الشيخ عبد الباري بن محمد خلة | مقالات | المداومة على العمل الصالح بعد الحج

اليوم : الجمعة 10 شوَّال 1445 هـ – 19 أبريل 2024م
ابحث في الموقع

المداومة على العمل الصالح بعد الحج

الحمد لله وكفى، وسلام على عباده الذين اصطفى أمّا بعد،

فيقول الله تعالى: {قُلْ إِنَّ صَلاَتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (162) لاَ شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَاْ أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ} [الأنعام: 162 - 163].

ويقول الله تعالى: {يُسَبِّحُونَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ لَا يَفْتُرُونَ} [الأنبياء: 20]،

ويقول الله تعالى: {وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ} [الحجر: 99[

ويقول الله تعالى: {فَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ وَمَن تَابَ مَعَكَ وَلاَ تَطْغَوْاْ إِنَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ} [هود: 112]،

ويقول الله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ} [الأحقاف: 13]، وقال الله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنتُمْ تُوعَدُونَ (30) نَحْنُ أَوْلِيَاؤُكُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَشْتَهِي أَنفُسُكُمْ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَدَّعُونَ (31) نُزُلاً مِّنْ غَفُورٍ رَّحِيمٍ} [فصلت: 30 - 32].

 ويقول الله تعالى: {وَلاَ تَكُونُواْ كَالَّتِي نَقَضَتْ غَزْلَهَا مِن بَعْدِ قُوَّةٍ أَنكَاثاً} [النحل: 92]،

وعَنْ أَبِي مَالِكٍ الْأَشْعَرِيِّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-... 'كُلُّ النَّاسِ يَغْدُو فَبَايِعٌ نَفْسَهُ فَمُعْتِقُهَا أَوْ مُوبِقُهَا' [رواه مسلم (1/ 203) رقم 223].

ونعم الله علينا كثيرة لا تعد ولا تحصى قال الله تعالى: {وَمَا بِكُمْ مِنْ نِعْمَةٍ فَمِنَ اللَّهِ}. ]النحل:53[.

أجل هذه النعم وأعظمها أداء العبادات بنية خالصة، ومن أجلها حج بيت الله الحرام؛ فعن أَبِي هُرَيْرَةَ -رضي الله عنه-، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-: مَنْ حَجَّ هذَا الْبَيْتَ فَلَمْ يَرْفُثْ وَلَمْ يَفْسُقْ رَجَعَ كَمَا وَلَدَتْهُ أُمُّهُ» [رواه البخاري (3/11) رقم1819].

والمسارعة إلى الخيرات من صفات المؤمنين قال الله تعالى: {وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوْا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ أَنَّهُمْ إِلَى رَبِّهِمْ رَاجِعُونَ}. ]المؤمنون: 60[

وعن عَائِشَةَ زَوْج النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- قَالَتْ: سَأَلْتُ رَسُول اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- عَنْ هَذِهِ الْآيَةِ وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوْا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ قَالَتْ عَائِشَةُ أَهُمْ الَّذِينَ يَشْرَبُونَ الْخَمْرَ وَيَسْرِقُونَ قَالَ لَا يَا بِنْتَ الصِّدِّيقِ وَلَكِنَّهُمْ الَّذِينَ يَصُومُونَ وَيُصَلُّونَ وَيَتَصَدَّقُونَ وَهُمْ يَخَافُونَ أَنْ لَا يُقْبَلَ مِنْهُمْ أُولَئِكَ الَّذِينَ يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ. [رواه الترمذي بسند صحيح (5/ 327) رقم 3175].

والإخلاص في العمل مهم لقبوله؛ قيل لابن عمر -رضي الله عنه-ما، ما أكثر الحاج، قال: (بل ما أكثر الركب وأقل الحاج).

 وقال علي -رضي الله عنه-: (كونوا لقبول العمل أشد اهتماما منكم بالعمل، ألم تسمعوا الله عز وجل يقول: {إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ} انظر: لطائف المعارف 375.

وقال أبو الدرداء: (لأن أستيقن أن الله قد تقبل مني صلاة واحدة أحب إلي من الدنيا وما فيها، إن الله يقول: {إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِين}.] المائدة : 27[

ومن صفات المؤمنين المواظبة على العمل الصالح وإتباع الحسنة بالحسنة والطاعة بالطاعة

وقال عبد العزيز بن أبي رواد - عن حال السلف رحمهم الله-:' أدركتهم يجتهدون في العمل الصالح، فإذا فعلوه وقع عليهم الهم، أيقبل منهم أم لا؟) انظر: لطائف المعارف 376

وكتب عمر بن عبد العزيز إلى رجل (أوصيك بتقوى الله الذي لا يقبل غيرها، ولا يرحم إلا بها، ولا يثيب إلا عليها، فإن الواعظين بها كثير، والعاملين بها قليل).

