الشيخ عبد الباري بن محمد خلة | الفتاوى | السلام عليك يا شيخ: ما المقصود بالآية: (الَّذِيَن ءَامَنُوا وَلَم يَلبِسُواْ إِيمَنَهُم بِظُلمٍ أُولَـئكَ لَهُمُ الأَمنُ وَهُم مُّهتَدُونَ) (الانعام:28)

اليوم : الخميس 16 شوَّال 1445 هـ – 25 أبريل 2024م
ابحث في الموقع

السلام عليك يا شيخ:
ما المقصود بالآية: (الَّذِيَن ءَامَنُوا وَلَم يَلبِسُواْ إِيمَنَهُم بِظُلمٍ أُولَـئكَ لَهُمُ الأَمنُ وَهُم مُّهتَدُونَ) (الانعام:28)

فتوى رقم: 486
الجواب:

الحمد لله وكفى، وسلام على عباده الذين اصطفى، وبعد:

فيقول الله تعالى: {الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ أُولَئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ} (الأنعام :28)

والمقصود بالأمن هنا الأمان من عذاب الله يوم القيامة لا الأمن في الدنيا بل لهم في الدنيا الهداية وذلك أن المؤمن مبتلى في الدنيا ولا بد من تمييز المؤمن عن غيره فيكون التمحيص وعلى الدعاة أن يصبروا ولو رجعنا إلى سياق الآية لتبين المراد حيث إن القرآن يتحدث عن قصة هود عليه السلام مع قومه ويتحدث لهم عن العقيدة ثم يقول لهم لا يستوي الفريقان من كان على التوحيد ومن كان على الشرك يوم القيامة فأهل التوحيد آمنون يوم القيامة قال الله تعالى: {فَأَيُّ الْفَرِيقَيْنِ أَحَقُّ بِالأمْنِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ} أي: فأي الطائفتين أصوب؟ الذي عَبَد من بيده الضر والنفع، أو الذي عبد من لا يضر ولا ينفع بلا دليل، أيهما أحق بالأمن من عذاب الله يوم القيامة؟ قال الله تعالى: {الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ أُولَئِكَ لَهُمُ الأمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ} أي: هؤلاء الذين أخلصوا العبادة لله وحده لا شريك، له، ولم يشركوا به شيئا هم الآمنون يوم القيامة، المهتدون في الدنيا والآخرة.

وعن عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه، قَالَ: لَمّا نَزَلَتْ (الَّذينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسوا إِيمانَهُمْ بِظُلْمٍ) شَقَّ ذَلِكَ عَلى الْمُسْلِمينَ؛ فَقالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ أَيُّنا لاَ يَظْلِمُ نَفْسَهُ قَالَ: لَيْسَ ذَلِكَ، إِنَّما هُوَ الشِّرْكُ؛ أَلَمْ تَسْمَعُوا ما قَالَ لُقْمَانُ لاِبْنِهِ وَهوَ يَعِظهُ (يا بُنَيَّ لا تُشْرِكُ بِاللهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ) [رواه البخاري].

وعَنْ جَرِيرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ قَالَ: خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَلَمَّا بَرَزْنَا مِنَ الْمَدِينَةِ إِذَا رَاكِبٌ يُوضِعُ نَحْوَنَا، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ' كَأَنَّ هَذَا الرَّاكِبَ إِيَّاكُمْ يُرِيدُ ' قَالَ: فَانْتَهَى الرَّجُلُ إِلَيْنَا، فَسَلَّمَ، فَرَدَدْنَا عَلَيْهِ، فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ' مِنْ أَيْنَ أَقْبَلْتَ؟ ' قَالَ: مِنْ أَهْلِي وَوَلَدِي وَعَشِيرَتِي، قَالَ: ' فَأَيْنَ تُرِيدُ؟ ' قَالَ: أُرِيدُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: ' فَقَدْ أَصَبْتَهُ ' قَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، عَلِّمْنِي مَا الْإِيمَانُ؟

قَالَ: ' تَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللهِ، وَتُقِيمُ الصَّلَاةَ، وَتُؤْتِي الزَّكَاةَ، وَتَصُومُ رَمَضَانَ، وَتَحُجُّ الْبَيْتَ '، قَالَ: قَدْ أَقْرَرْتُ. قَالَ: ثُمَّ إِنَّ بَعِيرَهُ دَخَلَتْ يَدُهُ فِي شَبَكَةِ جُرْذَانٍ، فَهَوَى بَعِيرُهُ وَهَوَى الرَّجُلُ، فَوَقَعَ عَلَى هَامَتِهِ، فَمَاتَ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ' عَلَيَّ بِالرَّجُلِ ' قَالَ: فَوَثَبَ إِلَيْهِ عَمَّارُ بْنُ يَاسِرٍ وَحُذَيْفَةُ فَأَقْعَدَاهُ فَقَالَا: يَا رَسُولَ اللهِ، قُبِضَ الرَّجُلُ. قَالَ: فَأَعْرَضَ عَنْهُمَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثُمَّ قَالَ لَهُمَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ' أَمَا رَأَيْتُمَا إِعْرَاضِي عَنِ الرَّجُلِ، فَإِنِّي رَأَيْتُ مَلَكَيْنِ يَدُسَّانِ فِي فِيهِ مِنْ ثِمَارِ الْجَنَّةِ، فَعَلِمْتُ أَنَّهُ مَاتَ جَائِعًا ' ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ' هَذَا وَاللهِ مِنَ الَّذِينَ قَالَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ: {الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ أُولَئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ} [الأنعام: 82] قَالَ: ثُمَّ قَالَ: دُونَكُمْ أَخَاكُمْ قَالَ: فَاحْتَمَلْنَاهُ إِلَى الْمَاءِ، فَغَسَّلْنَاهُ وَحَنَّطْنَاهُ، وَكَفَّنَّاهُ وَحَمَلْنَاهُ إِلَى الْقَبْرِ، قَالَ: فَجَاءَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى جَلَسَ عَلَى شَفِيرِ الْقَبْرِ، قَالَ: فَقَالَ: ' أَلْحِدُوا وَلَا تَشُقُّوا، فَإِنَّ اللَّحْدَ لَنَا، وَالشَّقَّ لِغَيْرِنَا ' [رواه أحمد بسند حسن].

وعَنْ سَخْبَرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ أُعْطِيَ فَشَكَرَ، وابْتُلِيَ فَصَبَرَ، وَظَلَمَ فَاسْتَغْفَرَ، وَظُلِمَ فَغَفَرَ»، ثُمَّ سَكَتَ، فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ، مَالَهُ؟ قَالَ: «أُولَئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ» اخرجه الطبراني: المعجم الكبير وحسن إسناده ابن حجر في الفتح انظر: [تفسير ابن كثير (3/ 294)].

وهكذا فالهداية للمؤمنين في الدنيا، والأمن لهم يوم القيامة ذلك أنهم ابتعدوا عن الشرك، وقاموا على التوحيد. والله أعلى وأعلم.

الشيخ عبد الباري بن محمد خلة

الأكثر مشاهدة


لقمة الزقوم والقلاش ذوق الطعام من البضاعة قبل الشراء

الورع

الغفلة

الاشتراك في القائمة البريدية