الشيخ عبد الباري بن محمد خلة | مقالات | عبادة ذكر النعم

اليوم : الخميس 23 شوَّال 1445 هـ – 02 مايو 2024م
ابحث في الموقع

عبادة ذكر النعم

الحمد لله وكفى وسلام على عباده الذين اصطفى وبعد:

فنعم الله تعالى علينا لا تعد ولا تحصى، ولا بد أن تتجه المشاعر والقلوب بالشكر للمنعم سبحانه وتعالى، ولا بد للألسنة من الحمد على تلك النعم، ولكن كثيرا من الناس لا يشكرون قال الله تعالى: { إِنَّ اللّهَ لَذُو فَضْلٍ عَلَى النَّاسِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لاَ يَشْكُرُونَ} (60) سورة يونس

ولعل الغفلة عن الله تعالى هي من أهم أسباب الانصراف عن شكر شكره سبحانه وتعالى.

وقد دلنا ربنا سبحانه وتعالى على عبادة من أهم العبادات وهي عبادة الشكر، عبادة ذكر النعم، قال الله تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ هَلْ مِنْ خَالِقٍ غَيْرُ اللَّهِ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ (3) } [فاطر: 3].

وبذكر النعم يسير المسلم في الطريق المستقيم قال الله تعالى: {فَاذْكُرُوا آلَاءَ اللَّهِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (69)} [الأعراف: 69]

وإن الملائكة لتلتمس حلق الذكر حيث يذكون لربهم أن هؤلاء يشكرون المنعم على نعمه ويعظمون آلاءه فعن أنس عن النبي صلى الله عليه و سلم قال: إن لله سيارة من الملائكة يطلبون حلق الذكر فإذا أتوا عليهم وحفوا بهم ثم بعثوا رائدهم إلى السماء إلى رب العزة تبارك وتعالى فيقولون : ربنا أتينا على عباد من عبادك يعظمون آلاءك ويتلون كتابك ويصلون على نبيك محمد صلى الله عليه و سلم ويسألونك لآخرتهم ودنياهم فيقول تبارك وتعالى : غشوهم رحمتي فيقولون : يا رب إن فيهم فلانا الخطاء إنما اعتنقهم اعتناقا فيقول تبارك وتعالى : غشوهم رحمتي فهم الجلساء لا يشقى بهم جليسهم رواه البزار بسند حسن.

من فوائد ذكر النعم

لهذه العبادة الجليلة فوائد كثيرة، تعود بالنفع على الفرد في الدنيا والآخرة، أذكر بعضا منها:

1. ذكر النعم علاج لمرض الكبر فإذا توالت النعم على العبد فإن نفسه تتعالى وتتكبر فيأتي ذكر النعم ليعالج هذا المرض كما حصل مع بني إسرائيل قال الله تعالى: {وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ أَنْجَاكُمْ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَسُومُونَكُمْ سُوءَ الْعَذَابِ وَيُذَبِّحُونَ أَبْنَاءَكُمْ وَيَسْتَحْيُونَ نِسَاءَكُمْ وَفِي ذَلِكُمْ بَلَاءٌ مِنْ رَبِّكُمْ عَظِيمٌ (6) وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ (7) } [إبراهيم: 6 - 8]

2. ذكر النعم يورث حب الله في القلب، فقد جبل الإنسان على حب من أحسن إليه فبذكر النعم يقوى حب الله في القلب

3. ذكر النعم طريق لشكر المنعم سبحانه وتعالى قال الله تعالى: {وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا إِنَّ اللَّهَ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ (18) } [النحل: 18، 19] وقد امتن الله على المؤمنين وهم قلة فنصرهم لذلك أمرهم أن يذكروا تلك النعم عليهم قال الله تعالى: {وَاذْكُرُوا إِذْ أَنْتُمْ قَلِيلٌ مُسْتَضْعَفُونَ فِي الْأَرْضِ تَخَافُونَ أَنْ يَتَخَطَّفَكُمُ النَّاسُ فَآوَاكُمْ وَأَيَّدَكُمْ بِنَصْرِهِ وَرَزَقَكُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (26)} [الأنفال: 26]

4. ذكر النعم يورث الشكر، وبه تزداد النعم كما قال الله تعالى: {لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ (7) } [إبراهيم: 7، 8]

5. من فوائد ذكر النعم أنها تعرف المسلم بحق الله عليه، فالله تعالى منحنا نعما لا تُعد ولا تُحصى وما ذاك إلا لنشكره قال الله تعالى: {وَاللَّهُ أَخْرَجَكُمْ مِنْ بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ لَا تَعْلَمُونَ شَيْئًا وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (78)} [النحل: 78]

وأمر السيدة مريم بعبادة شكر النعمة قال الله تعالى: {وَإِذْ قَالَتِ الْمَلَائِكَةُ يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَاكِ وَطَهَّرَكِ وَاصْطَفَاكِ عَلَى نِسَاءِ الْعَالَمِينَ (42) يَا مَرْيَمُ اقْنُتِي لِرَبِّكِ وَاسْجُدِي وَارْكَعِي مَعَ الرَّاكِعِينَ (43)} [آل عمران: 42، 43]

وعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ غَنَّامٍ الْبَيَاضِىِّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ « مَنْ قَالَ حِينَ يُصْبِحُ اللَّهُمَّ مَا أَصْبَحَ بِى مِنْ نِعْمَةٍ فَمِنْكَ وَحْدَكَ لاَ شَرِيكَ لَكَ فَلَكَ الْحَمْدُ وَلَكَ الشُّكْرُ. فَقَدْ أَدَّى شُكْرَ يَوْمِهِ وَمَنْ قَالَ مِثْلَ ذَلِكَ حِينَ يُمْسِى فَقَدْ أَدَّى شُكْرَ لَيْلَتِهِ ». رواه أبو داود بسند حسن

6. إن ذكر النعم يدفعنا للاستغفار بعد العبادة شكرا لله لا إعجابا بها.

قال بعض السلف: حقيقة الشكر الثناء على المحسن بذكر إحسانه.

 

وقال الحسن البصري: أكثروا ذكر النعم فإن ذكرها شكرها.

ومن غفل عن ذكر النعم فهو مقصر في حق الله تعالى كيف لا وقد أمرنا الله تبارك وتعالى بشكر المنعم ومن حق المنعم على من أنعم عليه أن يشكره ولا يكفره وأن يذكره ولا ينساه فيا من قصر في عبادة ربه وأحجم عن شكره عد إليه والزم بابه تجده غفورا رحيما والله أسأل أن يهدينا والمسلمين إلى شكر النعمة وذكرها وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.

         الشيخ عبد الباري بن محمد خلة

الأكثر مشاهدة


لقمة الزقوم والقلاش ذوق الطعام من البضاعة قبل الشراء

الورع

الغفلة

الاشتراك في القائمة البريدية