الشيخ عبد الباري بن محمد خلة | مقالات | حق اليقين جاهز

اليوم : الجمعة 9 ذو القعدة 1445 هـ – 17 مايو 2024م
ابحث في الموقع

حق اليقين جاهز

إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادى له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده، ورسوله: )يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ( سورة آل عمران: 102.

)يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيرًا وَنِسَاء وَاتَّقُواْ اللّهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا( سورة النساء: 1

)يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَن يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا( سورة  الأحزاب: 70 ، 71.

أما بعد ..

فإن أصدق الحديث كتاب الله، وخير الهدى هدى محمد وشر الأمور محدثاتها وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار. قال الله تعالى: )وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ(

قال ابن القيم رحمه الله: ومنزلة اليقين من الإيمان بمنزلة الروح من الجسد، فاليقين هو روح أعمال القلوب، فإذا وصل اليقين إلى القلب امتلأ نوراً وإيماناً، وشكراً لله.

وقال سفيان الثوري: إذا امتلأ القلب باليقين طار شوقاً إلى الجنة وهو يأمن النار.

وقال الله تعالى: )وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يُوقِنُونَ( (24) سورة السجدة  فالصبر واليقين أورثهم الإمامة.

وعن أبى هريرة أن النبي أعطاه نعليه وقال:} يا أبا هريرة اذهب بنعلي هاتين فمن لقيتَ وراء هذا الحائطِ يشهد: أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله مستيقنا بها قلبَه فبشره بالجنة{.

وأهل النار ليسوا من أهل اليقين قال تعالى: )وَإِذَا قِيلَ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَالسَّاعَةُ لَا رَيْبَ فِيهَا قُلْتُم مَّا نَدْرِي مَا السَّاعَةُ إِن نَّظُنُّ إِلَّا ظَنًّا وَمَا نَحْنُ بِمُسْتَيْقِنِينَ( (32) سورة الجاثية.

ومن صفات أهل اليقين الفلاحُ قال الله تعالى: )الم * ذَلِكَ الْكِتَابُ لاَ رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِّلْمُتَّقِينَ * الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ * والَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنزِلَ مِن قَبْلِكَ وَبِالآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ * أُوْلَئِكَ عَلَى هُدًى مِّن رَّبِّهِمْ وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ( (1-5) سورة البقرة.

 ومن صفاتهم  الانتفاعُ بالآيات والبراهينِ كما قال الله تعالى )وَفِي الْأَرْضِ آيَاتٌ لِّلْمُوقِنِينَ( (20) سورة الذاريات.

قال الإمام ابن القيم: قال أبو بكر الوراق: اليقين على ثلاثة أوجه: يقين خبر، ويقين دلالة، ويقين مشاهدة.

يقين خبر: وهو أن يَسكنَ القلب للخبر فكيف يكون سكونُ القلب وكيف تكون ثقة القلب لخبر عن الله ورسوله، فإذا جاء الخبر عن الله وإذا جاء الخبر عن رسول الله فهو اليقين هذا يقين الخبر.

قال تعالى: ) وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللّهِ حَدِيثًا( (87) سورة النساء.

وقال تعالى في حق نبيه: {قَدْ نَعْلَمُ إِنَّهُ لَيَحْزُنُكَ الَّذِي يَقُولُونَ فَإِنَّهُمْ لاَ يُكَذِّبُونَكَ وَلَكِنَّ الظَّالِمِينَ بِآيَاتِ اللّهِ يَجْحَدُونَ} (33) سورة الأنعام.

قال تعالى: )وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللّهِ قِيلاً( (122) سورة النساء.

وقال في حق نبيه )وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَى * مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى * وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَى * إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى( (1-4) سورة النجم .

فيقين الخبر أن يَثبتَ الخبرُ عن الله وعن الصادق رسولِ الله.

