الشيخ عبد الباري بن محمد خلة | مقالات | الورع

اليوم : الخميس 16 شوَّال 1445 هـ – 25 أبريل 2024م
ابحث في الموقع

الورع


الحمد لله وكفى وسلام على عباده الذين اصطفى وبعد:

فعن النعمان بن بشير رضيَ اللّه عنهما قال: سمعتُ رسولَ اللّه صلى اللّه عليه وسلم يقول: ' إنَّ الحَلالَ بَيِّنٌ وَإنَّ الحَرَامَ بَيِّنٌ، وَبَيْنَهُما مُشْتَبِهاتٌ لا يَعْلَمُهُنَّ كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ، فَمَنِ اتَّقَى الشُّبُهاتِ اسْتَبرأ لِدِينِهِ وَعِرْضِهِ، وَمَنْ وَقَعَ في الشُّبُهاتِ وَقَعَ في الحَرَامِ، كالرَّاعي يَرْعَى حَوْلَ الحِمَى يُوشِكُ أنْ يَرْتَعَ فِيهِ، ألاَ وإنَّ لِكُلِّ مَلِكٍ حِمىً، ألاَ وَإنَّ حِمَى اللَّهِ تَعالى مَحَارِمُهُ، ألا وَإنَّ في الجَسَدِ مُضْغَةً إذَا صَلَحَتْ صَلَحَ الجَسَدُ كُلُّهُ، وَإِذَا فَسَدَتْ فَسَدَ الجَسَدُ كُلُّهُ ألاَ وَهِيَ القَلْبُ ' رواه البخاري

إن الحلال المحض بين لا اشتباه فيه، وكذلك الحرام المحض، بين لا اشتباه فيه ولكن هناك أمور بين الأمرين تشتبه على كثير من الناس، أهي حلال أم حرام فالمتقون لا يشتبه عليهم ذلك، ويعلمون من أي القسمين هي.

' والشبهة منزلة بين الحلال والحرام، فالحلال ما احل الله والحرام ما حرمه الله ومن اتقى الشبهات فقد استبرأ لدينه، فقد سلم دينه وعرضه وحفظهما الله عليه

والناس بالنسبة للشبهة أصناف أربعة: 

الاول: العالم بحكمها هل هي من الحلال أو من الحرام، فهو يعمل بمقتضى علمه ولا يشتبه عليه شيء أفضل الأصناف.

الثاني: من لا يعلم بحكمها أهي حلال أو حرام، فيتوقف فيها لاشتباهها عليه وهذا الصنف قد استبرأ لدينه وعرضه، كما بين النبي صلى الله عليه وسلم.

الثالث: من لا يعلم حكمها ويقع فيها مع كونها مشتبهة عنده، فهذا يوشك ان يقع في الحرام، لأنه يحوم حول الحمى.

الرابع: من يقع فيها مع عمله بأنها من جنس الحرام المحض فهذا شر الأصناف، لأنه ليس متورعا ولا محتاطا ولا وقافا.

قال ابن رجب: ' فأما من أتى شيئا مما يظنه الناس شبهة لعلمه بانه حلال في نفس الامر، فلا حرج عليه من الله في ذلك، لكن إذا خشى من طعن الناس عليه بذلك، كان تركها حينئذ استبراء لعرضه، فيكون حسنا، وهذا كما قال النبي صلى الله عليه وسلم لمن رآه واقفا مع صفية زوجته: ( إنها صفية بنت حيي)

 فعَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْمَسْجِدِ وَعِنْدَهُ أَزْوَاجُهُ فَرُحْنَ فَقَالَ لِصَفِيَّةَ بِنْتِ حُيَيٍّ لَا تَعْجَلِي حَتَّى أَنْصَرِفَ مَعَكِ وَكَانَ بَيْتُهَا فِي دَارِ أُسَامَةَ فَخَرَجَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَعَهَا فَلَقِيَهُ رَجُلَانِ مِنْ الْأَنْصَارِ فَنَظَرَا إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ أَجَازَا وَقَالَ لَهُمَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَعَالَيَا إِنَّهَا صَفِيَّةُ بِنْتُ حُيَيٍّ قَالَا سُبْحَانَ اللَّهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ إِنَّ الشَّيْطَانَ يَجْرِي مِنْ الْإِنْسَانِ مَجْرَى الدَّمِ وَإِنِّي خَشِيتُ أَنْ يُلْقِيَ فِي أَنْفُسِكُمَا شَيْئًا رواه البخاري

وقال ابراهيم بن ادهم: الورع ترك كل شبهة، وترك ما لا يعنيك،..

