الشيخ عبد الباري بن محمد خلة | الفتاوى | حكم الاقتراض من مال اليتيم

اليوم : الثلاثاء 14 شوَّال 1445 هـ – 23 أبريل 2024م
ابحث في الموقع

حكم الاقتراض من مال اليتيم

فتوى رقم: 29
الجواب:

عن أكل مال اليتيم بداعي الحفاظ على الأموال وذلك من قبل العم أو الخال 

باستدانة مبالغ مالية كبيرة مثلاً من زوجة أخيهم المتوفى وعدم سدها والممطالة في سدادها

وواجب هؤلاء الأعمام نحو أبناء أخيهم خاصة وأن الزوجة تكون وحيدة وغير قادرة على تربية أبنائها بشكل كامل 

الحمد لله وكفى وسلام على عباده الذين اصطفى وبعد:

فيقول الله تعالى: {وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْيَتَامَى قُلْ إِصْلَاحٌ لَهُمْ خَيْرٌ وَإِنْ تُخَالِطُوهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ الْمُفْسِدَ مِنَ الْمُصْلِحِ وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَأَعْنَتَكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (220) } [البقرة: 220، 221]

ويقول: {وَلَا تَقْرَبُوا مَالَ الْيَتِيمِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ حَتَّى يَبْلُغَ أَشُدَّهُ (152) } [الأنعام: 152

ويقول الله تعالى : ( وَلا تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ أَمْوَالَكُمُ الَّتِي جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ قِيَامًا وَارْزُقُوهُمْ فِيهَا وَاكْسُوهُمْ وَقُولُوا لَهُمْ قَوْلا مَعْرُوفًا . وَابْتَلُوا الْيَتَامَى حَتَّى إِذَا بَلَغُوا النِّكَاحَ فَإِنْ آَنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْدًا فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ وَلا تَأْكُلُوهَا إِسْرَافًا وَبِدَارًا أَنْ يَكْبَرُوا وَمَنْ كَانَ غَنِيًّا فَلْيَسْتَعْفِفْ وَمَنْ كَانَ فَقِيرًا فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ فَإِذَا دَفَعْتُمْ إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ فَأَشْهِدُوا عَلَيْهِمْ وَكَفَى بِاللَّهِ حَسِيبًا ) النساء /5،6 .

وكفالة اليتيم من أعمال الخير ، يقول النبي صلى الله عليه وسلم : (أَنَا وَكَافِلُ الْيَتِيمِ فِي الْجَنَّةِ هَكَذَا وَأَشَارَ بِالسَّبَّابَةِ وَالْوُسْطَى وَفَرَّجَ بَيْنَهُمَا شَيْئًا) رواه البخاري.

وعَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ أَنَّ رَجُلاً أَتَى النَّبِىَّ -صلى الله عليه وسلم- فَقَالَ إِنِّى فَقِيرٌ لَيْسَ لِى شَىْءٌ وَلِى يَتِيمٌ. قَالَ فَقَالَ « كُلْ مِنْ مَالِ يَتِيمِكَ غَيْرَ مُسْرِفٍ وَلاَ مُبَادِرٍ وَلاَ مُتَأَثِّلٍ ».. رواه أبو داود بسند حسن

وأكل مال اليتيم بالباطل من السبع الموبقات المهلكات

ويجب على ولي اليتيم أن يحسن الرعاية والتربية له ، وإذا كان له مال فلا بد من حفظه وتنميته

وإن كان الولي غنيّاً فليستعفف عن ماله ، وإن كان فقيراً عليه أن يأكل بالمعروف.

قال ابن كثير في قوال الله تعالى: ( ولا تأكلوها إسرافاً وبداراً أن يكبروا ) ينهى تعالى عن أكل أموال اليتامى من غير حاجة ضرورية ( إسرافاً وبداراً ) أي : مبادرة قبل بلوغهم ، ثم قال تعالى : ( ومن كان غنيّاً فليستعفف ) عنه ولا يأكل منه شيئاً ، وقال الشعبي : هو عليه كالميتة والدم ، ( ومن كان فقيراً فليأكل بالمعروف ) نزلت في والي اليتيم الذي يقوم عليه ويصلحه إذا كان محتاجاً أن يأكل منه ، عن عائشة قالت : أنزلت هذه الآية في والي اليتيم ( ومن كان غنيّاً فليستعفف ومن كان فقيراً فليأكل بالمعروف ) بقدر قيامه عليه .

( ومن كان غنياً فليستعفف ) يعني : من الأولياء ، ( ومن كان فقيراً ) أي : منهم ، ( فليأكل بالمعروف ) أي : بالتي هي أحسن ، كما قال في الآية الأخرى : ( ولا تقربوا مال اليتيم إلا بالتي هي أحسن حتى يبلغ أشده ) أي : لا تقربوه إلا مصلحين له ، فإن احتجتم إليه أكلتم منه بالمعروف . ' تفسير ابن كثير ' ( 1 / 454 ، 455 ).

وما أجمل ما رواه أَبو سَعِيدٍ الْخدْرِيِّ رضي الله عنه، أَنَّ نَاسًا مِنَ الأَنْصَارِ، سَأَلُوا رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَأَعْطَاهُمْ، ثُمَّ سَأَلُوهُ فَأَعْطَاهُمْ، حَتَّى نَفِدَ مَا عِنْدَهُ، فَقَالَ: مَا يَكُونُ عِنْدِي مِنْ خَيْرٍ فَلَنْ أَدَّخِرَهُ عَنْكُم، وَمَنْ يَسْتَعْفِفْ يُعِفَّهُ اللهُ، وَمَنْ يَسْتَغْنِ يُغْنِهِ اللهُ، وَمَنْ يَتَصَبَّرْ يُصَبِّرْهُ اللهُ، وَمَا أُعْطِيَ أَحَدٌ عَطَاءً خَيْرًا وَأَوْسَعَ مِنَ الصَّبْرِ. رواه البخاري

وعليه فيجب على ولي اليتيم من عم أو خال أو أم أو غيرهم أن يحافظوا على مال اليتيم ولا يأكلوا منه شيئا إلا في الحدود الشرعية التي وضحتها وبالتالي فاستخدام الولي للمال لا بد أن يكون لمصلحة اليتيم فقط ولا يجوز له أن يقترض منه شيئا ولا يقرض غيره إلا إذا كان هذا الفعل لمصلحة اليتيم نفسه كأن كان الولي فقيرا وأراد الاقتراض من مال اليتيم حتى يستطيع رعاية اليتيم بشرط أن يحفظ هذا المال ويوثق ذلك عنده حتى يحفظ هذا المال

كل ذلك وغيره للمحافظة على مال اليتيم خوفا عليه من الضياع والهلاك ومن وقف على النصوص التي تحذر من أكل مال اليتيم فإنه يحجم عن أي مخالفة لا تكون لمصلحة اليتيم. والله أعلى وأعلم.

   الشيخ عبد الباري بن محمد خلة

الأكثر مشاهدة


لقمة الزقوم والقلاش ذوق الطعام من البضاعة قبل الشراء

الورع

الغفلة

الاشتراك في القائمة البريدية