وقال الحسن البصري رحمه الله: (آية الحج المبرور: أن يرجع زاهدًا في الدنيا راغبًا في الآخرة) انظر: لطائف المعارف125

وكان الإمام أحمد رحمه الله يدعو بقوله: (اللهم أعزني بطاعتك ولا تذلني بمعصيتك) انظر: لطائف المعارف129

ومن دعاء إبراهيم بن أدهم رحمه الله: (اللهم انقلني من ذل المعصية إلى عز الطاعة) انظر: لطائف المعارف129

وقال ميمون بن مهران:( لا خير في الحياة إلا لتائب، أو رجل يعمل في الدرجات، ومن عداهما فخاسر)، وقال بعضهم يحكي حالهم: (كانوا يستحيون من الله أن يكونوا اليوم على مثل حالهم بالأمس) انظر: لطائف المعارف 517

وعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُسْرٍ أَنَّ أَعْرَابِيًّا قَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَنْ خَيْرُ النَّاسِ قَالَ مَنْ طَالَ عُمُرُهُ وَحَسُنَ عَمَلُهُ'. [رواه الترمذي بسند صحيح (4/ 565) رقم 2329].

وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-:' لَا يَتَمَنَّى أَحَدُكُمْ الْمَوْتَ وَلَا يَدْعُ بِهِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَهُ إِنَّهُ إِذَا مَاتَ أَحَدُكُمْ انْقَطَعَ عَمَلُهُ وَإِنَّهُ لَا يَزِيدُ الْمُؤْمِنَ عُمْرُهُ إِلَّا خَيْرًا» [رواه مسلم (4/ 2065) رقم 2682].

والمؤمن لا يمل من العمل ولا ينقطع وربما يخاف التقصير فيتمنى الموت وهذا خلاف هدي النبي صلى الله عليه وسلم، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ -رضي الله عنه- قَالَ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم- لَا يَتَمَنَّيَنَّ أَحَدُكُمْ الْمَوْتَ مِنْ ضُرٍّ أَصَابَهُ فَإِنْ كَانَ لَا بُدَّ فَاعِلًا فَلْيَقُلْ اللَّهُمَّ أَحْيِنِي مَا كَانَتْ الْحَيَاةُ خَيْرًا لِي وَتَوَفَّنِي إِذَا كَانَتْ الْوَفَاةُ خَيْرًا لِي'. [رواه البخاري (7/ 121) رقم 5671].

وروي عن أبي هريرة يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مَا مِنْ أَحَدٍ يَمُوتُ إِلاَّ نَدِمَ، قَالُوا: وَمَا نَدَامَتُهُ يَا رَسُولَ اللهِ؟ قَالَ: إِنْ كَانَ مُحْسِنًا نَدِمَ أَنْ لاَ يَكُونَ ازْدَادَ، وَإِنْ كَانَ مُسِيئًا نَدِمَ أَنْ لاَ يَكُونَ نَزَعَ. [رواه الترمذي بسند ضعيف (4/ 182) رقم 2403].

ويقول أبو الدرداء: (إنما أنت أيام، كلما مضى منك يوم مضى بعضك).

وقال بعضهم: (كل يوم يعيش فيه المؤمن غنيمة).

 ولذا كانوا يتأسفون عند موتهم على انقطاع أعمالهم الصالحة بالموت، بكى معاذ  -رضي الله عنه-  عند موته وقال: (اللهم إني لم أحب البقاء في الدنيا لا لغرس الأشجار، ولا لجري الأنهار، إنما أبكي لظمأ الهواجر وقيام الليالي المظلمة، ومزاحمة العلماء بالركب، ومجالسة أناس ينتقون أطايب الكلام، كما ينتقى أطايب الثمر).

 وقال أحد الصالحين عند موته: (إنما أبكي على أن يصلي المصلون ولست فيهم، وأن يصوم الصائمون ولست فيهم، ويذكر الذاكرون ولست فيهم) انظر: لطائف المعارف 519 2.

والتثبيت من الله فلا بد للمؤمن أن يدعو ربه دائما أن يثبت قلبه على الطاعة وهذا الذي كان يدعو به -صلى الله عليه وسلم- فعن أَنَس بْنِ مَالِكٍ قَالَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- يُكْثِرُ أَنْ يَقُولَ' اللَّهُمَّ ثَبِّتْ قَلْبِي عَلَى دِينِكَ» [رواه ابن ماجه بسند صحيح (2/ 1260) رقم 3834].

