الحمد لله وكفى، وسلام على عباده الذين اصطفى أمَّا بعد،
فيجب على أن من أفطر يومًا أو أيامًا من شهر رمضان قضاء تلك الأيام، سواء أفطر بعذر أم بغير عذر؛ قال الله تعالى: {فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ} [البقرة: 184].
وجه الدلالة: الواجب على كل من أفطر في رمضان قضاء تلك الأيام مطلقا على الفور أو التراخي.
وعَنْ مُعَاذَةَ، قَالَتْ: سَأَلْتُ عَائِشَةَ فَقُلْتُ: مَا بَالُ الْحَائِضِ تَقْضِي الصَّوْمَ، وَلَا تَقْضِي الصَّلَاةَ. فَقَالَتْ: أَحَرُورِيَّةٌ أَنْتِ؟ قُلْتُ: لَسْتُ بِحَرُورِيَّةٍ، وَلَكِنِّي أَسْأَلُ. قَالَتْ: «كَانَ يُصِيبُنَا ذَلِكَ، فَنُؤْمَرُ بِقَضَاءِ الصَّوْمِ، وَلَا نُؤْمَرُ بِقَضَاءِ الصَّلَاةِ». رواه مسلم.
وجه الدلالة: قولها: (فنؤمر بقضاء الصوم) وهذا القضاء مطلق سواء أكان على الفور أم التراخي متتاليا أم متفرقا.
وجمهور الفقهاء على وجوب القضاء على التراخي بشرط عدم تأخيره إلى رمضان القادم؛ فعن عَائِشَةَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا- قالت: 'كَانَ يَكُونُ عَلَيَّ الصَّوْمُ مِنْ رَمَضَانَ فَمَا أَسْتَطِيعُ أَنْ أَقْضِيَهُ إِلَّا فِي شَعْبَانَ'. رواه مسلم.
وجه الدلالة: كانت عائشة رضي الله عنها تقضي ما عليها في شعبان وذلك لانشغالها برسول الله صلى الله عليه وسلم مما يدل على جواز التأخير إلى نهاية العام فقط.
ويرى بعض الفقهاء أن القضاء على الفور فمتى تمكن المكلف منه أتى به واستدلوا على ذلك بالآيات الدالة على المسارعة إلى فعل الخيرات، ولكونه أحوط، وإبراءً لذمته.
والراجح هو قول الجمهور أن القضاء على التراخي فيقضي من شوال إلى شعبان
والأفضل للمسلم أن يقضي ما عليه عند التمكن فمتى تمكن من قضاء رمضان بادر إلى القضاء إبراء للذمة. والله أعلى وأعلم.
الشيخ عبد الباري بن محمد خلة