الشيخ عبد الباري بن محمد خلة | الفتاوى | منتشر على مواقع التواصل، العبارة (دِير بالَك علينَا يا الله إحنَا هبل أو شعبنا أهبل) فما حكم ذلك؟

اليوم : السبت 11 شوَّال 1445 هـ – 20 أبريل 2024م
ابحث في الموقع

منتشر على مواقع التواصل، العبارة (دِير بالَك علينَا يا الله إحنَا هبل أو شعبنا أهبل) فما حكم ذلك؟

فتوى رقم: 852
الجواب:

الحمد لله وكفى وسلام على عباده الذين اصطفى أما بعد،

فالله سبحانه تعالى يحب عبده الذي يكثر من السؤال له، ويغضب على من لم يسأله.

وأمرنا الله تعالى بالسؤال فقال: {وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ} [غافر: 60].

قال الإمام ابن القيم رحمه الله تعالى: (والأدعية والتعوذات بمنزلة السلاح، والسلاح بضاربه، لا بحدّه فقط، فمتى كان السلاح سلاحًا تامًا لا آفة به، والساعد ساعدُ قوي، والمانع مفقود؛ حصلت به النكاية في العدو، ومتى تخلف واحد من هذه الثلاثة تخلف التأثير) الداء والدواء (ص: 15).

وللدعاء منزلة عظيمة، فهو العبادة الخالصة لله سبحانه وتعالى، فعَنِ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ، قَالَ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ: [الدُّعَاءُ هُوَ العِبَادَةُ] رواه الترمذي بسند صحيح.

وللدعاء آداب كثيرة منها:

1-  الإخلاص لله تعالى في الدعاء، قال الله تعالى: {وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ} [البينة: 5].

2-  سؤال الله تعالى بأسمائه الحسنى وصفاته العلا، قال الله تعالى: {وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا وَذَرُوا الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَائِهِ سَيُجْزَوْنَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} [الأعراف: 180].

3-  اليقين بالله تعالى، وحضور القلب؛ فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: [ادْعُوا اللَّهَ وَأَنْتُمْ مُوقِنُونَ بِالإِجَابَةِ، وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ لاَ يَسْتَجِيبُ دُعَاءً مِنْ قَلْبٍ غَافِلٍ لاَهٍ]. رواه الترمذي بسند حسن.

4-  الإلحاح في الدعاء، وعدم استعجال الاستجابة، لقول النبي صلى الله عليه وسلم فيما رواه أبو هُرَيْرَةَ: [لَا يَزَالُ يُسْتَجَابُ لِلْعَبْدِ، مَا لَمْ يَدْعُ بِإِثْمٍ أَوْ قَطِيعَةِ رَحِمٍ، مَا لَمْ يَسْتَعْجِل، قِيلَ: يَا رَسُولَ اللهِ مَا الِاسْتِعْجَالُ؟ قَالَ: يَقُولُ: قَدْ دَعَوْتُ وَقَدْ دَعَوْتُ، فَلَمْ أَرَ يَسْتَجِيبُ لِي، فَيَسْتَحْسِرُ عِنْدَ ذَلِكَ، وَيَدَعُ الدُّعَاءَ] رواه مسلم.

5-  الجزم في الدعاء، فعن هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: [لاَ يَقُلْ أَحَدُكُمْ: اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي إِنْ شِئْتَ، ارْحَمْنِي إِنْ شِئْتَ، ارْزُقْنِي إِنْ شِئْتَ، وَليَعْزِمْ مَسْأَلَتَهُ، إِنَّهُ يَفْعَلُ مَا يَشَاءُ، لاَ مُكْرِهَ لَهُ] رواه البخاري.

6-  اختيار أحسن الدعاء وأبينه، وخير الدعاء دعاؤه صلى الله عليه وسلم، ويجوز الدعاء بغيره، فعن جَابِرٍ رضيَ اللهُ عنهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: [أَيُّهَا النَّاسُ، اتَّقُوا اللهَ، وَأَجْمِلُوا فِي الطَّلَبِ] رواه ابن ماجه بسند صحيح.

7-  عدم الاعتداء في الدعاء أو سوء الأدب مع الله عز وجل أو الدعاء بالإثم، قال الله تعالى: {ادْعُواْ رَبَّكُمْ تَضَرُّعاً وَخُفْيَةً إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ} [الأعراف: 55].

وتقدم ما رواه أبو هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم: [لَا يَزَالُ يُسْتَجَابُ لِلْعَبْدِ، مَا لَمْ يَدْعُ بِإِثْمٍ أَوْ قَطِيعَةِ رَحِمٍ...] رواه مسلم.

لكل ما سبق لا ينبغي أن يدعى بهذه العبارة (دِير بالَك علينَا يا الله إحنَا هبل) لأسباب كثيرة منها:

أ‌-    هذا الدعاء فيه سوء أدب مع الله سبحانه.

ب‌- فيه اعتداء في الدعاء.

ت‌- فيه اتهام لأفضل المخلوقات بخفة العقل والبله وهذا نقص والله تعالى كرمنا ومن الذي يقول إن شعبنا فيه خبل وخفة.

ث‌- فيه إيهام بإهمال الله لنا وتخليه عنا أو نسيانه وهذا محال على الله تعالى.

ج‌-  فيه مشابهة بالحوادث فالإنسان الحادث يذكر وينسى أما القديم (الله سبحانه) فحاشاه، قال عز من قائل: {وَمَا كَانَ رَبُّكَ نَسِيًّا} [مريم: 64].

لذا لو قالها الجاهل فلا يكفر بها، لكنه آثم إن قصر في التعلم، وإن قالها من كان عالما بمعناها فلا يخلو من معصية أو شرك والعياذ بالله، فلا بد أن نتعلم الأدب مع الله في كل شيء، والله تعالى أعلى وأعلم.

                    الشيخ عبد الباري بن محمد خلة

الأكثر مشاهدة


لقمة الزقوم والقلاش ذوق الطعام من البضاعة قبل الشراء

الورع

الغفلة

الاشتراك في القائمة البريدية