الحمد لله وكفى، وسلام على عباده الذين اصطفى، وبعد:
فقد ذهب الجمهور – الحنفية والمالكية والشافعية والحنابلة إلى جواز قضاء رمضان في عشر ذي الحجة، واستدلوا بأدلة منها:
1- قال الله تعالى: {فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ} [البقرة: 184].
وجه الدلالة: قوله: 'فعدة من أيام أخر' يجوز القضاء في أي وقت ومنه العشر بل هو أفضل من غيره فالقضاء مُطْلَقًا سواء في عشر ذي الحجة أم غيرها.
2- عَنِ الْأَسْوَدِ بْنِ قَيْسٍ، عَنْ أَبِيهِ أَنَّ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: {مَا مِنْ أَيَّامٍ أَحَبُّ إِلَيَّ أَنْ أَقْضِيَ فِيهَا شَهْرَ رَمَضَانَ مِنْ أَيَّامِ الْعَشْرِ} [رواه البيهقي بسند صحيح].
وجه الدلالة: نص في المسألة أنه يجوز القضاء فيها بل هو أفضل من غيره وهذا الأثر عن عمر يأخذ حكم الحديث المرفوع.
3- لِأَنَّهَا أَيَّامُ عِبَادَةٍ، فيجوز الْقَضَاءُ فِيهَا كَعَشْرِ الْمُحَرَّمِ وغيره.
وذهب الإمام علي، والحسن والزهري، إلى كراهة قضاء رمضان في ذي الحجة، لما روي عن علي رضي الله عنه أنه كرهه، فعَنْ أَبِى إِسْحَاقَ قَالَ: قَالَ عَلِىٌّ رَضِىَ اللَّهُ عَنْهُ: لاَ تَقْضِ رَمَضَانَ فِي ذِي الْحِجَّةِ، وَلاَ تَصُمْ يَوْمَ الْجُمُعَةِ. أَظُنُّهُ مُنْفَرِدًا، وَلاَ تَحْتَجِمْ وَأَنْتَ صَائِمٌ. وَرُوِىَ أَيْضًا عَنِ الْحَسَنِ عَنْ عَلِىٍّ رَضِىَ اللَّهُ عَنْهُ فِي كَرَاهِيَةِ الْقَضَاءِ في الْعَشْرِ. [رواه البيهقي].
والصواب جواز قَضَاءِ رَمَضَانَ فِي عَشْرِ ذِي الْحِجَّةِ، والله أعلى وأعلم.
الشيخ عبد الباري بن محمد خله