الشيخ عبد الباري بن محمد خلة | مقالات | أحكام العقيقة الجزء الثاني

اليوم : الجمعة 24 شوَّال 1445 هـ – 03 مايو 2024م
ابحث في الموقع

أحكام العقيقة الجزء الثاني

ما يفعل يوم السابع للمولود:

ويسن حلق رأس صبي يوم السابع وتسميته؛ فعن سمرة بن جندب مرفوعًا: «كل غلام رهينته بعقيقته تذبح يوم سابعه ويسمى ويحلق رأسه» رواه الأثرم وأبو داود، وهو صحيح. وعن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده: «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أمر بتسمية المولود يوم سابعه، ووضع الأذى عنه، والعق عنه» رواه الترمذي، وقال: حديث حسن غريب.وهو حسن

قال ابن القيم: كانت التسمية حقيقتها تعريف الشيء المسمى؛ لأنه إذا وجد وهو مجهول الاسم، لم يكن له ما يقع تعريفه به، فجاز تعريفه يوم وجوده، وجاز تأخير التعريف إلى ثلاثة أيام، وجاز إلى يوم العقيقة عنه، ويجوز قبل ذلك وبعده، والأمر فيه واسع.

واتفقوا على أن التسمية للرجال والنساء فرض، وفي قوله تعالى: { وَإِنِّي سَمَّيْتُهَا مَرْيَمَ } دليل على جوزه يوم الولادة، وقال - صلى الله عليه وسلم - : «ولد لي الليلة ولد، سميته باسم أبي إبراهيم» متفق عليه.

والتسمية للأب، فلا يسمي غيره مع وجوده.

قال ابن القيم: وهذا مما لا نزاع فيه بين الناس؛ ولأنه يدعي يوم القيامة باسمه، واسم أبيه.

ولا يعق المولود عن نفسه إذا كبر لأنها مشروعة في حق الأب، فلا يفعلها غيره كأجنبي؛ فإن عق غير الأب، والمولود عن نفسه بعد أن كبر، لم يكره لعدم الدليل عليها.

وقيل: يعق عن نفسه استحبابًا، إذا لم يعق عنه أبوه؛ لأنها مشروعة عنه، ولأنه مرتهن بها. قال الشيخ: يعق عن اليتيم من ماله كالأضحية أولى لأنه مرتهن بها بخلاف الأضحية، وقال بعضهم: مشروعة ولو بعد موت المولود.

يُسن أن يتصدق بزنة شعره فضة، فعن أبي رافع أن حسن ابن علي - رضي الله عنهما - لما ولد أرادت أمه فاطمة - رضي الله عنها - أن تعق عنه بكبشين، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : «لا تعقي عنه؛ ولكن احلقي شعر رأسه، فتصدقي بوزنه من الورق»، ثم ولد حسين - رضي الله عنه - فصنعت مثل ذلك. رواه أحمد. وهو حسن

وعن ابن عباس - رضي الله عنهما -: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - عق عن الحسن والحسين - رضي الله عنهما - كبشًا كبشًا. رواه أصحاب السنن، ولفظ الترمذي: عق النبي - صلى الله عليه وسلم - عن الحسن بشاة، وقال: «يا فاطمة احلقي رأسه، وتصدقي بزنة شعره فضة» فوزناه فكان وزنه درهمًا أو بعض درهم. وهو صحيح.

وسن أن يؤذن في أذن المولود اليمنى ذكرًا كان أو أنثى حين يولد، وأن يقام في اليسرى؛ فعن أبي رافع قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم أذن في أذن الحسن بن علي حين ولدته فاطمة وهو حديث حسن.

وللبيهقي عن ابن عباس أنه أذن في أذن الحسن بن علي يوم ولد، وأقام في أذنه اليسرى، وفيه ضعف.

وقال ابن القيم وغيره: سر التأذين أن يكون أول ما يقرع سمع الإنسان كلمات الرب وعظمته، والشهادة التي أول ما يدخل بها في الإسلام، كما يلقن كلمة التوحيد عند خروجه من الدنيا، وغير مستنكر وصول التأذين إلى قلبه، وتأثره به، وهروب الشيطان من الأذان، وأن تكون الدعوة إلى الله سابقة دعوة الشيطان وغير ذلك من الحكم.

وسن أن يحنك المولود بتمرة بأن تمضع، ويدلك بها داخل فمه، ويفتح فمه حتى ينزل إلى جوفه منها شيء؛ فعن أبي موسى، قال: ولد لي غلام، فأتيت به النبي - صلى الله عليه وسلم - فسماه إبراهيم، وحنكه بتمرة، زاد البخاري: ودعا بالبركة ودفعه إليَّ، وكان أكبر ولد أبي موسى، وروى أبو أسامة، عن هشام بن عروة، عن أسماء: أنها حملت بعبد الله ابن الزبير، فولدت بقباء، ثم أتت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فوضعته في حجره، فدعا بتمرة فمضغها، ثم وضعها في فيه. متفق عليه.