وقال أبو سليمان الداراني: الورع أول الزهد، كما ان القناعة أول الرضا.

وقال يونس بن عبيد: الورع الخروج من كل شبهة، ومحاسبة النفس في كل طرفة وإن الورع يطهر دنس القلب ونجاسته  كما يطهر الماء دنس الثوب ونجاسته...

وقد جمع النبي صلى الله عليه وسلم الورع كله في حديثه الجامع فعَنْ عَلِىِّ بْنِ حُسَيْنٍ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: مِنْ حُسْنِ إِسْلاَمِ الْمَرْءِ تَرْكُهُ مَا لاَ يَعْنِيهِ. رواه الترمذي بسند حسن

فهذا يعم الترك لما لا يعنى من الكلام والنظر والاستماع والبطش والمشي والفكر، وسائر الحركات الظاهرة والباطنة.

وللورع ثمرات: منها ثواب الورع يسر الحساب يوم القيامة ومنها مثقال ذرة من الورع خير من الف مثقال من الصوم والصلاة كما قال الحسن ومنها الفوز بالجنة والقرب من الله تعالى.

ورؤى سفيان الثوري في المنام وله جناحان يطير بهما في الجنة. فقيل له: بم نلت هذا ؟ قال: بالورع.

 ولا بد من محاسبة النفس والندم على ما فات وتقوى الله في السر والعلن.

قال أبو عثمان الحيرى: أذنبت ذنبا ًأبكى عليه منذ أربعين سنة، وذلك أنه زارني أخ لي، فاشتريت بدانق – سدس درهم – سمكة مشوية، فلما فرغ أخذت قطعة طين من جدار جار لي حتى غسل بها يده ولم استحله، فماذا نقول نحن قطعة من الطين من جدار جاره ولم يستسمحه اعتبره جريمة فهو في بكاء منذ أربعين سنة.

وقيل: رجع ابن المبارك من مرو الى الشام بسبب قلم استعاره فلم يعده الى صاحبه، فرجع لذلك، ومن المعلوم أن هذه الأمانة يتسامح في مثلها فلو أنه تصدق به عن جاره لأجزاه لكن الورع والتقوى أبيا إلا أن يشد الرحال إلى بلد ناءٍ ليرد القلم إلى صاحبه، إنها التقوى وإنه الاستعداد ليوم القيامة.

وعَنْ عَطِيَّةَ السَّعْدِيِّ وَكَانَ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا يَبْلُغُ الْعَبْدُ أَنْ يَكُونَ مِنْ الْمُتَّقِينَ حَتَّى يَدَعَ مَا لَا بَأْسَ بِهِ حَذَرًا لِمَا بِهِ الْبَأْسُ رواه ابن ماجه بسند ضعيف

وقال بعض الصحابة: كنا ندع سبعين باباً من الحلال مخافة أن نقع في باب من الحرام، لا بد أن يترك المسلم ليس الحرام فحسب بل وبعض الحلال لما فيه من شبهة وما ذلك إلا لمعرفتهم بالله تعالى.

وقال سفيان الثوري: ما رأيت أسهل من الورع: ما حاك في نفسك فاتركه

ووقف حسان بن أبى سنان على أصحاب الحسن فقال: أي شيء أشد عليكم ؟ قالوا: الورع. قال: ولا شيء أخف على منه.

وقال بشر بن الحارث: أشد الاعمال ثلاثة: الجود في القلة، والورع في الخلوة، وكلمة الحق عند من يخاف ويرجى.

هذا وإن الورع من أفضل الأعمال عند الله تعالى وقد حدثنا عنه الرسول صلى الله عليه وسلم.

فعَنْ حُذَيْفَةَ بْنِ الْيَمَانِ قَالَ: قَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ' «فَضْلُ الْعِلْمِ خَيْرٌ مِنْ فَضْلِ الْعِبَادَةِ، وَخَيْرُ دِينِكُمُ الْوَرَعُ» '.رواه الطبراني بسند حسن

وعَن أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَا أَبَا هُرَيْرَةَ كُنْ وَرِعًا تَكُنْ أَعْبَدَ النَّاسِ وَكُنْ قَنِعًا تَكُنْ أَشْكَرَ النَّاسِ وَأَحِبَّ لِلنَّاسِ مَا تُحِبُّ لِنَفْسِكَ تَكُنْ مُؤْمِنًا وَأَحْسِنْ جِوَارَ مَنْ جَاوَرَكَ تَكُنْ مُسْلِمًا وَأَقِلَّ الضَّحِكَ فَإِنَّ كَثْرَةَ الضَّحِكِ تُمِيتُ الْقَلْبَ. رواه ابن ماجه بسند صحيح.

