الشيخ عبد الباري بن محمد خلة | الفتاوى | هل صحيح أن السماء ليست مفتوحة وإن فيها أبواب ولا يستطيع رواد الفضاء العروج إليها إلا من خلال هذه الأبواب وأنها محرمة على الجن والشياطين الولوج إليها وهو سبب مسرى رسولنا الكريم من القدس وعودته إليها وأن هناك آيات تؤكد ذلك كما اكتشفت دراسة علمية حديثة هذا الأمر القرآني ؟

اليوم : الخميس 16 شوَّال 1445 هـ – 25 أبريل 2024م
ابحث في الموقع

هل صحيح أن السماء ليست مفتوحة وإن فيها أبواب ولا يستطيع رواد الفضاء العروج إليها إلا من خلال هذه الأبواب وأنها محرمة على الجن والشياطين الولوج إليها وهو سبب مسرى رسولنا الكريم من القدس وعودته إليها وأن هناك آيات تؤكد ذلك كما اكتشفت دراسة علمية حديثة هذا الأمر القرآني ؟

فتوى رقم: 36
الجواب:

الحمد لله وكفى وسلام على عباده الذين اصطفى وبعد:

فهذا ما أكده الدكتور علي منصور كيالي الباحث السوري أن أبواب السماء ذات حراسة مشددة لا يستطيع مردة الجن والشياطين المرور من خلالها، بينما يستطيع رواد الفضاء الولوج من خلالها تسهيلا من الحق سبحانه لعالم الأنس حتى يريهم آياته العظيمة في الآفاق كما أشارت إلى ذلك الآية الكريمة، وبين أن السماء ليست فضاء مفتوحا كما يعتقد بعض الناس وإنما هي عبارة عن أبواب لا يمكن العروج الا من خلالها.

واستشهد بقول الله تعالى: (وَلَوْ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَابًا مِنَ السَّمَاءِ فَظَلُّوا فِيهِ يَعْرُجُونَ) (سورة الحجر: 14).

فالسماء ليست فضاء مفتوحا، ففي سورة النبأ {وَفُتِحَتِ السَّمَاءُ فَكَانَتْ أَبْوَابًا (19)} [النبأ: 19] فيقول: لا يوجد أحد يفتح بابا داخل الفراغ فالسماء بالنسبة لنا هي فراغ، وأول من اكتشف هذه الحقيقة هم الجن، قال الحق تعالى: {وَأَنَّا لَمَسْنَا السَّمَاءَ فَوَجَدْنَاهَا مُلِئَتْ حَرَسًا شَدِيدًا وَشُهُبًا (8) وَأَنَّا كُنَّا نَقْعُدُ مِنْهَا مَقَاعِدَ لِلسَّمْعِ فَمَنْ يَسْتَمِعِ الْآنَ يَجِدْ لَهُ شِهَابًا رَصَدًا (9)} [الجن: 8، 9] فالحرس يكون على الأبواب.

ومن خلال تلك الابواب هناك شهب تقوم بعملية الرصد وليس الرجم العشوائي قال الله تعالى: (وَأَنَّا كُنَّا نَقْعُدُ مِنْهَا مَقَاعِدَ لِلسَّمْعِ فَمَنْ يَسْتَمِعِ الْآَنَ يَجِدْ لَهُ شِهَابًا رَصَدًا) [الجن: 9، وقال الله تعالى: (إِلَّا مَنْ خَطِفَ الْخَطْفَةَ فَأَتْبَعَهُ شِهَابٌ ثَاقِبٌ)

} الصافات

فكيف الانسان يعبر هذه المنقطة بمكوك فضاء بينما المارد وهو الجن وهو جسم غير المرئي يجد له شهابا رصدا؟ وهذا إذن إلهي للبشرية كما قال سبحانه: {سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ (53) أَلَا إِنَّهُمْ فِي مِرْيَةٍ مِنْ لِقَاءِ رَبِّهِمْ أَلَا إِنَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ مُحِيطٌ (54)} [فصلت: 53، 54] وهذا دليل علمي متطور جدا، وقد تمت عملية المعراج من فوق القدس ولم تتم من مكة مباشرة لأن هناك أبوابا الى السماء فوق القدس ولم تكن تلك الأبواب موجودة في سماء مكة.