قال النووي وغيره: اتفق العلماء على استحاب تحنيك المولود عند ولادته بتمر، فإن تعذر، فما في معناه أو قريب منه من الحلو، أو أن يكون المحنك من الصالحين.

مستحبات العقيقة:

ويستحب أن يفصلها أعضاء ولا يكسر عظمها؛ فعن عائشة - رضي الله عنها - أنها قالت: السُّنة شاتان مكافأتان عن الغلام، وعن الجارية تطبخ جدولاً، ولا يكسر لها عظم ويأكل ويطعم ويتصدق، وذلك يوم السابع. وهو صحيح.

ويستحب أن يعطي القابلة فخذًا، فعن جعفر ابن محمد، عن أبيه أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال في العقيقة التي عقتها فاطمة عن الحسن والحسين: «أن ابعثوا إلى القابلة منها برجل»، رواه أبو داود في مراسيله وهو ضعيف. وكالأكل والهدية والصدقة.

شروط العقيقة:

قال ابن المنذر: وقال الشافعي: العقيقة سُّنة واجبة، ويتقي فيها من العيوب ما يتقي في الضحايا.

ويجتنب في العقيقة ما يجتنب في الأضحية، فلا تجزي فيها العوراء البين عورها، والمريضة البين مرضها ونحوها، ويباع جلدها ورأسها وسواقطها، ويتصدق بثمنها، بخلاف الأضحية؛ لأن الأضحية أدخل منها في التعبد، والذكر أفضل في العقيقة؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - عق عن الحسن والحسين بكبش كبش.

مسألة: وإذا اجتمع عقيقة وأضحية، ونوى بالأضحية عنهما أجزأت عنهما.

قال ابن القيم رحمه الله: ' كما لو صلى ركعتين ينوي بهما تحية المسجد وسنة المكتوبة، أو صلى بعد الطواف فرضًا أو سُّنة مكتوبة، وقع ما صلاه عنه وعن ركعتي الطواف، وكذا لو ذبح المتمتع والقارن شاة يوم النحر، أجزأ عن دم المتعة أو القران، وعن الأضحية، وفي معناه لو اجتمع هدي وأضحية، فتجزي ذبيحة عنهما لحصول المقصود منهما بالذبح '. تحفة المودود في أحكام المولود.

يستحب أن يلطخ رأسه بالزعفران، أو غيره من الخلوق؛ فعن بريدة الأسلمي، قال: كنا في الجاهلية إذا ولد لأحدنا غلام ذبح شاة، ونحلق رأسه ونلطخه بزعفران. رواه أبو داود؛ وهو صحيح. وعن عائشة - رضي الله عنها - قالت: كانوا في الجاهلية يجعلون قطنة في دم العقيقة، ويجعلونها على رأس المولود، فأمرهم النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يجعلوا مكان الدم خلوفًا. وهو صحيح.

قال ابن القيم في التحفة: ' وسن لهم أن يلطخوا الرأس بالزعفران الطيب الرائحة، الحسن اللون، بدلاً عن الدم الخبيث الرائحة النجس العين، والزعفران من أطيب الطيب وألطفه وأحسنه لونًا، وكأن حلق رأسه إماطة الأذى عنه، وإزالة للشعر الضعيف ليخلفه شعر أقوى وأمكن منه وأنفع للرأس مع ما فيه من التخفيف عن الصبي، وفتح مسام الرأس ليخرج البخار منها بيسر وسهولة، وفي ذلك تقوية بصره وشمه وسمعه '.

جواز ذبح العقيقة للضيوف

رزق رجل مولودا، فاشترى شاة ونواها عقيقة عن ولده، فجاءه ضيوف، فذبحها على أنها تميمة لولده، وقدمها للضيوف، فهو جائز.

والتميمة حكمها حكم الأضحية فيما يجزئ منها، وما يستحب، وما يكره.

الفرعة: هي ذبح أول ولد الناقة، والعتيرة: ذبيحة رجب؛ لما روى أبو هريرة - رضي الله عنه - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «لا فرع ولا عتيرة» متفق عليه. وقيل: يكرهان، وهذا القول أرجح.

                 الشيخ عبد الباري بن محمد خلة

الأكثر مشاهدة


لقمة الزقوم والقلاش ذوق الطعام من البضاعة قبل الشراء

الورع

الغفلة

الاشتراك في القائمة البريدية