الحمد لله وكفى وسلام على عباده الذين اصطفى وبعد:
فحسن الخاتمة هو: أن يوفق العبد للعبادة والطاعة ويستمر على ذلك حتى الموت.
وقد جعل الشارع الحكيم علامات لحسن الخاتمة، وهي بشارة لمن رزقها.
وهذه العلامات كرامة لصاحبها يستدل بها على حسن الخاتمة وربما يموت المرء وهو مؤمن ولا يشعر بهذه العلامات.
وجرت عادة الكريم أن من طابت سريرته وحسن عمله ختم له بالحسنى وحسن الخاتمة ومن خبثت سريرته وقصر في عبادته ختم له بسوء الخاتمة والعياذ بالله.
ولا بد للعبد المسلم من طاعة مستمرة مع حسن النية والطوية ولا بد أن يسعى لها وأن يشفق على نفسه من الذنوب والمعاصي وليعتمد على الله ومن شب على شيء شاب عليه ومن شاب على شيء مات عليه ومن مات على شيء بعث عليه ولله عاقبة الأمور.
ولحسن الخاتمة علامات أذكر بعضها:
1- النطق بالشهادتين عند الموت: فعَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- « مَنْ كَانَ آخِرُ كَلاَمِهِ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ دَخَلَ الْجَنَّةَ ». رواه أبو داود بسند صحيح.
وعَنْ يَحْيَى بْنِ طَلْحَةَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ رَأَى عُمَرُ طَلْحَةَ بْنَ عُبَيْدِ اللَّهِ ثَقِيلًا فَقَالَ مَا لَكَ يَا أَبَا فُلَانٍ لَعَلَّكَ سَاءَتْكَ إِمْرَةُ ابْنِ عَمِّكَ يَا أَبَا فُلَانٍ قَالَ لَا إِلَّا أَنِّي سَمِعْتُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَدِيثًا مَا مَنَعَنِي أَنْ أَسْأَلَهُ عَنْهُ إِلَّا الْقُدْرَةُ عَلَيْهِ حَتَّى مَاتَ سَمِعْتُهُ يَقُولُ إِنِّي لَأَعْلَمُ كَلِمَةً لَا يَقُولُهَا عَبْدٌ عِنْدَ مَوْتِهِ إِلَّا أَشْرَقَ لَهَا لَوْنُهُ وَنَفَّسَ اللَّهُ عَنْهُ كُرْبَتَهُ قَالَ فَقَالَ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ إِنِّي لَأَعْلَمُ مَا هِيَ قَالَ وَمَا هِيَ قَالَ تَعْلَمُ كَلِمَةً أَعْظَمَ مِنْ كَلِمَةٍ أَمَرَ بِهَا عَمَّهُ عِنْدَ الْمَوْتِ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ قَالَ طَلْحَةُ صَدَقْتَ هِيَ وَاللَّهِ هِيَ. رواه أحمد بسند صحيح.
2- الموت برَشْح الجَبين: فعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُرَيْدَةَ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ مَوْتُ الْمُؤْمِنِ بِعَرَقِ الْجَبِينِ. رواه النسائي بسند صحيح.
3- الاستشهاد في ساحة القتال: فعَنْ الْمِقْدَامِ بْنِ مَعْدِي كَرِبَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لِلشَّهِيدِ عِنْدَ اللَّهِ سِتُّ خِصَالٍ يُغْفَرُ لَهُ فِي أَوَّلِ دَفْعَةٍ وَيَرَى مَقْعَدَهُ مِنْ الْجَنَّةِ وَيُجَارُ مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ وَيَأْمَنُ مِنْ الْفَزَعِ الْأَكْبَرِ وَيُوضَعُ عَلَى رَأْسِهِ تَاجُ الْوَقَارِ الْيَاقُوتَةُ مِنْهَا خَيْرٌ مِنْ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا وَيُزَوَّجُ اثْنَتَيْنِ وَسَبْعِينَ زَوْجَةً مِنْ الْحُورِ الْعِينِ وَيُشَفَّعُ فِي سَبْعِينَ مِنْ أَقَارِبِهِ. رواه الترمذي وغيره بسند صحيح.
