الحمد لله وكفى وسلام على عباده الذين اصطفى وبعد:
فوردت كلمة المطر في القرآن الكريم سبع مرات؛ لتحمل معنى العذاب.
أما كلمة الغيث فوردت ثلاث مرات؛ لتحمل معنى الرحمة.
وبعض المعاجم العربية لا يفرق بينهما.
لكن الثعالبي في كتابه فقه اللغة يقول: هناك فرق في الاستعمال، فلم يأت المطر في القرآن إلا للعذاب.
أما الزمخشري، فقد فرق بين مُطر وأمَطر، حيث قال: مطرت بالخير، وأمطرت في العذاب، وجاء بنماذج لهما: قال الله تعالى: {وَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِنْ كَانَ بِكُمْ أَذًى مِنْ مَطَرٍ أَوْ كُنْتُمْ مَرْضَى} [النساء: 102]. وحرف الجر 'من' جاء بمعنى السبب.
وقال الله تعالى: {وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهِمْ مَطَرًا فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُجْرِمِينَ} [الأعراف: 84]. للتوكيد.
ومن الملاحظ أن التفريق بين مطر أمطر غير مطرد.
أما الغيث، فقد وردت في القرآن ثلاث مرات، منها: قول الله تعالى: {وَهُوَ الَّذِي يُنَزِّلُ الْغَيْثَ مِنْ بَعْدِ مَا قَنَطُوا وَيَنْشُرُ رَحْمَتَهُ وَهُوَ الْوَلِيُّ الْحَمِيدُ} [الشورى: 28]
وقال أبو هلال العسكري في الفروق اللغوية: استعمال القرآن للفظ الغيث يحمل معنى الرحمة والنعمة.
والغيث هو المطر الذي يغيث من الجدب، وكان نافعا في وقته.
والمطر: قد يكون نافعا، وقد يكون ضارا في وقته، وفي غير وقته.
وورد لفظ المطر في الحديث، في قوله: 'مطرنا بفضل الله ورحمته'.
وعلى كل، فإن لفظ المطر تطلق على المعنيين، فيجوز أن نقول للخير نزل المطر ونزل الغيث، لكن الغالب أن تطلق كلمة مطر على الشر، وكلمة غيث على الخير، ولا بأس أن تتبادل الألفاظ المعاني، إذا فهم المراد. والله تعالى أعلى وأعلم.
الشيخ عبد الباري بن محمد خلة