أما يقين الدلالة: فهو أن الله يقيم الأدلة على صدق خبره فهذا يقين الدلالة فهو يثبت وحدانيتَه تعالى بالدليل والبرهان

قال الله تعالى )أَمَّنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَأَنزَلَ لَكُم مِّنَ السَّمَاء مَاء فَأَنبَتْنَا بِهِ حَدَائِقَ ذَاتَ بَهْجَةٍ مَّا كَانَ لَكُمْ أَن تُنبِتُوا شَجَرَهَا أَإِلَهٌ مَّعَ اللَّهِ بَلْ هُمْ قَوْمٌ يَعْدِلُونَ * أَمَّن جَعَلَ الْأَرْضَ قَرَارًا وَجَعَلَ خِلَالَهَا أَنْهَارًا وَجَعَلَ لَهَا رَوَاسِيَ وَجَعَلَ بَيْنَ الْبَحْرَيْنِ حَاجِزًا أَإِلَهٌ مَّعَ اللَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ *  أَمَّن يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاء الْأَرْضِ أَإِلَهٌ مَّعَ اللَّهِ قَلِيلًا مَّا تَذَكَّرُونَ * أَمَّن يَهْدِيكُمْ فِي ظُلُمَاتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَن يُرْسِلُ الرِّيَاحَ بُشْرًا بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ أَإِلَهٌ مَّعَ اللَّهِ تَعَالَى اللَّهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ * أَمَّن يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ وَمَن يَرْزُقُكُم مِّنَ السَّمَاء وَالْأَرْضِ أَإِلَهٌ مَّعَ اللَّهِ قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ( (60، 64) سورة النمل .

 وقال الله تعالى: )وَكَذَلِكَ نُرِي إِبْرَاهِيمَ مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَلِيَكُونَ مِنَ الْمُوقِنِينَ * فَلَمَّا جَنَّ عَلَيْهِ اللَّيْلُ رَأَى كَوْكَبًا قَالَ هَذَا رَبِّي فَلَمَّا أَفَلَ قَالَ لا أُحِبُّ الآفِلِينَ * فَلَمَّا رَأَى الْقَمَرَ بَازِغًا قَالَ هَذَا رَبِّي فَلَمَّا أَفَلَ قَالَ لَئِن لَّمْ يَهْدِنِي رَبِّي لأكُونَنَّ مِنَ الْقَوْمِ الضَّالِّينَ * فَلَمَّا رَأَى الشَّمْسَ بَازِغَةً قَالَ هَذَا رَبِّي هَذَآ أَكْبَرُ فَلَمَّا أَفَلَتْ قَالَ يَا قَوْمِ إِنِّي بَرِيءٌ مِّمَّا تُشْرِكُونَ * إِنِّي وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ حَنِيفًا وَمَا أَنَاْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ( (75، 79) سورة الأنعام

فالخبر من الله هو الصدق المطلق ومع ذلك فإن الله يقيم الأدلة على صدق الخبر فيجرى المعجزات على أيدي رسله، ليثبت للناس صدقهم.

وقال الله تعالى )وَإِن كُنتُمْ فِي رَيْبٍ مِّمَّا نَزَّلْنَا عَلَى عَبْدِنَا فَأْتُواْ بِسُورَةٍ مِّن مِّثْلِهِ وَادْعُواْ شُهَدَاءكُم مِّن دُونِ اللّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ * فَإِن لَّمْ تَفْعَلُواْ وَلَن تَفْعَلُواْ فَاتَّقُواْ النَّارَ الَّتِي وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ( (24) سورة البقرة.

فهنا اليقين من جهتين: من جهة يقين الخبر، ومن جهة يقين الدلالة فالخبر من الله وهو يقيم الأدلة على صدق ذلك الخبر، لينتقل بالناس إلى المشاهدة.

ومن علامات اليقين النظرُ إلى الله في كل شيء والرجوع إليه في كل أمر، والاستعانةُ به في كل حال، النظرُ إلى الله في كل شيء صاحب القلب الذي ذاق حلاوة اليقين يراقب الله في السر والعلن، يراقب الله في كل شيء لا يغيب عن قلبه ولا عن بصره ولا عن سمعه قولُ ربه: )أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ مَا يَكُونُ مِن نجوى ثَلَاثَةٍ إِلَّا هُوَ رَابِعُهُمْ وَلَا خَمْسَةٍ إِلَّا هُوَ سَادِسُهُمْ وَلَا أَدْنَى مِن ذَلِكَ وَلَا أَكْثَرَ إِلَّا هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ مَا كَانُوا ثُمَّ يُنَبِّئُهُم بِمَا عَمِلُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ( (7) سورة المجادلة.

