الحمد لله وكفى، وسلام على عباده الذين اصطفى، وبعد:
فإن الجنابة أمر اعتباري يقوم بالأعضاء، وليس كما يظن بعض الناس أن ذلك نجاسة، فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّهُ لَقِيَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي طَرِيقٍ مِنْ طُرُقِ الْمَدِينَةِ، وَهُوَ جُنُبٌ فَانْسَلَّ فَذَهَبَ فَاغْتَسَلَ، فَتَفَقَّدَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَمَّا جَاءَهُ قَالَ: «أَيْنَ كُنْتَ يَا أَبَا هُرَيْرَةَ» قَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، لَقِيتَنِي وَأَنَا جُنُبٌ فَكَرِهْتُ أَنْ أُجَالِسَكَ حَتَّى أَغْتَسِلَ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «سُبْحَانَ اللهِ إِنَّ الْمُؤْمِنَ لَا يَنْجُسُ»[رواه مسلم (1/ 282) رقم 371].
وعليه فيجوز للجنب أن يأكل ويشرب، ويضع يده في الماء، وأن يخرج لقضاء حاجته، وإن كان الأفضل أن يبادر بالغسل، ورفع الجنابة، فإن احتاج للخروج إلى السوق مثلًا دون أن يغتسل فليخرج ولا حرج عليه، وقدوتنا في ذلك غسيل الملائكة حنظلة فقد استشهد وهو جنب، ورأى النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -الملائكة تغسله بين السماء والأرض، والله تعالى أعلى وأعلم.
الشيخ عبد الباري بن محمد خلة