنة كالتعريف عليها في الطرقات والأماكن العامة والمعروفة ويمكنه اليوم في ظل التقدم التقني والتكنلوجي أن يعرف عن طريق وسائل الاتصالات الحديثة كالفيسبوك والإذاعات المحلية وغير ذلك إذا كانت اللقطة عظيمة.

ويكون التعريف بالأوصاف كأن يقول له وجدت مالا فمن يصف ذلك المال فهو صاحبه أو دابة من يأتي بأوصافها فهو مالكها وهكذا فإن تعرف عليها صاحبها ولو بعد سنة أو أكثر وجب دفعها إليه بلا بينة ولا يمين، لأن ذكر صفاتها تقوم مقام البينة واليمين.

وإذا عرف عليها مدة كافية حلت لواجدها فيتصرف فيها تصرفا شرعيا من بيع وهبة ووقف وأكل ونحو ذلك فإن جاء صاحبها بعد ذلك دفعها إليه إن كانت باقية أو بدلها إن كانت تالفة أو ضمن ثمنها والله أعلى وأعلم.

                                    الشيخ عبد الباري بن محمد خلة 

الأكثر مشاهدة


لقمة الزقوم والقلاش ذوق الطعام من البضاعة قبل الشراء

الورع

الغفلة

الاشتراك في القائمة البريدية