الشيخ عبد الباري بن محمد خلة | الفتاوى | شيخنا الفاضل / أرجو من فضيلتكم توضح حكم الغناء والمزامير لا سيما انه طلع علينا بعض طلاب العلم الذين يجيزون الغناء والمزامير ..

اليوم : الخميس 16 شوَّال 1445 هـ – 25 أبريل 2024م
ابحث في الموقع

شيخنا الفاضل / أرجو من فضيلتكم توضح حكم الغناء والمزامير لا سيما انه طلع علينا بعض طلاب العلم الذين يجيزون الغناء والمزامير ..

فتوى رقم: 547
الجواب:

الحمد لله وكفى وسلام على عباده الذين اصطفى وبعد:

فالغناء هو شعر: حسنه حسن، وقبيحه قبيح، فإن كان الغناء من غير إيقاع ولا موسيقى، وكانت الكلمات عفيفة وحسنة، ولم يكن قائلها امرأة، فالاستماع إليه مباح، وإن صحبه آلات موسيقية فالراجح عند العلماء الحرمة.

قال الله تعالى: {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَيَتَّخِذَهَا هُزُوًا أُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ مُهِينٌ (6) وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِ آيَاتُنَا وَلَّى مُسْتَكْبِرًا كَأَنْ لَمْ يَسْمَعْهَا كَأَنَّ فِي أُذُنَيْهِ وَقْرًا فَبَشِّرْهُ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ (7) } [لقمان: 6 - 7] .

فتدل الآيتان الكريمتان على أن استماع آلات اللهو والغناء الماجن من أسباب الضلال، وتوعد الله تعالى من فعل ذلك بالعذاب المهين.

وكان عبد الله بن مسعود الصحابي الجليل رضي الله عنه يقسم على أن لهو الحديث هو الغناء.

وعن عَبْد الرَّحْمَنِ بْن غَنْمٍ الْأَشْعَرِيّ قَالَ حَدَّثَنِي أَبُو عَامِرٍ أَوْ أَبُو مَالِكٍ الْأَشْعَرِيُّ وَاللَّهِ مَا كَذَبَنِي سَمِعَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ لَيَكُونَنَّ مِنْ أُمَّتِي أَقْوَامٌ يَسْتَحِلُّونَ الْحِرَ وَالْحَرِيرَ وَالْخَمْرَ وَالْمَعَازِفَ وَلَيَنْزِلَنَّ أَقْوَامٌ إِلَى جَنْبِ عَلَمٍ يَرُوحُ عَلَيْهِمْ بِسَارِحَةٍ لَهُمْ يَأْتِيهِمْ يَعْنِي الْفَقِيرَ لِحَاجَةٍ فَيَقُولُونَ ارْجِعْ إِلَيْنَا غَدًا فَيُبَيِّتُهُمْ اللَّهُ وَيَضَعُ الْعَلَمَ وَيَمْسَخُ آخَرِينَ قِرَدَةً وَخَنَازِيرَ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ رواه البخاري.

والمراد بالحر: الزنى، والمعازف: آلات اللهو.

وحكم الزنى حرام وكذا ما عطف عليه؛ لأن فيه صدا عن سبيل الله، فالواجب على كل مسلم ملتزم أن يبتعد عن هذه المحظورات.

والاستماع إلى الأغاني حرام، وهو من أسباب مرض القلوب وقسوتها، وفيها الصد عن ذكر الله وعن الصلاة.

وذهب فريق من الفقهاء إلى إباحة الطبل والآلات زاعمين أنه لم يرد عن النبي صلى الله عليه وسلم حديث صحيح يحرم ذلك وهذا غير صحيح.

ولكن على المسلم أن يستبدل الغناء والموسيقى بالأناشيد الإسلامية من غير إيقاع، ففيها العِبَر والمواعظ، وفيها ما يثير الحماس والعمل لهذا الدين، وتَبعَثَ في النفس النشاط والهمة، بشرط أن لا يتخذ المسلم ذلك وِرْداً يلتزمه وعادةً ينتهي إليها، بل يروح عن نفسه بين الفينة والفينة، وذلك في المناسبات، كالأعراس ونحوها.

وأفضل من ذلك كله أن يواظب المسلم على تلاوة القرآن وذكر الله تعالى، فإن ذلك أزكَى للنفس وأطهر.

والله تعالى يقول: ' الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ * الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ طُوبَى لَهُمْ وَحُسْنُ مَآبٍ ' الرعد: 28، 29.

وقال الله تعالى: ' اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابًا مُتَشَابِهًا مَثَانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ ذَلِكَ هُدَى اللَّهِ يَهْدِي بِهِ مَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ ' الزمر: 23.

وكان الصحابة رضي الله عنهم يعتنون بالقرآن والسنة حفظاً وعملاً، ومع ذلك كانت لهم أناشيد من غير إيقاع يترنمون بها، ظهرت في حفرِ الخندق وبناء المسجد وفي الجهاد وغيرها.

وعلى طلبة العلم أن يكونوا وقافين عند حدود الله وان ينقلوا الفتاوى التي تزرع في قلوب الشباب الإيمان واليقين وبغض العدو ومجابهته وبيان أخلاق الدين والبعد عن الشبهات وصدق رسول الله '  فَمَنِ اتَّقَى الْمُشَبَّهَاتِ اسْتَبْرَأَ لِدِينِهِ وَعِرْضِهِ،  فعن النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: الْحَلاَلُ بَيِّنٌ، وَالْحَرَامُ بَيِّنٌ، وَبَيْنَهُمًا مُشَبَّهَاتٌ لاَ يَعْلَمُهَا كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ؛ فَمَنِ اتَّقَى الْمُشَبَّهَاتِ اسْتَبْرَأَ لِدِينِهِ وَعِرْضِهِ، وَمَنْ وَقَعَ فِي الشُّبُهَاتِ كَرَاعِي يَرْعَى حَوْلَ الْحِمَى يُوشِكُ أَنْ يُوَاقِعَهُ؛ أَلاَ وَإِنَّ لِكلِّ مَلِكٍ حِمًى، أَلاَ إِنَّ حِمَى اللهِ فِي أَرْضِهِ مَحَارِمُهُ، أَلاَ وَإِنَّ فِي الْجَسدِ مُضْغَةً إِذَا صَلَحَتْ صَلَحَ الْجَسَدُ كُلُّهُ، وَإِذَا فَسَدَتْ فَسَدَ الْجَسَدُ كُلُّهُ، أَلاَ وَهِيَ الْقَلْبُ. رواه البخاري والله أعلى وأعلم.

                       الشيخ عبد الباري بن محمد خلة

الأكثر مشاهدة


لقمة الزقوم والقلاش ذوق الطعام من البضاعة قبل الشراء

الورع

الغفلة

الاشتراك في القائمة البريدية