الشيخ عبد الباري بن محمد خلة | مقالات | نحر الأضاحي وتعظيم شعائر الله تعالى

اليوم : الثلاثاء 5 محرَّم 1447 هـ – 01 يوليو 2025م
ابحث في الموقع

نحر الأضاحي وتعظيم شعائر الله تعالى

الحمد لله وكفى، وسلام على عباده الذين اصطفى، وبعد:

فيقول الله تعالى: { وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ } سورة الحج الآية 32

ويقول الله تعالى: { فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ } سورة الكوثر الآية 2

وقد ورد في السنة أحاديث كثيرة، وأخبار مستفيضة غزيرة، تدل بمجموعها على مشروعية الأضحية، وعظم منزلتها من الدين، وأن رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه كانوا من أشد الناس حرصا عليها، بل والحرص على نحرها بأيديهم، فعن أَنَسٍ، قَالَ: ضَحَّى النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بِكَبْشَيْنِ أَمْلَحَيْنِ أَقْرَنَيْنِ، ذَبَحَهُمَا بِيَدِهِ، وَسَمَّى وَكَبَّرَ، وَوَضَعَ رِجْلَهُ عَلَى صِفَاحِهِمَا رواه البخاري.

وعَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَبَحَ يَوْمَ الْعِيدِ كَبْشَيْنِ، ثُمَّ قَالَ حِينَ وَجَّهَهُمَا: «إِنِّي وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ حَنِيفًا وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ لَا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ بِسْمِ اللَّهِ اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُمَّ مِنْكَ وَلَكَ مِنْ مُحَمَّدٍ وَأُمَّتِهِ» رواه أحمد بسند حسن

والأضحية شعيرة من شعائر الإسلام ، جاء في جواهر الإكليل أنها إذا تركها أهل بلد قوتلوا عليها لأنها من شعائر الإسلام

ولقد اتفق العلماء على أن ذبح الأضحية والتصدق بلحمها أفضل من التصدق بقيمتها لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم ضحى ولا يفعل إلا ما هو أولى وأفضل.

إن الذبح له مقاصد دينية فيه يمتثل المسلم أمر الله وأمر رسوله ويتذكر أحداث التاريخ وأنبياء الله ويتعلم الصبر والرضا ويأكل ويطعم ويتصدق وما أظن أن الكهرباء تكون عائقا عن أداء نسيكة أو عبادة بل لم يكن هناك كهرباء زمن النبي صلى الله عليه وسلم ولا زمن الآباء والأجداد ومع ذلك فقد كانوا يحرصون على الأضاحي.

والأضحية عبادة من العبادات لها شروط وسنن وأوقات معينة لا يجوز تجاوزها فزمن الأضحية هو يوم عيد الأضحى وثلاثة أيام بعده إلى عصر اليوم الرابع وهو اليوم الأخير من أيام التشريق وأما المكان ففي أي مكان يقيم به المكلف.

وأحكام الشرع مبنية على العلل المنضبطة ومع ذلك لا تناقض العقل بل تنسجم معه وربما يكون للعبادة حكم كثيرة بعضها ظاهر وبعضها خفي لكن ارتباط الأحكام بالعلل المنضبطة لا بالحكمة وأحانا تكون العلة ظاهرة ومنصوصا عليها وأحيانا تكون العلة خفية.

وليس بالضرورة تخزين اللحم بل إن الله تعالى قال: {فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ (28) } [الحج : 28 ] فالأصل الأكل وإن قليلا والصدقة وإن قليلا أما التخزين فهو عادة وليست عبادة بل إن النبي نهى مرة عن ادخار اللحم فوق ثلاثة أيام بسبب قدوم فقراء على المدينة ثم أباح ذلك

فعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِى بَكْرٍ عَنْ عَمْرَةَ بِنْتِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ قَالَتْ سَمِعْتُ عَائِشَةَ تَقُولُ دَفَّ نَاسٌ مِنْ أَهْلِ الْبَادِيَةِ حَضْرَةَ الأَضْحَى فِى زَمَانِ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- « ادَّخِرُوا الثُّلُثَ وَتَصَدَّقُوا بِمَا بَقِىَ ». قَالَتْ فَلَمَّا كَانَ بَعْدَ ذَلِكَ قِيلَ لِرَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- يَا رَسُولَ اللَّهِ لَقَدْ كَانَ النَّاسُ يَنْتَفِعُونَ مِنْ ضَحَايَاهُمْ وَيَجْمُلُونَ مِنْهَا الْوَدْكَ وَيَتَّخِذُونَ مِنْهَا الأَسْقِيَةَ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- « وَمَا ذَاكَ ». أَوْ كَمَا قَالَ قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ نَهَيْتَ عَنْ إِمْسَاكِ لُحُومِ الضَّحَايَا بَعْدَ ثَلاَثٍ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- « إِنَّمَا نَهَيْتُكُمْ مِنْ أَجْلِ الدَّافَّةِ الَّتِى دَفَّتْ عَلَيْكُمْ فَكُلُوا وَتَصَدَّقُوا وَادَّخِرُوا ». رواه أبو داود بسند صحيح.

فلا بد من إظهار شعائر الله مهما كان العائق ومهما كانت الأسباب لذا لا بد ذبح الأضاحي في وقتها المقرر لها شرعا ولا بد أن نفرح بها وأن نفرح أطفالنا وجيراننا وأرحامنا وأن ندخل  السرور عليهم وأسأل الله تعالى أن ييسر لنا جميعا إقامة شعائر الله وتعظيمها. والله أعلى وأعلم.

               الشيخ عبد الباري بن محمد خلة

الأكثر مشاهدة


أحاديث الإسراء والمعراج كما جاءت في صحيحي البخاري ومسلم

لقمة الزقوم والقلاش ذوق الطعام من البضاعة قبل الشراء

النفاق الاجتماعي وأثره على الفرد والمجتمع

الاشتراك في القائمة البريدية