الحمد لله وكفى وسلام على عباده الذين اصطفى أما بعد،
فيقول الله تعالى: {... فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ ...} [البقرة: 183، 184].
وللمريض حالات:
الحالة الأولى- أن يكون المرض يسيرًا متحملا لا يتأثر بالصوم كالصداع اليسير أو المغص اليسير ونحو ذلك، فهذا صاحبه لا يجوز له الفطر.
الحالة الثانية- أن يكون المرض شاقا عليه وربما يزيد فيه أو يتأخر شفاؤه لكنه لا يضره، فهذا صاحبه يكره له الصوم ويستحب له الإفطار.
الحالة الثالثة- أن يكون المرض شاقا ويتضرر بسببه الصائم وقد يفضي إلى فوات عضو أو هلاك نفس كمرض السكر، والربو، والضغط، أو أي مرض لا يستطيع الإنسان الصيام بسببه ويؤثر عليه سلبا وهذا صاحبه يحرم عليه الصوم.
وعليه فلا يجوز للمريض مرضا يغلب على الظن أنه مهلك أو شهد الطبيب المسلم الحاذق أنه يؤثر على صحته وحياته-أن يصوم ويجب عليه الإفطار إبقاء لحياته فإن بقاء الروح مقدم على العبادة.
والمريض الذي يخالف تقرير الطبيب أو فتوى المفتي ويصوم فهو مذموم آثم.
والدين يسر قال الله تعالى: {وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ } [الحج: 78]
وقال الله تعالى: {يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ} [البقرة: 185]
وقال الله تعالى: {وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا (29)} [النساء: 29]
وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (إِنَّ الدِّينَ يُسْرٌ وَلَنْ يُشَادَّ الدِّينَ أَحَدٌ إِلَّا غَلَبَهُ فَسَدِّدُوا وَقَارِبُوا وَأَبْشِرُوا وَاسْتَعِينُوا بِالْغَدْوَةِ وَالرَّوْحَةِ وَشَيْءٍ مِنْ الدُّلْجَةِ). رواه البخاري.
فيا أيها المريض الذي أمرك بالصيام أمرك بالإفطار فالصوم عبادة والفطر في حقك عبادة فاشفق على نفسك وأكثر من العبادات الأخرى كقراءة القرآن والذكر والصلاة والصدقة إلى غير ذلك من العبادات .والله أعلى وأعلم.
الشيخ عبد الباري بن محمد خلة