وقال أحدهم: والله لو كشف الحجاب ما ازددت يقينا، لماذا؛ لأنه انتقل إلى يقين المشاهدة.

وقال أحد السلف: إني رأيت الجنة والنار. قالوا: فكر فيما تقول يا رجل، قال: والله لقد رأيت الجنة والنار .. قالوا: كيف ذلك؟ قال: رأيتهما بعيني رسول الله ورؤيتي لهما بعيني رسول الله أوثقُ عندي من رؤيتي لهما بعيني، لأن بصري قد يزيغ وقد يطغى، أما بصر النبي فقد قال فيه ربه تعالى: )مَا زَاغَ الْبَصَرُ وَمَا طَغَى( (17) سورة النجم إنه يقين المشاهدة.

ودرجات اليقين تنقسم إلى ثلاثة أقسام: علم اليقين، وعين اليقين، وحق اليقين. أما علم اليقين: فهو العلم الثابتُ عن الله ورسله علم بأسمائه وصفاته علم عن الغيبيات من البرزخ والبعث والموت

أما عين اليقين: فهو العلم الذي لا يحتاج صاحبه إلى دليل إذا أخبرك صادق بشيء فهذا علم اليقين فإن أحضر لك المُخبَرَ به ورأيتَه بعينيك فهذا عين اليقين، فإن ذقته فهذا حق اليقين فمن أخبرك أنه اشترى فاكهة وهو صادق فهذا علم اليقين فإن أراكه فهذا عين اليقين فإذا ذقته فهذا حق اليقين ونحن علمنا بالجنة والنار فهذا عين اليقين،  ويوم القيامة يكون عينَ اليقين، فإذا دخل أهل الجنة الجنة وأهل النار النار فهذا حق اليقين

 قال الله تعالى: )فَلَا أُقْسِمُ بِمَوَاقِعِ النُّجُومِ * وَإِنَّهُ لَقَسَمٌ لَّوْ تَعْلَمُونَ عَظِيمٌ * إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ * فِي كِتَابٍ مَّكْنُونٍ * لَّا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ * تَنزِيلٌ مِّن رَّبِّ الْعَالَمِينَ * أَفَبِهَذَا الْحَدِيثِ أَنتُم مُّدْهِنُونَ * وَتَجْعَلُونَ رِزْقَكُمْ أَنَّكُمْ تُكَذِّبُونَ * فَلَوْلَا إِذَا بَلَغَتِ الْحُلْقُومَ * وَأَنتُمْ حِينَئِذٍ تَنظُرُونَ * وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنكُمْ وَلَكِن لَّا تُبْصِرُونَ * فَلَوْلَا إِن كُنتُمْ غَيْرَ مَدِينِينَ* تَرْجِعُونَهَا إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ * فَأَمَّا إِن كَانَ مِنَ الْمُقَرَّبِينَ * فَرَوْحٌ وَرَيْحَانٌ وَجَنَّةُ نَعِيمٍ * وَأَمَّا إِن كَانَ مِنَ أَصْحَابِ الْيَمِينِ( (75،90) سورة الواقعة .

فعلم اليقين: علم عن الله ورسوله. وعين اليقين: رؤيتك الشيء. وحق اليقين: أن تعيش في النعيم.

ولنضرب نماذج لليقين فهذا موسى عندما كان فرعون وجنده خلفه والبحرُ أمامه فكان عنده الثقة واليقين قال الله تعالى:: )فَلَمَّا تَرَاءى الْجَمْعَانِ قَالَ أَصْحَابُ مُوسَى إِنَّا لَمُدْرَكُونَ قَالَ كَلَّا إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ} (62) سورة الشعراء.

وهذا إبراهيم يلقى في النار ويأتيه جبريل قائلا له: يا إبراهيم ألك حاجة؟ فيردُ إبراهيم ويقول: حسبي الله ونعم الوكيل.