ومن دعائه أيضًا: « اللهم إني أعوذ بك مِنْ الْحَوْرِ بَعْدَ الْكَوْرِ » فعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَرْجِسَ أَنَّهُ كَانَ رَأَى النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- إِذَا سَافَرَ قَالَ اللَّهُمَّ أَنْتَ الصَّاحِبُ فِي السَّفَرِ وَالْخَلِيفَةُ فِي الْأَهْلِ اللَّهُمَّ اصْحَبْنَا فِي سَفَرِنَا وَاخْلُفْنَا فِي أَهْلِنَا اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ وَعْثَاءِ السَّفَرِ وَكَآبَةِ الْمُنْقَلَبِ وَمِنْ الْحَوْرِ بَعْدَ الْكَوْرِ وَدَعْوَةِ الْمَظْلُومِ وَسُوءِ الْمَنْظَرِ فِي الْأَهْلِ وَالْمَالِ قَالَ وَسُئِلَ عَاصِمٌ عَنْ الْحَوْرِ بَعْدَ الْكَوْرِ قَالَ حَارَ بَعْدَ مَا كَانَ [رواه أحمد بسند صحيح (34/ 376) رقم 20781].

والمعنى: أي من النقصان بعد الزيادة، وقيل: هو الرجوع من الإيمان إلى الكفر أو من الطاعة إلى المعصية، أو الرجوع من شيء إلى شيء من الشر، وقيل: الرجوع عن حالة مستقرة جميلة '' انظر: مسلم: شرح النووي 9/111.

من آثار المداومة على الطاعة:

للمداومة على الطاعة آثار كثيرة من أهمها:

1- المداومة على العمل ترويض للنفس على الطاعة ولهذا قيل: نفسك إن لم تشغلها بالطاعة شغلتك بالمعصية وقال الله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ * وَلا تَكُونُوا كَالَّذِينَ نَسُوا اللَّهَ فَأَنْسَاهُمْ أَنْفُسَهُمْ أُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ * لا يَسْتَوِي أَصْحَابُ النَّارِ وَأَصْحَابُ الْجَنَّةِ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمُ الْفَائِزُونَ) [الحشر:18-20].

2- المداومة سبب لإظلال العبد في ظل الله، فعن أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم-، قَالَ سَبْعَةٌ يُظِلُّهُمُ اللهُ فِي ظِلِّهِ يَوْمَ لاَ ظِلَّ إِلاَّ ظِلُّهُ الإِمَامُ الْعَادِلُ، وَشَابٌّ نَشَأَ فِي عِبَادَةِ رَبِّهِ، وَرَجُلٌ قَلْبُهُ مُعَلَّقٌ فِي الْمَسَاجِدِ، وَرَجُلاَنِ تَحَابَّا فِي اللهِ، اجْتَمَعَا عَلَيْهِ وَتَفَرَّقَا عَلَيْهِ، وَرَجُلٌ طَلَبَتْهُ امْرَأَةٌ ذَاتُ مَنْصِبٍ وَجَمَالٍ، فَقَالَ إِنِّي أَخَافُ اللهَ، وَرَجُلٌ تَصَدَّقَ أَخْفَى حَتَّى لاَ تَعْلَمَ شِمَالُهُ مَا تُنْفِقُ يَمِينُهُ، وَرَجُلٌ ذَكَرَ اللهَ خَالِيًا فَفَاضَتْ عَيْنَاهُ. [رواه البخاري (1/ 133) رقم 660]. 

 ومن المعلوم أنه لا بد من الاستمرار على ذلك ليحصل على الأجر

3- العمل المداوم عليه محبوب لله، فعَنْ عَائِشَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ: 'سَدِّدُوا وَقَارِبُوا وَاعْلَمُوا أَنْ لَنْ يُدْخِلَ أَحَدَكُمْ عَمَلُهُ الْجَنَّةَ وَأَنَّ أَحَبَّ الْأَعْمَالِ إِلَى اللَّهِ أَدْوَمُهَا وَإِنْ قَلّ'. [رواه البخاري (8/ 98) رقم 6464].

