الحمد لله وكفى، وسلام على عباده الذين اصطفى، أمَّا بعد:
فيقول الله تعالى: {وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْيَتَامَى قُلْ إِصْلَاحٌ لَهُمْ خَيْرٌ وَإِنْ تُخَالِطُوهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ الْمُفْسِدَ مِنَ الْمُصْلِحِ وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَأَعْنَتَكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ} [البقرة: 220، 221]
ويقول الله تعالى: {وَلَا تَقْرَبُوا مَالَ الْيَتِيمِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ حَتَّى يَبْلُغَ أَشُدَّهُ} [الأنعام: 152[
وكفالة اليتيم من أعظم أعمال الخير، ومن أفضل القرب عند الله، فعَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ-رضي الله عنه-، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «أَنَا وَكَافِلُ الْيَتِيمِ فِى الْجَنَّةِ هَكَذَا، وَأَشَارَ بِالسَّبَّابَةِ وَالْوُسْطَى، وَفَرَّجَ بَيْنَهُمَا شَيْئًا» [رواه البخاري].
وأكل مال اليتيم بالباطل من أعظم الذنوب، قال الله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْمًا إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَارًا وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيرًا} [النساء: 10]
وأكل مال اليتيم من السبع الموبقات المهلكات، لذلك يجب على ولي اليتيم أن يحسن الرعاية والتربية له، وإذا كان له مال، فلا بد من حفظه وتنميته، وإن كان الولي غنيّاً فليستعفف عن ماله، وإن كان فقيراً فليأكل بالمعروف.
وعليه فيجب على ولي اليتيم من عمٍ، أو خالٍ، أو أمٍ، أو غيرِهم أن يحافظوا على مال اليتيم، ولا يأكلوا منه شيئاً إلا في الحدود الشرعية التي وضحتها، وبالتالي فاستخدام الولي للمال لا بد أن يكون لمصلحة اليتيم فقط، ولا يجوز له أن يقترض منه شيئاً، ولا يقرض غيره إلا إذا كان هذا الفعل لمصلحة اليتيم نفسه، كأن كان الولي فقيراً، وأراد الاقتراض من مال اليتيم؛ حتى يستطيع رعايته بشرط أن يحفظ هذا المال، ويوثق ذلك عنده؛ حتى يحفظ هذا المال.
كل ذلك وغيره للمحافظة على مال اليتيم خوفاً عليه من الضياع والهلاك. والله أعلى وأعلم.
الشيخ عبد الباري بن محمد خلة