وهناك سورة تسمى سورة الاسراء فالإسراء كما هو معلوم هي الحركة الافقية والمعراج هي الحركة العمودية - إليه تعرج -، وإن الله سبحانه وتعالى رفع اثنين من أنبيائه من القدس وهما سيدنا عيسى وسيدنا محمد عليهما الصلاة والسلام وحتى أثناء عودة سيدنا محمد كانت أيضا الى القدس ولم تكن الى مكة المكرمة

ويقول الباحث: إنه ثبت علميا أن السماء هي عبارة عن أبواب ولا يمكن العروج إلا من هذه الأبواب التي أذن الله سبحانه للعروج من خلالها

ويقول الدكتور زغلول النجار: يقول الحق تبارك وتعالى في محكم كتابه:(وَلَوْ فَتَحْنَا عَلَيْهِم بَاباً مّنَ السّمَاءِ فَظَلّواْ فِيهِ يَعْرُجُونَ . لَقَالُواْ إِنّمَا سُكّرَتْ أَبْصَارُنَا بَلْ نَحْنُ قَوْمٌ مّسْحُورُونَ ) (سورة الحجر: الآيتان 15,14 ).

وهاتان الآيتان وردتا في سياق الحديث عن عناد ومكابرة كفار قريش لخاتم الأنبياء والمرسلين صلى الله عليه وسلم

وتكذيبهم ببعثته وتشكيكهم في الوحي.

يقول ربنا تبارك وتعالى: حتى لو فتح الله – تعالى- على هؤلاء المكابرين بابا من السماء وأعانهم على الاستمرار بالعروج فيه بأجسادهم وكامل حواسهم حتى يطلعوا على بديع صنع الله في ملكوته لشكوا في تلك الرؤية المباشرة، وكذبوا أبصارهم وعقولهم وكافة حواسهم, ولاتهموا أنفسهم بالعجز التام عن الرؤية تارة, وبالوقوع تحت تأثير السحر تارة أخرى, وذلك في محاولة لإنكار الحق من فرط مكابرتهم وصلفهم وعنادهم.!!

وعلى الرغم من كون «لو» حرف امتناع لامتناع, وكون هاتين الآيتين الكريمتين قد وردتا في مقام التمثيل والتصوير لحال المكابرين من الكفار وعنادهم وصلفهم إلا أن هناك لمحات إعجازية منها:

1.              اللمحة الأولى: قد وردت في قول الحق تبارك وتعالى:(وَلَوْ فَتَحْنَا عَلَيْهِم بَاباً مّنَ السماء) مما يؤكد على أن السماء ليست فراغا كما كان يعتقد الناس إلى عهد قريب, حتى ثبت لنا أنها بنيان محكم يتعذر دخوله إلا عن طريق أبواب تفتح للداخل فيه.

والسماء لغة: هي كل ما علاك فأظلك.

واصطلاحا هي ذلك العالم العلوي الذي نراه فوق رؤوسنا بكل ما فيه من أجرام.

وعلميا : هي كل ما يحيط بالأرض بدءًا من غلافها الغازي, وانتهاءً بحدود الكون المدرك.

وقبل سنوات قليلة لم يكن أحد من الناس يعلم أن السماء على اتساعها ليست فراغًا, ولكنها مليئة بالمادة على هيئة رقيقة للغاية.

وعلى ذلك فقد أثبتت الدراسات الحديثة أن السماء بناء محكم, تملؤه المادة والطاقة, ولا يمكن اختراقه إلا عن طريق أبواب تفتح فيه, وهو ما أكده القرآن الكريم قبل ألف وأربعمائة سنة في أكثر من آية صريحة, ومنها الآية الكريمة التي نحن بصددها (وَلَوْ فَتَحْنَا عَلَيْهِم بَاباً مّنَ السّمَاء) وهي شهادة صدق على أن القرآن الكريم هو كلام الله الخالق, الذي أبدع هذا الكون بعلمه وحكمته وقدرته, وأنزل القرآن الكريم بعلمه الحق.

