الشيخ عبد الباري بن محمد خلة | الفتاوى | هل تجوز النظرة الشرعية عند الخطبة؟

اليوم : الإثنين 27 شوَّال 1445 هـ – 06 مايو 2024م
ابحث في الموقع

هل تجوز النظرة الشرعية عند الخطبة؟

فتوى رقم: 35
الجواب:

الحمد لله وكفى وسلام على عباده الذين اصطفى وبعد:

فيقول الله تعالى: {قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ (30) } [النور: 30]

والزواج هو السكن الذي يأوي إليه المرء وله مقاصد شرعية وليس مجرد لذة وينتهي الأمر عندها.

إن الزواج في الإسلام عبارة عن إقامة مؤسسة أسرية تكون نواة في المجتمع الكامل، وبالزواج يحقق الإنسان طاعة الله ورسوله ويعف نفسه وزوجته ويشبع غريزته وينجب أطفالا تعمر الأرض؛ لذا لا بد أن يستديم هذا النكاح ويستمر ويؤتي ثماره من أجل ذلك شرع الإسلام النظر إلى المخطوبة قبل الخطبة وإتمام العقد ليكون ذلك سببا في إدامة هذا الزواج فعَنْ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ أَنَّهُ خَطَبَ امْرَأَةً فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ انْظُرْ إِلَيْهَا فَإِنَّهُ أَحْرَى أَنْ يُؤْدَمَ بَيْنَكُمَا رواه الترمذي بسند صحيح

ومن محاسن النظرة الشرعية للزوجين أنها ترطب الحياة الزوجية وتجعلها محفوفة بالسعادة، قال الأعمش: كل تزويج يقع على غير نظر فآخره هم وغم.

وقد ذهب الفقهاء إلى أن من أراد نكاح امرأة فله أن ينظر إليها.

ويجوز للمرأة أن تنظر إلى الرجل كما يجوز له أن ينظر إليها وليس النظر خاصا به دونها غير أن الغالب في المرأة الخجل لذا جاءت الأحاديث جلها تذكر رؤية الرجل فعن أبي هريرة رضي الله عنه، قال : كُنْتُ عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَتَاهُ رَجُلٌ فَأَخْبَرَهُ أَنَّهُ تَزَوَّجَ امْرَأَةً مِنْ الأَنْصَارِ، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَنَظَرْتَ إِلَيْهَا ؟ قَالَ: لا، قَالَ: فَاذْهَبْ فَانْظُرْ إِلَيْهَا، فَإِنَّ فِي أَعْيُنِ الأَنْصَارِ شَيْئًا. رواه مسلم .

وقَالَ عُمَرُ: لاَ تُكْرِهُوا فَتَيَاتِكُمْ عَلَى الرَّجُلِ الدَّمِيمِ فَإِنَّهُنَّ يُحْبِبْنَ مِنْ ذَلِكَ مَا تُحِبُّونَ. مصنف ابن أبي شيبة

وعَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- « إِذَا خَطَبَ أَحَدُكُمُ الْمَرْأَةَ فَإِنِ اسْتَطَاعَ أَنْ يَنْظُرَ إِلَى مَا يَدْعُوهُ إِلَى نِكَاحِهَا فَلْيَفْعَلْ ». قَالَ فَخَطَبْتُ جَارِيَةً فَكُنْتُ أَتَخَبَّأُ لَهَا حَتَّى رَأَيْتُ مِنْهَا مَا دَعَانِى إِلَى نِكَاحِهَا وَتَزَوُّجِهَا فَتَزَوَّجْتُهَا. رواه أبو داود بسند حسن.

أما المقدار الذي يجوز للخاطب أن ينظر إليه فقد كان موطن خلاف بين الفقهاء لكن الراجح ما ذهب إليه الجمهور من المالكية والشافعية ورواية عن أحمد وغيرهم أنه يجوز للخاطب النظر إلى الوجه والكفين فقط، ذلك أن هذا القدر من الرؤية يؤدي الغرض فإن الوجه يستدل به على الجمال أو ضده، وأما الكفان فيستدل بهما على خصوبة البدن ولونه وذلك كاف في تحقيق الرغبة في المرأة من عدمها.

أما غير ذلك من مواطن فلا يجوز لأن ذلك من العبث فيستطيع الخاطب أن يرى الوجه والكفين مباشرة وإن أراد شيئا آخر يستدل عليه فليرسل إحدى النساء القريبات يرين ما يبتغي وتخبره بذلك حتى نقلل من رؤية الرجل للمرأة الأجنبية فقد يختار هذا الخاطب مخطوبته وقد يرفضها لذا لا بد من النظر الضروري فقط وليكن أمينا لا يحدث أحدا عن تلك المخطوبة في حال عدم خطبتها.

وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.

        الشيخ عبد الباري بن محمد خلة

الأكثر مشاهدة


لقمة الزقوم والقلاش ذوق الطعام من البضاعة قبل الشراء

الورع

الغفلة

الاشتراك في القائمة البريدية