الشيخ عبد الباري بن محمد خلة | مقالات | فتوى بشأن التصرف في مال المسجد من شحن ونحوه

اليوم : الأحد 26 شوَّال 1445 هـ – 05 مايو 2024م
ابحث في الموقع

فتوى بشأن التصرف في مال المسجد من شحن ونحوه

الحمد لله وكفى وسلام على عباده الذين اصطفى وبعد:

فيقول الله تعالى: { إنَّ اللهَ يأْمُرُكُمْ أَن تُؤَدُّوا الأَمَانَاتِ إلَى أَهْلِهَا } النساء: 58

وعن ابْنِ عُمَرَ، أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ أَصَابَ أَرْضًا بِخَيْبَرَ، فَأَتَى النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَسْتَأْمِرُهُ فِيهَا، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ إِنِّي أَصَبْتُ أَرْضًا بِخَيْبَرَ لمْ أُصِبْ مَشالاً قَطُّ أَنْفَسَ عِنْدِي مِنْهُ، فَمَا تَامُرُ بِهِ قَالَ: إِنْ شِئْتَ حَبَّسْتَ أَصْلَهَا وَتَصَدَّقْتَ بِهَا قَالَ: فَتَصَدَّقَ بِهَا عُمَرُ أَنَّهُ لاَ يُبَاعُ وَلاَ يُوهَبُ وَلاَ يُورَثُ، وَتَصَدَّقَ بِهَا فِي الْفُقَرَاءِ وَفِي الْقُرْبَى وَفِي الرِّقَابِ وَفِي سَبِيلِ اللهِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَالضَّيْفِ، لاَ جُنَاحَ عَلَى مَنْ وَلِيَهَا أَنْ يَأكُلَ مِنْهَا بِالْمَعْرُوفِ وَيُطْعِمَ، غَيْرَ مُتَمَوِّلٍ قَالَ (الرَّاوِي): فَحَدَّثْتُ بِهِ ابْن سِيرِينَ، فَقَالَ: غَيْرَ مُتَأَثِّلٍ( مدخر) مَالاً. أخرجه البخاري

فالذي ينفع الإنسان بعد موته الدعاء له، الصدقة عنه، ومن أعظمها الصدقة الجارية والتي يجري ثوابها بعد موت صاحبها، وهي كثيرة، منها: الوقف كوقف المصحف، وبناء المسجد، وإقامة الثغور والرباط فيها وكفالة اليتيم وغير ذلك.

والذي يوقف شيئا على جهة معينة وبشروط معينة فلا بد أن نصير إليها وأن نعمل بمقتضاها ويجب مراعاة قصد الواقف وشرطه.

ولا يجوز التصرف في الوقف بخلاف ما قصده الواقف.

يقول السبكي: ' كل متصرف عن الغير، فعليه أن يتصرف بالمصلحة '.

والوقف مال خاص بمن وقف عليهم فلا يجوز لناظر الوقف التصرف بالموقوف إلا لمصلحة الموقوف عليهم.

فبناء المساجد اليوم والتبرع لها يعني أن ينتفع المسلمون بالصلاة فيها وما يتبع الصلاة من وضوء وإنارة وتعليم وغير ذلك مما هو معروف ومراد.

أما استعمال المسجد وأشيائه من كهرباء أو ماء أو مد خط كهربائي من المسجد أو شحن جوال أو كشاف أو استعارة أدوات كهربائية وغير ذلك فلا يجوز لأحد أن يستعملها لأنه مال عام مقيد ومشروط فلا نحمل المساجد مصاريف عالية. ولعل بعض الناس يقول إن شحن الجوال لا يكلف كثيرا من المال فيتسامح فيه وهذه شبهة لأن المصلين كثر فهذا يشحن وهذا يطلب ماء وآخر يريد خطا للكهرباء إلى غير ذلك من أشياء.

لذا لا بد من إغلاق هذا الباب الذي لا ضرورة له بل أقل ما يقال فيه شبهة ومن اتقى الشبهات فقد استبرأ لدينه وعرضه ومن وقع في الشبهات وقع في الحرام.

وإذا كان هناك حاجة ملحة أو ضرورة كبيرة فلا بأس باستخدام كهرباء المسجد أو مياهه أو أشيائه، كالمعتكف ومن يعمل في المسجد أو لرجال الأمن والشرطة إذا فرغ الشحن فللحاجة والضرورة يجوز ولغيرهما لا يجوز ويجوز في كل حالة ضرورة وتقدر الضرورة بقدرها.

فعلى ولي الأمر مراقبة المساجد وموظفيها ومنع أي تعد أو تقصير.

وعلى الموظف أن يكون أمينا لا يقترب من مال الوقف وأشيائه وأن يحافظ عليها ولا يتصرف في مال المسجد إلا بعلم الأوقاف وللمصلحة فقط.

وعلى جيران المسجد أن يتورعوا عن المال العام وأن يحافظوا على وقفهم وأن يقوموا بخدمته.

وأخيرا أذكر بالأمانة الملقاة على كل من الراعي والرعية فعن مَعْقِل بْن يَسَارٍ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ مَا مِنْ عَبْدٍ يَسْتَرْعِيهِ اللَّهُ رَعِيَّةً يَمُوتُ يَوْمَ يَمُوتُ وَهُوَ غَاشٌّ لِرَعِيَّتِهِ إِلَّا حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ. رواه مسلم

وعن عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم، قَالَ: كُلُّكُمْ رَاعٍ فَمَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، فَالأَمِيرُ الَّذِي عَلَى النَّاسِ رَاعٍ وَهُوَ مَسْئُولٌ عَنْهُمْ، وَالرَّجُلُ رَاعٍ عَلَى أَهْلِ بَيْتِهِ وَهُوَ مَسْئُولٌ عَنْهُمْ، وَالْمَرْأَةُ رَاعِيَةٌ عَلَى بَيْتِ بَعْلِهَا وَوَلَدِهِ وَهِيَ مَسْئُولَةٌ عَنْهُمْ، وَالْعَبْدُ رَاعٍ عَلَى مَالِ سَيِّدِهِ وَهُوَ مَسْئُولٌ عَنْهُ، أَلاَ فَكُلُّكمْ رَاعٍ وَكُلُّكمْ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ. رواه البخاري

 وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين

               الشيخ عبد الباري بن محمد خلة

 

الأكثر مشاهدة


لقمة الزقوم والقلاش ذوق الطعام من البضاعة قبل الشراء

الورع

الغفلة

الاشتراك في القائمة البريدية