الشيخ عبد الباري بن محمد خلة | الفتاوى | حكم التجارة الإلكترونية والربح عن طريق الإنترنت والتسويق الشبكي.

اليوم : الجمعة 19 رمضان 1445 هـ – 29 مارس 2024م
ابحث في الموقع

حكم التجارة الإلكترونية والربح عن طريق الإنترنت والتسويق الشبكي.

فتوى رقم: 26
الجواب:

الحمد لله وكفى وسلام على عباده الذين اصطفى وبعد:

فللبيع والشراء أركان وشروط لا بد منها أذكرها باختصار:

1.              التراضي بين البائع والمشتري.

2.              كون العاقد جائز التصرف.

3.              أن يكون البائع مالكاً للمبيع.

4.              كون المبيع منتفعا به وطاهرا وحلالا.

5.               أن يكون المعقود عليه مقدوراً على تسليمه.

6.              أن يكون المعقود عليه معلوماً لكل منهما برؤيته ومشاهدته عند العقد.

7.              أن يكون الثمن معلوماً.

إلى غير ذلك من شروط وعلى تفصيلات بين الفقهاء.

فلو باع الإنسان أو اشترى بهذه الشروط فلا بأس سواء أكان البيع بالطريقة التقليدية أم بالطريقة المعاصرة-الإلكترونية

وعند التعامل مع الشركات لا بد أن تكون هذه الشركات حقيقية لا وهمية وأن لا تتعامل بالربا ولا بالحرام ولا بالغش ولا بالخداع ولا يكون هناك غرر ولا تدليس.

وطريقة الكسب في الإسلام مبنية على الجهد أو المال فالربح عن طريق النت تخالف ذلك فقد قال بعضهم: اربح وأنت جالس تشاهد التليفزيون وربح من غير خسارة وهذا ينافي ما قرره الإسلام.

فبعض الشركات يعلنون عن شراء عملاء وهذا لا يجوز لوجود الغرر؛ وحقيقة شراء المشترك أو تأجيره لا تخلو من القمار والغرر.

وكثير من المواقع تقوم على بيع الوهم للناس باسم البيع والإجارة.

وأحيانا يكون المبلغ المدفوع مقابل منفعة على وجه التأبيد (وهو الانتفاع بالصفحة التابعة للموقع)، وبيع المنافع على وجه التأبيد لا يجوز.

وبعض المواقع يدخل المشترك الموقع الربحي ويكون الربح بصورة عشوائية وهذا العقد فيه غرر فاحش وربما فيه من القمار المحرم، لأن المشترك يدفع مبلغاً من المال بقصد الربح وربما يحصل أو لا يحصل.

وبعض الشركات الربحية تشترط للمتعامل معها حصوله أرباحاً معينة مع ضمان رأس المال وهذا ربا.

فلو كانت هذه المعاملة مضاربة فلا بد أن يكون المال من طرف والعامل من طرف آخر وشرطه أن الربح للطرفين وأما الخسارة فعلى رب المال فقط وهذا لا يتحقق في هذه الشركات.

فلا يجوز التزام الشركة بدفع ربح ثابت ولا يجوز ضمان رأس المال.

وهناك بعض الشركات تشرط على المشترك دفع مبالغ مقابل الحصول على ميزات أكثر في هذا الاشتراك، وهذا من أكل أموال الناس بالباطل.

وبعض الشركات تقول لك ستربح دائماً ربحا لا يقل عن  2% أو 100% وهذا لا يجوز.

وبعض الشركات تدفع للأعضاء مبالغ حتى يضغطوا على الإعلان وينتظروا ثلاثين ثانية وكثير من المشتركين لا يفعلون ذلك حتى ينتقلوا إلى إعلان في شركة أخرى للجري خلف المال من غير رعاية لشروط التجارة الصحيحة.

وهناك برنامج الأوتو كليك حيث تضغط على الإعلانات تلقائيا فتربح وهذا نوع من أشكال النصب والغش والخداع.

 فمثلا شركة عدد أعضائها حوالى سبعة مليون منهم حوالى ثلاثة مليون أعضاء حقيقية.

