الشيخ عبد الباري بن محمد خلة | الفتاوى | ما حكم الدين فيمن لا يخرج الزكاة؟

اليوم : الأربعاء 29 شوَّال 1445 هـ – 08 مايو 2024م
ابحث في الموقع

ما حكم الدين فيمن لا يخرج الزكاة؟

فتوى رقم: 1194
الجواب:

الحمد لله وكفى وسلام على عباده الذين اصطفى وبعد:

الزكاة لغة: النماء والبركة والزيادة وكثرة الخير والصلاح، يقال: زكا الزرع إذا نما وزكت النفقة إذا بوركت فيها وفلان زاك وزكي إذا كان كثير الخير، وتطلق على الطهارة لقول الله تعالى: {قد أفلح من زكاها} [الشمس: 9]، بمعنى طهرها من الأدناس.

وتطلق على المدح لقول الله تعالى: {فلا تزكوا أنفسكم} [النجم: 32]، بمعنى تمدحوها

وشرعا: اسم لأداء حق يجب في أموالٍ مخصوصة على وجه مخصوص يصرف لطائفة مخصوصة.

وسميت بذلك لأن المال ينمو ببركة إخراجها، ولأنها تطهر مخرجها من الإثم، وتبين زيادته في الخير.

الزكاة من أركان الإسلام، وفرض من فروضه، بدلالة الكتاب، والسنة، والإجماع على النحو التالي:

أما الكتاب فقول الله تعالى: {وَأَقِيمُواْ الصَّلاَةَ وَآتُواْ الزَّكَاةَ} [البقرة: 43].

وقول الله تعالى: {خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِم بِهَا وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلاَتَكَ سَكَنٌ لَّهُمْ وَاللّهُ سَمِيعٌ عَلِيم} [التوبة: 103].

 وقول الله تعالى: {... وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلاَ يُنفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللّهِ فَبَشِّرْهُم بِعَذَابٍ أَلِيمٍ} [التوبة:34].

وأما السنة: فحديث ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ' بُنِيَ الْإِسْلَامُ عَلَى خَمْسٍ شَهَادَةِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ وَالْحَجِّ وَصَوْمِ رَمَضَانَ'. [رواه البخاري (1/11) رقم8].

وحديث ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم بعث معاذاً رضي الله عنه إلى اليمن فقال:' ادْعُهُمْ إِلَى شَهَادَةِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَنِّي رَسُولُ اللَّهِ فَإِنْ هُمْ أَطَاعُوا لِذَلِكَ فَأَعْلِمْهُمْ أَنَّ اللَّهَ قَدْ افْتَرَضَ عَلَيْهِمْ خَمْسَ صَلَوَاتٍ فِي كُلِّ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ فَإِنْ هُمْ أَطَاعُوا لِذَلِكَ فَأَعْلِمْهُمْ أَنَّ اللَّهَ افْتَرَضَ عَلَيْهِمْ صَدَقَةً فِي أَمْوَالِهِمْ تُؤْخَذُ مِنْ أَغْنِيَائِهِمْ وَتُرَدُّ عَلَى فُقَرَائِهِمْ ' [رواه البخاري (2/104) رقم 1395].

فالإيمان بها واجب، والجاحد بها كافر، والممتنع عن أدائها يقاتل كما فعل الصديق رضي الله عنه كما في حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: ' لَمّا تُوُفِّيَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم، وَكانَ أَبُو بَكْرٍ رضي الله عنه، وَكَفَرَ مَنْ كَفَرَ مِنَ الْعَرَب، فَقالَ عُمَرُ رضي الله عنه: كَيْفَ تُقاتِلُ النَّاسَ وَقَدْ قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: أُمِرْتُ أَنْ أُقاتِلَ النَّاسَ حَتّى يَقُولوا لا إِلهَ إِلاَّ اللهُ، فَمَنْ قالَها فَقَدْ عَصَمَ مِنِّي مَالَهُ وَنَفْسَهُ إِلاَّ بِحَقِّهِ، وَحِسابُهُ عَلى اللهِ فَقالَ أَبُو بَكْرٍ: وَاللهِ لأُقاتِلَنَّ مَنْ فَرَّقَ بَيْنَ الصَّلاةِ وَالزَّكاةِ، فَإِنَّ الزَّكاةَ حَقُّ الْمالِ، وَاللهِ لَوْ مَنَعُوني عَناقًا كَانوا يُؤَدُّونَها إِلى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم لَقاتَلْتُهُمْ عَلى مَنْعِها، قالَ عُمَر رضي الله عنه: فَواللهِ ما هُوَ إِلاَّ أَنْ قَدْ شَرَحَ اللهُ صَدْرَ أَبي بَكْرٍ رضي الله عنه فَعَرَفْتُ أَنَّهُ الْحَقُّ'. [رواه البخاري (9/15) رقم 6924].

فمن من منع الزكاة حكمه كالتالي:

1- من منع الزكاة وهو في قبضة الإمام تؤخذ منه قهراً، أما من كان خارجاً عن قبضة الإمام ومنع الزكاة، فعلى الإمام أن يقاتله.

2- أن من منع الزكاة بخلاً أو تأولاً، لا يحكم بكفره، ولذا فإن مات في قتاله عليها ورثه المسلمون من أقاربه وصلي عليه.

3- من منع الزكاة منكراً لوجوبها، فإن كان جاهلاً، لحداثة عهده بالإسلام، أو لأنه نشأ بباديةٍ بعيدةٍ عن الأمصار، أو نحو ذلك، فإنه يعرف وجوبها ولا يحكم بكفره لأنه معذور، وإن كان مسلماً ناشئاً ببلاد الإسلام بين أهل العلم فيحكم بكفره، ويكون مرتدا، وتجري عليه أحكام المرتد، لكونه أنكر معلوماً من الدين بالضرورة.

الشيخ عبد الباري بن محمد خلة.

الأكثر مشاهدة


لقمة الزقوم والقلاش ذوق الطعام من البضاعة قبل الشراء

الورع

الغفلة

الاشتراك في القائمة البريدية