 ونوح عليه السلام الذي صنع السفينة على الرمال امتثالا لأمر الله كما قال الله تعالى: {وَاصْنَعِ الْفُلْكَ بِأَعْيُنِنَا وَوَحْيِنَا وَلاَ تُخَاطِبْنِي فِي الَّذِينَ ظَلَمُواْ إِنَّهُم مُّغْرَقُونَ * {وَيَصْنَعُ الْفُلْكَ وَكُلَّمَا مَرَّ عَلَيْهِ مَلأٌ مِّن قَوْمِهِ سَخِرُواْ مِنْهُ قَالَ إِن تَسْخَرُواْ مِنَّا فَإِنَّا نَسْخَرُ مِنكُمْ كَمَا تَسْخَرُونَ( (37، 38) سورة هود.

نوح يصنع سفينة على الرمال، أين الماء، ومع ذلك فهو ممتلئ القلب باليقين لأمر ربه وَسَخِرَ منه قومه ودعا بهذا الدعاء {فَدَعَا رَبَّهُ أَنِّي مَغْلُوبٌ فَانتَصِرْ} (10) سورة القمر. فكانت النتيجة: {فَفَتَحْنَا أَبْوَابَ السَّمَاء بِمَاء مُّنْهَمِرٍ* وَفَجَّرْنَا الْأَرْضَ عُيُونًا فَالْتَقَى الْمَاء عَلَى أَمْرٍ قَدْ قُدِرَ* وَحَمَلْنَاهُ عَلَى ذَاتِ أَلْوَاحٍ وَدُسُرٍ* تَجْرِي بِأَعْيُنِنَا جَزَاء لِّمَن كَانَ كُفِرَ} (11، 14) سورة القمر.

وهذا الحبيب محمد صاحب اليقين العالي ماذا يقول عنه ربه {إِلاَّ تَنصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُواْ ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لاَ تَحْزَنْ إِنَّ اللّهَ مَعَنَا فَأَنزَلَ اللّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَّمْ تَرَوْهَا وَجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُواْ السُّفْلَى وَكَلِمَةُ اللّهِ هِيَ الْعُلْيَا وَاللّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ} (40) سورة التوبة. حيث أحاط المشركون بالغار ويقول الصديق: يا رسول الله لو نظر أحدهم تحت قدميه لرآنا. فيرد عليه ' تحزن إن الله معنا'.ولما جاءه خباب بن الأرت يشكو إليه هذا العذاب يا رسول الله ادع الله لنا ألا تستنصرُ الله لنا فقعد النبي في ظل الكعبة وقد احمر وجهه وقال: }والذي نفسي بيده لقد كان يؤتى بالرجل قبلكم فيحفر له في الأرض ويوضع المنشار في مَفرِقِ رأسه فيُشقُ نصفين ويمشط بأمشاط الحديد ما دون العظم واللحم فما يصده ذلك عن دين الله' ثم قال:' والذي نفسي بيده ليتمن الله هذا الأمر حتى يسير الراكب من صنعاء إلى حضرموت لا يخاف إلا الله والذئب على غنمه ولكنكم قوم تستعجلون{ .

وهكذا أيها الإخوة والأخوات, رأينا اليقين وأنواعه, وكيف كان الرسل عليهم السلام, متصفين به, وكيف تعلم الصحابة اليقين, من أستاذهم رسول الله صلى الله عليه وسلم, فلا بد لنا نحن المسلمين, أن نتصف بهذه الصفة؛ لأنها صفة الأنبياء والصديقين, فيا لها من صفة لو كان المسلمون يعقلون.

أسأل الله تعالى أن يخلقنا بهذه الصفة, وأن يثقل موازيننا, يوم لا ينفع مال ولا بنون, إلا من أتى الله بقلب سليم, وأخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.

         الشيخ عبد الباري بن محمد خلة

 

 

 

 

الأكثر مشاهدة


لقمة الزقوم والقلاش ذوق الطعام من البضاعة قبل الشراء

الورع

الغفلة

الاشتراك في القائمة البريدية