الشيخ عبد الباري بن محمد خلة | مقالات | الفرق بين المغفرة والعفو

اليوم : الجمعة 9 ذو القعدة 1445 هـ – 17 مايو 2024م
ابحث في الموقع

الفرق بين المغفرة والعفو

الحمد لله وكفى وسلام على عباده الذين اصطفى وبعد:

فقد اختلف العلماء في مسألة الفرق المغفرة والعفو على قولين:

القول الأول: ذهب الغزالي الدمشقي وغيرهما إلى أن العفو أبلغ من المغفرة؛ لأن العفو محو، والمغفرة ستر

فالْعَفوّ: هُوَ الَّذِي يمحو السَّيِّئَات ، ويتجاوز عَن الْمعاصِي ، ويُنبئ عَن المحو، والغفران يُنبئ عَن السّتْر، والمحو أبلغ من السّتْر.

القول الثاني: ذهب ابن جزي الرازي وغيرهما إلى أن المغفرة أبلغ من العفو؛ لأنها سترٌ وإسقاط ونيل، فتسقط العقوبة وتنال الثواب، أما العفو: فلا يلزم منه ستر، ولا نيل.

والغفران: يَقْتَضِي إِسْقَاط الْعقَاب ، ونيل الثَّوَاب، وَلَا يسْتَحقّهُ إِلَّا الْمُؤمن، وَلَا يسْتَعْمل إِلَّا فِي حق الله تعالى فَيُقَال : غفر الله لَك ، وَلَا يُقَال غفر زيد لَك ، إِلَّا شاذا قَلِيلا .

وَالْعَفو : يَقْتَضِي إِسْقَاط اللوم والذم، وَلَا يَقْتَضِي نيل الثَّوَاب وَلِهَذَا يسْتَعْمل فِي العَبْد ، فَيُقَال : عَفا زيد عَن عَمْرو ؛ وَإِذا عَفا عَنهُ : لم يجب عَلَيْهِ إثابته .

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :

' الْعَفْوُ مُتَضَمِّنٌ لِإِسْقَاطِ حَقِّهِ قِبَلِهِمْ وَمُسَامَحَتِهِمْ بِهِ، وَالْمَغْفِرَةُ مُتَضَمِّنَةٌ لِوِقَايَتِهِمْ شَرَّ ذُنُوبِهِمْ، وَإِقْبَالِهِ عَلَيْهِمْ، وَرِضَاهُ عَنْهُمْ؛ بِخِلَافِ الْعَفْوِ الْمُجَرَّدِ؛ فَإِنَّ الْعَافِيَ قَدْ يَعْفُو ، وَلَا يُقْبِلُ عَلَى مَنْ عَفَا عَنْهُ ، وَلَا يَرْضَى عَنْهُ .

فَالْعَفْوُ تَرْكٌ مَحْضٌ، وَالْمَغْفِرَةُ إحْسَانٌ وَفَضْلٌ وَجُودٌ ' انتهى من 'مجموع الفتاوى' (14/ 140).

والراجح أن المغفرة أبلغ من العفو.

فعلى المسلم أن يتقي الله ربه ولا يعصيه فإذا أخطأ أو نسي فوقع منه ذنب أو معصية فعليه أن يتوب إلى الله ويندم ويصدق معه فإن التائب من الذنب محظي عند ربه فيغفر له ويعفو عنه فيستره ويتجاوز ويثيب ويبدل سيئاته حسنات قال الله تعالى: {فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا (70)} [الفرقان : 70]

فيا أيها العاصي لا تيأس من رحمة الله فرحمته وسعت كل شيء فعد إليه فإنه أرحم من الأم على طفلها وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين

         الشيخ عبد الباري بن محمد خلة

 

الأكثر مشاهدة


لقمة الزقوم والقلاش ذوق الطعام من البضاعة قبل الشراء

الورع

الغفلة

الاشتراك في القائمة البريدية