4- المداومة على العمل سبب لمحبة الله، فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ' إِنَّ اللَّهَ قَالَ: مَنْ عَادَى لِي وَلِيًّا فَقَدْ آذَنْتُهُ بِالحَرْبِ، وَمَا تَقَرَّبَ إِلَيَّ عَبْدِي بِشَيْءٍ أَحَبَّ إِلَيَّ مِمَّا افْتَرَضْتُ عَلَيْهِ، وَمَا يَزَالُ عَبْدِي يَتَقَرَّبُ إِلَيَّ بِالنَّوَافِلِ حَتَّى أُحِبَّهُ، فَإِذَا أَحْبَبْتُهُ: كُنْتُ سَمْعَهُ الَّذِي يَسْمَعُ بِهِ، وَبَصَرَهُ الَّذِي يُبْصِرُ بِهِ، وَيَدَهُ الَّتِي يَبْطِشُ بِهَا، وَرِجْلَهُ الَّتِي يَمْشِي بِهَا، وَإِنْ سَأَلَنِي لَأُعْطِيَنَّهُ، وَلَئِنِ اسْتَعَاذَنِي لَأُعِيذَنَّهُ، وَمَا تَرَدَّدْتُ عَنْ شَيْءٍ أَنَا فَاعِلُهُ تَرَدُّدِي عَنْ نَفْسِ المُؤْمِنِ، يَكْرَهُ المَوْتَ وَأَنَا أَكْرَهُ مَسَاءَتَهُ '[رواه البخاري (8/ 105) رقم 6502].

5- المداومة سبب لطهارة القلب من النفاق؛ فالمنافق تثقل عليه العبادة ولا يستمر عليها، قال الله تعالى: {وَإِذَا قَامُوا إِلَى الصَّلَاةِ قَامُوا كُسَالَى يُرَاءُونَ النَّاسَ وَلَا يَذْكُرُونَ اللَّهَ إِلَّا قَلِيلًا) [النساء: 142]

6- المداومة على العمل من هدي النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فعَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «اكْلَفُوا مِنَ الْعَمَلِ مَا تُطِيقُونَ، فَإِنَّ اللَّهَ لَا يَمَلُّ، حَتَّى تَمَلُّوا، وَإِنَّ أَحَبَّ الْعَمَلِ إِلَى اللَّهِ أَدْوَمُهُ، وَإِنْ قَلَّ»، وَكَانَ إِذَا عَمِلَ عَمَلًا أَثْبَتَهُ [ رواه ابو داود بسند صحيح (2/ 48) رقم 1368].

7- المداومة على العمل سبب للنجاة من الشدائد فعن ابْنِ عَبَّاسٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى الله عَلَيِهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ 'تَعَرَّفْ إلَى اللهِ فِي الرَّخَاءِ، يَعْرِفْكَ فِي الشِّدَّةِ'. [رواه أحمد بسند صحيح (5/ 18) رقم 2803].

8- المداومة على العمل فيه دوام اتصال القلب بالله.

ماهي علامات قبول الحج؟

أمارة الحج المبرور حفظ الجوارح عن المعاصي، سُئل الحسن البصري رحمه الله تعالى: ما الحجُ المبرور؟ قال: أن تعودَ زاهدًا في الدنيا، راغبًا في الآخرة، فليكن حجُك حاجزًا لك عن مواقعِ الهلكة، ومانعًا لك من المزالقِ المُتلفة، وباعثًا لك إلى المزيد من الخيرات وفعلِ الصالحات، واعلم أن المؤمن ليس له منتهى من صالحِ العمل إلا حلولُ الأجل، فما أجملَ أن تعود بعد الحج إلى أهلك ووطنك بالخُلُقِ الأكمل، والعقلِ الأرزن، والوقارِ الأرْصَن، والعِرض الأصون، والشِيَمِ المرْضية، والسجايا الكريمة، ما أجملَ أن تعود حَسَنَ المعاملة لقِعادك، كريمَ المعاشرةِ لأولادك، طاهرَ الفؤاد، ناهجًا منهج الحق والعدل والسداد، المُضْمَرُ منه خيرٌ من المظهر، والخافي أجملُ من البادي، فإن من يعودُ بعد الحج بهذه الصفات الجميلة والسمات الجليلة فهو حقًا من استفاد من الحجِ وأسراره ودروسه وآثاره .

ويظن بعض الناس أن من حجّ فليفعل ما يشاء فقد غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر وهذا خطأ

ماذا لو عاد الحاج إلى السيئات والذنوب التي كان يقترفها قبل الحج؟

يظن بعضهم أن من حجَّ فإنه معصوم من الذنوب لا تقع منه معصية بعد حجه،

وهذا خطأ فقد يذنب الحاج لكنه لا يصر على معصيته بل يبادر إلى التوبة

فإن حج ثم عصى ثم رجع له كمال إيمانه

وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.

الشيخ عبد الباري بن محمد خلة

الأكثر مشاهدة


لقمة الزقوم والقلاش ذوق الطعام من البضاعة قبل الشراء

الورع

الغفلة

الاشتراك في القائمة البريدية