 فكن ورعاً تكن عند الله من أعبد الناس

وعَنْ زَيْدِ بْنِ سَلَّامٍ عَنْ جَدِّهِ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا أُمَامَةَ يَقُولُ سَأَلَ رَجُلٌ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ مَا الْإِثْمُ فَقَالَ إِذَا حَكَّ فِي نَفْسِكَ شَيْءٌ فَدَعْهُ قَالَ فَمَا الْإِيمَانُ قَالَ إِذَا سَاءَتْكَ سَيِّئَتُكَ وَسَرَّتْكَ حَسَنَتُكَ فَأَنْتَ مُؤْمِنٌ رواه أحمد بسند صحيح.

وما حاك في النفس إلا لما فيه فإن تبين أنه حرام فابتعد عنه وإن تبين حله مع الشبهة فكذلك وإن كان الأمر حلالاً فلا بأس به.

وعَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ مَرَّ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِتَمْرَةٍ فِي الطَّرِيقِ قَالَ لَوْلَا أَنِّي أَخَافُ أَنْ تَكُونَ مِنْ الصَّدَقَةِ لَأَكَلْتُهَا. رواه البخاري

وقَالَ اِلْحَسَن بْن عَلِيٍّ حَفِظْتُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَعْ مَا يَرِيبُكَ إِلَى مَا لَا يَرِيبُكَ فَإِنَّ الصِّدْقَ طُمَأْنِينَةٌ وَإِنَّ الْكَذِبَ رِيبَةٌ وَفِي الْحَدِيثِ قِصَّةٌ قَالَ وَأَبُو الْحَوْرَاءِ السَّعْدِيُّ اسْمُهُ رَبِيعَةُ بْنُ شَيْبَانَ قَالَ وَهَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ حَدَّثَنَا بُنْدَارٌ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ بُرَيْدٍ فَذَكَرَ نَحْوَهُ رواه الترمذي بسند صحيح

وعَنْ أَبِي الْحَوْرَاءِ قَالَ قُلْتُ لِلْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ مَا تَذْكُرُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ أَذْكُرُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنِّي أَخَذْتُ تَمْرَةً مِنْ تَمْرِ الصَّدَقَةِ فَجَعَلْتُهَا فِي فِيَّ قَالَ فَنَزَعَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِلُعَابِهَا فَجَعَلَهَا فِي التَّمْرِ فَقِيلَ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا كَانَ عَلَيْكَ مِنْ هَذِهِ التَّمْرَةِ لِهَذَا الصَّبِيِّ قَالَ وَإِنَّا آلَ مُحَمَّدٍ لَا تَحِلُّ لَنَا الصَّدَقَةُ رواه أحمد بسند صحيح.

قَالَ وَكَانَ يَقُولُ دَعْ مَا يَرِيبُكَ إِلَى مَا لَا يَرِيبُكَ فَإِنَّ الصِّدْقَ طُمَأْنِينَةٌ وَإِنَّ الْكَذِبَ رِيبَةٌ رواه أحمد بسند صحيح.

 لأن النبي صلى الله عليه وسلم ما كان يأكل الصدقة لكنه كان يأكل الهدية فورعه صلى الله عليه وسلم جعله يمسك ويحجم عن التمرة وربما كان محتاجا إليها خوف من أن تكون من الصدقة. 

فيا أيها المسلم اترك ما فيه الشك الى الشيء الذي لا تشك فيه.  

وللورع درجات أعظمها: الورع عن كل ما ليس لله تعالى، وهو ورع الصديقين فقد روي عن يحيى بن يحيى النيسابوري أنه شرب دواءً فقالت له امرأته: لو مشيت في الدار قليلاً حتى يعمل الدواء. فقال: هذه مشية لا أعرفها، وأنا أحاسب نفسى منذ ثلاثين سنة.

فهذا الصديق ما رضي بهذه المشية لأنه لم يعتد أن يمشيها فهو رجل يحاسب نفسه ويراقبها ولذلك لم تحضره نية في هذه المشية تتعلق في الدين فلم يقدم عليها، فهذا من دقائق الورع وهذا الذي لا نستطيع فيا ليت المسلمين اليوم امتنعوا عن الحرام.

وعَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ كَانَ لِأَبِي بَكْرٍ غُلَامٌ يُخْرِجُ لَهُ الْخَرَاجَ وَكَانَ أَبُو بَكْرٍ يَأْكُلُ مِنْ خَرَاجِهِ فَجَاءَ يَوْمًا بِشَيْءٍ فَأَكَلَ مِنْهُ أَبُو بَكْرٍ فَقَالَ لَهُ الْغُلَامُ أَتَدْرِي مَا هَذَا فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ وَمَا هُوَ قَالَ كُنْتُ تَكَهَّنْتُ لِإِنْسَانٍ فِي الْجَاهِلِيَّةِ وَمَا أُحْسِنُ الْكِهَانَةَ إِلَّا أَنِّي خَدَعْتُهُ فَلَقِيَنِي فَأَعْطَانِي بِذَلِكَ فَهَذَا الَّذِي أَكَلْتَ مِنْهُ فَأَدْخَلَ أَبُو بَكْرٍ يَدَهُ فَقَاءَ كُلَّ شَيْءٍ فِي بَطْنِهِ رواه البخاري

فهذا أبو بكر رضي الله عنه لم يرض على نفسه أن يبقى الطعام في جوفه خوفا من أن يتكون من جسمه وينبت  فإن كل  لحم نبت من سحت أو حرام فالنار أولى به كما قال النبي صلى الله عليه وسلم

وقدم على الفاروق عمر بن الخطاب رضي الله عنه مسك وعنبر من البحرين، فقال عمر: والله إني لوددت أنى وجدت امرأة حسنة الوزن، تزن لي هذا الطيب، حتى أقسمه بين المسلمين، فقالت له امرأته عاتكة بنت زيد: أنا جيدة الوزن، فهلمً أزن لك. فقال عمر: لا. قالت: لم ؟ قال: أنى أخشى أن تأخذيه فتجعله هكذا، ثم أدخل أصابعه في صدغيه، وتمسحي به عنقك، فأصيب فضلا ًعلى المسلمين، ما هذا الورع يا أمير المؤمنين يخشى أن تمسح زوجته بقايا العنبر على رقبتها فتنتفع بشيء من أموال المسلمين.

وكان ابن سيرين إذا دعي الى وليمة أو إلى عرس يدخل منزله يقول: أسقوني شربة سويق. فيقال له: يا أبا بكر ! إنك ذاهب الى الوليمة وتشرب سويقاً ؟ فيقول: إني أكره أن أجعل حر جوعى على طعام الناس، فهذا ابن سيرين لا يريد أن يكثر من الأكل عند الناس خشية أن يقع في الحرام وحتى يبقى يأكل من عرق جسمه وكد تعبه.

ولما سيَب ابن المبارك دابة عالية القيمة، وصلى صلاة الظهر، فرتعت الدابة في زرع قرية سلطانية، فترك ابن مبارك الدابة ولم يركبها، لماذا لأنها أكلت غير مباح ولا حلال.

وكان الحجاج بن دينار قد بعث طعاما ً الى البصرة مع رجل، وأمره أن يبيعه يوم يدخل بسعر يومه، فأتاه كتابه: إني قدمت البصرة، فوجدت الطعام منقصاً، فحبسته فزاد ثمنه، فازددت فيه كذا كذا. فكتب اليه الحجاج بن دينار: إنك قد خنتنا، وعملت بخلاف ما أمرناك به، فإذا أتاك كتابي فتصدق بجميع ذلك الثمن على فقراء البصرة، فليتني أسلم إذا فعلت ذلك..

ورهن أحمد بن حنبل رضى الله عنه سطلاً له عند بقال بمكة المكرمة – حرسها الله – فلما أراد فكاكه أخرج البقال اليه سطلين. وقال: خذ أيهما لك. فقال أحمد: أشكل على سطلي، فهو لك والدراهم لك. فقال البقال: سطلك هذا، وأنا أردت أن اختبرك. فقال: لا آخذه ومضى، وترك السطل تورعا.

فيا أيها الإخوة والأخوات ما أجمل أن يتجلى المسلم بخلق الورع وأن يترك الريب والشك وما فيه غموض حتى يتبرأ لدينه وعرضه وهذه هي مدرسة محمد صلى الله عليه وسلم.

وبالله التوفيق ومنه العون والتوفيق وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

    الشيخ عبد الباري بن محمد خلة

الأكثر مشاهدة


لقمة الزقوم والقلاش ذوق الطعام من البضاعة قبل الشراء

الورع

الغفلة

الاشتراك في القائمة البريدية