والباقون أعضاء وهميون يقوم بإعدادهم أدمن الشركة ليبيعهم كريفرال إلى الأعضاء فأربعة ملايين عضو يضغطون على الإعلانات بسيستم معين فلا يستفيد المعلنون بأي إعلان وهذا من باب الغش والخداع والتدليس وأكل أموال الناس بالباطل  والميسر قال الله تعالى : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالأَنْصَابُ وَالأَزْلامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ) سورة المائدة آية 90 ، وقال الله تعالى: ( وَلا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ ) سورة البقرة آية 188 ، وقال ﷺ: ( إن دماءكم وأموالكم عليكم حرام كحرمة يومكم هذا في بلدكم هذا في شهركم هذا ) رواه مسلم

وهناك ما يسمى بنظام التسويق الشبكي وفيه من المحاذير ما فيه

1.    هذه المعاملة فيها غرر وميسر وهو محرم، فالمشترك لا يُسهم في هذه المعاملة إلاَّ بغرض العوض المالي ويكون جلبه للمال بقدر إحضاره الزبون فيزيد العائد أو ينقص وربما يخسر لأنه لا بد من تحقيق شروط الشركة فهنا الغرر وهو منهي عنه فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: «نَهَى رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ بَيْعِ الْحَصَاةِ وَعَنْ بَيْعِ الْغَرَرِ» رواه مسلم

والغرر كل ما كان مجهول العاقبة.

2.    تشتمل مثل هذه المعاملات غالبا على الربا سواء أكان جليا أم خفيا.

3.    فيها من الخداع والتضليل والكذب كإقناع الزبائن بالسلعة ولو كانت فاسدة أو رديئة أو ما شابه وربما كانت البضاعة أغلى من الثمن الأصلي

4.    هذه المعاملة تشتمل على الظلم لأن هذه المعاملات تعتمد في ترويج سلعها بطريق الدعاية لا الجودة

لكل ما سبق أستطيع القول بحرمة هذه المعاملة والمعاملات السابقة، وطالما أننا لسنا مضطرين إلى مثل هذه المعاملات فلا ينبغي العمل بها ولا الترويج لها ويبدو من استقراء العملاء الذين يعملون بهذه المعاملات خاصة من الدول العربية هم من الشباب عاطلي العمل وليس لهم خبرة بتجارة ولا غيرها من معاملات وهمهم جمع المال بغض النظر عن مصدره وهذا ليس غاية المواطن الصالح الذي يعمل على رقي بلده ونمو اقتصاده

ولا ننسى أن العمل ضمن هذه المجموعات والسماسرة والوسطاء والمخلصين وسيلة من وسائل الركود الاقتصادي وسبب في شللية المجتمع وتفاقم المشكلات فيه ويساعد على ترك الشباب للعمل والانهماك بما لا يحقق المصلحة العامة وربما هذه الوسائل إن صحت هناك في العالم الغربي فلا تجدي في عالمنا الإسلامي لأن ديننا وثقافتنا لا يصلح له شيء من ذلك

وأعتقد أن هناك طرقا كثيرة من طرق الحلال ومن تحرى الحلال وفق إليه ومن حرص على الحرام والشبهات فلن يجني إلا المزيد من الخسارة والضياع في الدنيا قبل الآخرة.

فعلى الشباب أن يشغلوا أنفسهم بالأهم عن المهم وبالمهم عن غيره وليكونوا معاول بناء في المجتمع قادة في الميادين.

لذلك فمثل هذه المعاملات محرمة شرعا وحقيقة أنا شخصيا لا أحبذ المعاملات المعقدة التي ربما لا يفهمها الإنسان ويتعرف على طريقتها إلا بمشقة لماذا هذه التعقيدات لأن الخفاء يكون سمتها وهدفها أن يرش السم على العسل وإلا فالمعاملة لا بد أن تكون بسيطة في تركيبها سهلة في التعامل معها.

وأسأل الله القدير أن يبصرنا بالحلال وأن يبعدنا عن الحرام بل وعن الشبهات وأن يهدي شباب الأمة لما يحب ويرضى.

            الشيخ عبد الباري بن محمد خلة

الأكثر مشاهدة


لقمة الزقوم والقلاش ذوق الطعام من البضاعة قبل الشراء

الورع

الغفلة

الاشتراك في القائمة البريدية