2.              اللمحة الإعجازية الثانية:

وتتضح من وصف الحركة في السماء بالعروج:( فَظَلّواْ فِيهِ يَعْرُجُون) والعروج لغة هو سير الجسم في خط منعطف مُنْحَنٍ فقد ثبت علميا أن حركة الأجسام في الكون لا يمكن أن تكون في خطوط مستقيمة, بل لا بد لها من الانحناء نظرا لانتشار المادة والطاقة في كل الكون, وتأثير كل من جاذبية المادة على حركة الأجرام

ولولا المعرفة الحقيقية لعروج الأجسام في السماء لما تمكن الإنسان من إطلاق الأقمار الصناعية, ولما استطاع ريادة الفضاء حيث أصبح من الثابت أن كل جرم متحرك في السماء مهما كانت كتلته محكوم بكل من القوى الدافعة له وبالجاذبية مما يضطره إلى التحرك في خط منحن يمثل محصلة كل من قوى الجذب والطرد المؤثرة فيه, وهذا ما يصفه القرآن الكريم بالعروج, وهو وصف التزم به هذا الكتاب الخالد في وصفه لحركة الأجسام في السماء في خمس آيات متفرقات وذلك قبل ألف وأربعمائة سنة من اكتشاف الإنسان لتلك الحقيقة الكونية المبهرة.

1.              قال الله تعالى: {وَلَوْ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَابًا مِنَ السَّمَاءِ فَظَلُّوا فِيهِ يَعْرُجُونَ} [الحجر: 14].

2.              قال الله تعالى: {ثُمَّ يَعْرُجُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ أَلْفَ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ} [السجدة: 5].

3.              قال الله تعالى: {يَعْلَمُ مَا يَلِجُ فِي الْأَرْضِ وَمَا يَخْرُجُ مِنْهَا وَمَا يَنْزِلُ مِنَ السَّمَاءِ وَمَا يَعْرُجُ فِيهَا وَهُوَ الرَّحِيمُ الْغَفُورُ} [سبأ: 2].

4.              قال الله تعالى: {يَعْلَمُ مَا يَلِجُ فِي الْأَرْضِ وَمَا يَخْرُجُ مِنْهَا وَمَا يَنْزِلُ مِنَ السَّمَاءِ وَمَا يَعْرُجُ فِيهَا وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ} [الحديد: 4].

5.              قال الله تعالى: {تَعْرُجُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ إِلَيْهِ} [المعارج: 4].

اللمحة الإعجازية الثالثة:

وقد وردت في قول الحق تبارك وتعالى: (لَقَالُواْ إِنّمَا سُكّرَتْ أَبْصَارُنَا بَلْ نَحْنُ قَوْمٌ مّسْحُورُونَ ) ومعنى (سُكّرَتْ أَبْصَارُنَا ) أُغْلِقَتْ عيوننا وسدت, أو غشيت وغُطِّيَتْ لتمنع من الإبصار, وحينئذ لا يرى الإنسان إلا الظلام.

فسبحان الذي أخبرنا بهذه الحقيقة الكونية قبل اكتشاف الإنسان لها بألف وأربعمائة سنة, فشبه الذي يعرج في السماء بمن سكر بصره فلم يعد يرى غير ظلام الكون الشامل, أو بمن اعتراه شيء من السحر فلم يعد يدرك شيئًا مما حواليه, وكلا التشبيهين تعبير دقيق عما أصاب رواد الفضاء الأوائل حين عبروا نطاق النهار إلى ظلمة الكون فنطقوا بما يكاد أن يكون تعبير الآية القرآنية دون علم بها:( إِنّمَا سُكّرَتْ أَبْصَارُنَا بَلْ نَحْنُ قَوْمٌ مّسْحُورُونَ )  .

هذا باختصار ما ذكره الباحث الفيزيائي وهذا مجرد اكتشافات علمية لسنا ملزمين بتصديقها غير أن بعضها لا يتعارض مع ما جاء به القرآن والسنة وبعضها ربما يكون تكلفا من الباحث ولي على ذلك بعض الملاحظات:

1.              إن رسول الله صلى الله عليه وسلم في معراجه وبصبحة جبريل كانا يستأذنان فتفتح لهما الأبواب ففي الحديث: ثُمَّ عَرَجَ بِنَا إِلَى السَّمَاءِ الدنيا فَاسْتَفْتَحَ جِبْرِيلُ فَقِيلَ: مَنْ أَنْتَ؟ قَالَ: جِبْرِيلُ. قِيلَ: وَمَنْ مَعَكَ؟ قَالَ: مُحَمَّدٌ. قِيلَ: وَقَدْ بُعِثَ إِلَيْهِ؟ قَالَ: قَدْ بُعِثَ إِلَيْهِ. فَفُتِحَ لَنَا).