وعَنْ رَجُلٍ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ رَجُلًا قَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا بَالُ الْمُؤْمِنِينَ يُفْتَنُونَ فِي قُبُورِهِمْ إِلَّا الشَّهِيدَ قَالَ: كَفَى بِبَارِقَةِ السُّيُوفِ عَلَى رَأْسِهِ فِتْنَةً رواه النسائي بسند صحيح.
4- الموت ليلة الجمعة أو نهارها: فعن عبد الله بن عمر - رضي الله عنهما - أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: مَا مِنْ مُسْلِمٍ يَمُوتُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ أَوْ لَيْلَةَ الْجُمُعَةِ إِلَّا وَقَاهُ اللَّهُ فِتْنَةَ الْقَبْرِ. رواه الترمذي وأحمد بسند صحيح.
5- ومن مات غريقا أو حريقا أو مبطونا فهو شهيد والمرأة تموت نفساء كذلك وأشياء آخر ذكرها النبي صلى الله عليه وسلم من أنواع الشهادات كل ذلك من علامات حسن الخاتمة، فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مَا تَعُدُّونَ الشَّهِيدَ فِيكُمْ قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ مَنْ قُتِلَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَهُوَ شَهِيدٌ قَالَ: إِنَّ شُهَدَاءَ أُمَّتِي إِذًا لَقَلِيلٌ قَالُوا فَمَنْ هُمْ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ: مَنْ قُتِلَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَهُوَ شَهِيدٌ وَمَنْ مَاتَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَهُوَ شَهِيدٌ وَمَنْ مَاتَ فِي الطَّاعُونِ فَهُوَ شَهِيدٌ وَمَنْ مَاتَ فِي الْبَطْنِ فَهُوَ شَهِيدٌ وَالْغَرِيقُ شَهِيدٌ. رواه مسلم.
وعَنْ حَفْصَةَ بِنْتِ سِيرِينَ قَالَتْ قَالَ لِي أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ بِمَ مَاتَ يَحْيَى بْنُ أَبِي عَمْرَةَ قَالَتْ قُلْتُ بِالطَّاعُونِ قَالَتْ فَقَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: [الطَّاعُونُ شَهَادَةٌ لِكُلِّ مُسْلِمٍ] رواه البخاري ومسلم.
وإذا رأى مسلم من ميت خيرا أو علامة من علامات حسن الخاتمة فيستحب له أن يذكر ذلك لمن يشاء حتى يحث الناس على الطاعة والاقتداء بهذا الميت أما إن رأى منه سوءا أو سوء خاتمة والعياذ بالله فلا يذكر ذلك لأحد إلا على سبيل الموعظة وبإبهام الاسم فإن ذلك يؤذي الأحياء، فعَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - قَالَتْ: قَالَ النَّبِىُّ صلى الله عليه وسلم : « لاَ تَسُبُّوا الأَمْوَاتَ فَإِنَّهُمْ قَدْ أَفْضَوْا إِلَى مَا قَدَّمُوا » . رواه البخاري.
وعن أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه، قَالَ: مَرُّوا بِجَنَازَةٍ فَأَثْنَوْا عَلَيْهَا خَيْرًا، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: وَجَبَتْ ثُمَّ مَرُّوا بِأُخْرى فَأَثْنَوْا عَلَيْهَا شَرًّا، فَقَالَ: وَجَبَتْ فَقَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رضي الله عنه، مَا وَجَبَتْ قَالَ: هذَا أَثْنَيْتُمْ عَلَيْهِ خَيْرًا فَوَجَبَتْ لَهُ الْجَنَّةُ، وَهذَا أَثْنَيْتُمْ عَلَيْهِ شَرًّا فَوَجَبَتْ لَهُ النَّارُ، أَنْتُمْ شُهَدَاءُ اللهِ فِي الأَرْضِ. رواه البخاري.
وأسأل الله حسن الخاتمة والثبات على الحق والدين.
الشيخ عبد الباري بن محمد خلة