الشيخ عبد الباري بن محمد خلة | الفتاوى | السلام عليكم ورحمة الله وبركاته قال الله تعالى: (إِنَّمَا التَّوْبَةُ عَلَى اللَّهِ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السُّوءَ بِجَهَالَةٍ ثُمَّ يَتُوبُونَ مِن قَرِيبٍ فَأُولَئِكَ يَتُوبُ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا) هل مدلول كلمة بجهالةٍ يقتصر على من عاد لذنبه بعد التوبة، أو يشمل من لم يتب ولم يرَ نور الطاعة كذلك؟

اليوم : الجمعة 24 شوَّال 1445 هـ – 03 مايو 2024م
ابحث في الموقع

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
قال الله تعالى: (إِنَّمَا التَّوْبَةُ عَلَى اللَّهِ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السُّوءَ بِجَهَالَةٍ ثُمَّ يَتُوبُونَ مِن قَرِيبٍ فَأُولَئِكَ يَتُوبُ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا)
هل مدلول كلمة بجهالةٍ يقتصر على من عاد لذنبه بعد التوبة، أو يشمل من لم يتب ولم يرَ نور الطاعة كذلك؟

فتوى رقم: 1215
الجواب:

الحمد لله وكفى وسلام على عباده الذين اصطفى، وبعد:

فيقول الله تعالى: {إِنَّمَا التَّوْبَةُ عَلَى اللَّهِ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السُّوءَ بِجَهَالَةٍ ثُمَّ يَتُوبُونَ مِنْ قَرِيبٍ فَأُولَئِكَ يَتُوبُ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا (17) وَلَيْسَتِ التَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ حَتَّى إِذَا حَضَرَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ إِنِّي تُبْتُ الْآنَ وَلَا الَّذِينَ يَمُوتُونَ وَهُمْ كُفَّارٌ أُولَئِكَ أَعْتَدْنَا لَهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا} [النساء: 17، 18].

إن الله يقبل التوبة ممن عمل السوء بجهالة، ثم تاب قبل الغرغرة، وكل من عصى الله خطأ أو عَمدًا فهو جاهل حتى ينزع عن الذنب.

وقوله تعالى: 'ثُمَّ يَتُوبُونَ مِنْ قَرِيبٍ' أي: يتوب العاصي في حياته، وقبل موته، وفي صحته، فعَنْ ابْنِ عُمَرَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: {إِنَّ اللَّهَ يَقْبَلُ تَوْبَةَ الْعَبْدِ مَا لَمْ يُغَرْغِرْ} [رواه الترمذي بسند حسن (5/ 547) رقم 3537].

وقول الله تعالى: 'فَأُولَئِكَ يَتُوبُ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا'.

يدل على أن من تاب إلى الله عز وجل وهو يرجو الحياة، فإن توبته مقبولة منه.

ومن أيس من الحياة وعاين ملك الموت وبلغت الروح الحلقوم، فلا تقبل توبته، وهذا معنى قوله تعالى: { وَلَيْسَتِ التَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ حَتَّى إِذَا حَضَرَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ إِنِّي تُبْتُ الآنَ }.

فلا تقبل التوبة عند الموت كما قال الله تعالى: { فَلَمَّا رَأَوْا بَأْسَنَا قَالُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَحْدَهُ وَكَفَرْنَا بِمَا كُنَّا بِهِ مُشْرِكِينَ. فَلَمْ يَكُ يَنْفَعُهُمْ إِيمَانُهُمْ لَمَّا رَأَوْا بَأْسَنَا} الآيتين، [غافر:84، 85]

وكذا لا تنفع التوبة عند طلوع الشمس من مغربها كما قال الله تعالى: {يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ لا يَنْفَعُ نَفْسًا إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمَانِهَا خَيْرًا}. [الأنعام:158].

ولا تنفع التوبة ولا الندم الكافر حال كفره كما قال الله تعالى: {وَلا الَّذِينَ يَمُوتُونَ وَهُمْ كُفَّارٌ}.

 [تفسير ابن كثير (2 / 235)].

والخلاصة أن الله يقبل توبة العبد إذا كان صادقا، سواء رجع إلى الذنب أم لم يرجع، فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: {وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَوْ لَمْ تُذْنِبُوا لَذَهَبَ اللَّهُ بِكُمْ وَلَجَاءَ بِقَوْمٍ يُذْنِبُونَ فَيَسْتَغْفِرُونَ اللَّهَ فَيَغْفِرُ لَهُمْ}. [رواه مسلم (4/ 2106) رقم 2749].

وكل هذا من رحمة الله ولطفه. والله أعلى وأعلم.

الشيخ عبد الباري بن محمد خلة 

الأكثر مشاهدة


لقمة الزقوم والقلاش ذوق الطعام من البضاعة قبل الشراء

الورع

الغفلة

الاشتراك في القائمة البريدية