وأظن أن الفتح يختلف فالسماء التي عناها الحديث ليست هي السماء التي يعنيها الفلكيون وظني أن كل ما وصل إليه هؤلاء دون ما وصل إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم وعليه فلا تعارض حيث أثبت الله للسماء أبوابا

2.              وأما لماذا تطلق الأقمار الصناحية من أماكن معينة كمركز كاب كانا في فلوريدا في أمريكا، وقاعدة بايكونور الروسية في كازاخستان ، وقاعدة كورو الفرنسية في غويانا

والسبب في اختيار هذه المناطق كما يقول العلماء أنها قريبه من خط الاستواء وسرعة الارض عند خط الاستواء أسرع من غيرها، فتعطيها سرعة إضافية بسبب دوران الأرض فتقلل كمية الوقود التي يحتاجها الصاروخ من أجل الخلاص من الجاذبيه الارضيه

وليس كما يظن أنه لا يتمكن الصاروخ من العبور إلا من هذه الأماكن والله أعلم.

3.              أما قول الله تعالى: (وَلَوْ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَابًا مِنَ السَّمَاءِ فَظَلُّوا فِيهِ يَعْرُجُونَ)

فإن حرف لو في اللغة حرف امتناع لامتناع، والمعنى أنه على سبيل افتراض المستحيل فكان ذلك تحديا من القرآن لهؤلاء المعاندين بغض النظر عن الحقيقة وإن كان لا يمنع ذلك وجود أبواب في السماء. 

4.              أما الآية التي في سورة النبأ (وَفُتِحَتِ السَّمَاءُ فَكَانَتْ أَبْوَابًا). فهذا إخبار إلى ما يكون يوم القيامة بغض النظر عن الواقع لأن سياق الآية جاءت بذلك.

5.              ولماذا تمت عملية المعراج من فوق القدس ولم تتم من مكة مباشرة ليس لعدم وجود أبواب في مكة فالله قادر أن يفتح أبوابا فيها فيعرج برسوله منه لكن الحكمة والله أعلم كما قالوا هو بيان فضل بيت المقدس وانه محط عناية الله فأسرى بنبيه إليه بل وعرج منه إلى السماء ليربطه بأهلها ليكون ذلك أشرف لبيت المقدس حيث ربطت بالسماء وأهلها.

وفي الختام فإن قدرت الله في هذا الكون لا يعرفها إلا الذي خلق هذا الكون وما أوتي العلماء من اكتشافات إلا قليلا وذلك القليل من علم الله ليدلهم عليه سبحانه وبإذن منه كما قال: {سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ (53) أَلَا إِنَّهُمْ فِي مِرْيَةٍ مِنْ لِقَاءِ رَبِّهِمْ أَلَا إِنَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ مُحِيطٌ (54)} [فصلت: 53، 54]

وأما أن الجن هم أول من اكتشف الأبواب في السماء فهذا فيه تكلف فالذي حصل أنهم كانوا يسترقون السمع بإذن الله فيصعدون إلى السماء فلما ولد نبينا محمد صلى الله عليه وسلم لم يمكنوا من ذلك وكلما صعد واحد منهم رمي بالشهب لكن هل كل باب عليه شهاب لا يعلم ذلك إلا الله وهو غني عن ذلك بل كما قال الله تعالى: {إِنَّا زَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِزِينَةٍ الْكَوَاكِبِ (6) وَحِفْظًا مِنْ كُلِّ شَيْطَانٍ مَارِدٍ (7) لَا يَسَّمَّعُونَ إِلَى الْمَلَإِ الْأَعْلَى وَيُقْذَفُونَ مِنْ كُلِّ جَانِبٍ (8) دُحُورًا وَلَهُمْ عَذَابٌ وَاصِبٌ (9) إِلَّا مَنْ خَطِفَ الْخَطْفَةَ فَأَتْبَعَهُ شِهَابٌ ثَاقِبٌ (10) } [الصافات: 6 - 11]

فهذه هي وظيفة الكواكب ولله في خلق شئون أمور يبديها ولا يبتديها يرفع أقواما ويخفض آخرين كل ذلك: {وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا (85)} [الإسراء: 85]

وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.

      الشيخ عبد الباري بن محمد خلة

الأكثر مشاهدة


لقمة الزقوم والقلاش ذوق الطعام من البضاعة قبل الشراء

الورع

الغفلة

الاشتراك في القائمة البريدية