الحمد لله وكفى وسلام على عباده الذين اصطفى أما بعد،
فالأصل في ذلك الأمانة والصدق والثقة ومن الأمانة حفظ الأسرار والخصوصيات فعَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- « إِذَا حَدَّثَ الرَّجُلُ بِالْحَدِيثِ ثُمَّ الْتَفَتَ فَهِىَ أَمَانَةٌ ». رواه أبو داود بسند حسن.
وكأن هذا الرجل لا يريد أن يخبر غير المخاطب فهذه أمانة الكلمة.
وعَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: صَعِدَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمِنْبَرَ فَنَادَى بِصَوْتٍ رَفِيع، فَقَالَ: ' يَا مَعْشَرَ مَنْ أَسْلَمَ بِلِسَانِهِ، وَلَمْ يُفْضِ الْإِيمَانُ إِلَى قَلْبِهِ، لَا تُؤْذُوا الْمُسْلِمِين، وَلَا تُعَيِّرُوهُمْ، وَلَا تَتَّبِعُوا عَوْرَاتِهِمْ، فَإِنَّهُ مَنْ تَتَبَّعَ عَوْرَةَ أَخِيهِ الْمُسْلِمِ تَتَبَّعَ اللَّهُ عَوْرَتهُ، وَمَنْ تَتَبَّعَ اللَّهُ عَوْرَتَهُ يَفْضَحْهُ وَلَوْ فِي جَوْفِ رَحْلِهِ '. رواه أحمد وإسناده قوي.
ومن الأمانة ألا يسجَّل الحديث الذي يجري بين اثنين.
فإن أراد أحدهما التسجيل استأذن من صاحبه.
وإذا كان الكلام عاديا لا خصوصية فيه ولا يرتبط بأسرار شخص فلا حرج في تسجيله إذا علم أن صاحبه لا يكره ذلك.
أما إن علم أن صاحبه يكره ذلك فلا يجوز التسجيل وكذا إذا كان الكلام فيه خصوصية وربما يترتب عليه مضار أو مفسدة عند إعادته فيحرم التسجيل أيضا.
وبشكل عام لا يشرع التسجيل إلا لمصلحة راجحة كالتحقيق في قضية تمس المجتمع أو تتبع سير المجرم ونحو ذلك فيجوز التسجيل للضرورة.
وعليه فالأصل عدم التسجيل لكن يجوز في بعض الحالات كالتسجيل لشخص أراد إثبات حقه أمام خصم ظالم أو مماطل أو محتال وكالحالة التي وردت في السؤال بحيث لا يظهر التسجل إلا عند الضرورة فقط .والله أعلى وأعلم.
الشيخ عبد الباري بن محمد خلة