الشيخ عبد الباري بن محمد خلة | مقالات | ظاهرة اﻹعجاب بين الشباب عبر الإنترنت

اليوم : الأحد 26 شوَّال 1445 هـ – 05 مايو 2024م
ابحث في الموقع

ظاهرة اﻹعجاب بين الشباب عبر الإنترنت

يكثر في برامج التواصل الاجتماعي الفيس بوك  وغيره استعراض بعض الشباب والتميع في الصور والمقاطع بطريقة مباشرة أو غير مباشرة وبعض منهم يدعي الاستقامة، فما حكم ذلك خاصة وأن عدد كبير من الشباب يكون لديهم صديقات 'فتيات' وبعض الصور تكون غير لائقة 

نريد الحديث في هذا الموضوع..

الحمد لله وكفى وسلام على عباده الذين اصطفى وبعد:

فنحن نعيش في عصر قرّب البعيد وسهل الصعب وكثرت فيه النعم لنشكر المنعم على ذلك وكما قال الله تعالى على لسان نبي الله سليمان عليه السلام: {هَذَا مِنْ فَضْلِ رَبِّي لِيَبْلُوَنِي أَأَشْكُرُ أَمْ أَكْفُرُ وَمَنْ شَكَرَ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ رَبِّي غَنِيٌّ كَرِيمٌ (40)} [النمل: 40]

عصر التواصل والتقنية وفيه من الخير ما فيه غير أنه لا يخلو من الشبهات والشهوات والفتن فلا بد أن نتنبه لهذه السموم وقد حذرنا الإسلام من الفتن ما ظهر منها وما بطن فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ بَادِرُوا بِالْأَعْمَالِ فِتَنًا كَقِطَعِ اللَّيْلِ الْمُظْلِمِ يُصْبِحُ الرَّجُلُ مُؤْمِنًا وَيُمْسِي كَافِرًا أَوْ يُمْسِي مُؤْمِنًا وَيُصْبِحُ كَافِرًا يَبِيعُ دِينَهُ بِعَرَضٍ مِنْ الدُّنْيَا رواه مسلم.

وعن حُذَيْفَة سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ تُعْرَضُ الْفِتَنُ عَلَى الْقُلُوبِ كَالْحَصِيرِ عُودًا عُودًا فَأَيُّ قَلْبٍ أُشْرِبَهَا نُكِتَ فِيهِ نُكْتَةٌ سَوْدَاءُ وَأَيُّ قَلْبٍ أَنْكَرَهَا نُكِتَ فِيهِ نُكْتَةٌ بَيْضَاءُ حَتَّى تَصِيرَ عَلَى قَلْبَيْنِ عَلَى أَبْيَضَ مِثْلِ الصَّفَا فَلَا تَضُرُّهُ فِتْنَةٌ مَا دَامَتْ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ وَالْآخَرُ أَسْوَدُ مُرْبَادًّا كَالْكُوزِ مُجَخِّيًا لَا يَعْرِفُ مَعْرُوفًا وَلَا يُنْكِرُ مُنْكَرًا إِلَّا مَا أُشْرِبَ مِنْ هَوَاهُ رواه مسلم.

وعَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُوشِكُ أَنْ يَكُونَ خَيْرَ مَالِ الْمُسْلِمِ غَنَمٌ يَتْبَعُ بِهَا شَعَفَ الْجِبَالِ وَمَوَاقِعَ الْقَطْرِ يَفِرُّ بِدِينِهِ مِنْ الْفِتَنِ رواه البخاري.

وعن أَبي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ يُقْبَضُ الْعِلْمُ وَيَظْهَرُ الْجَهْلُ وَالْفِتَنُ وَيَكْثُرُ الْهَرْجُ قِيلَ يَا رَسُولَ اللَّهِ وَمَا الْهَرْجُ فَقَالَ هَكَذَا بِيَدِهِ فَحَرَّفَهَا كَأَنَّه يُرِيدُ الْقَتْلَ رواه البخاري.

إن الحديث الذي يطلقه الشباب والفتيات لا بد أن يكون موزونا بميزان الشرع فما كان له سبب شرعي فلا بأس به بالضوابط التي وضعها الفقهاء.

أما الكلام الهابط والذي ينم عن غش وريبة وسوء طوية فهو ممنوع.

فمن الناس من يتحدث مدحا وغزلا وبالصور التي تغري وتثير الغرائز وكل هذا يؤدي إلى الحرام.

لقد انتشرت ظاهرة الاعجاب بين الشباب فكل شاب يريد أن يظهر مفاتنه وجماله فيظهر عرضا سخيا للصور ليرى نفسه أمام المعجبين ويسألهم ما رأيكم في هذه الصورة فتنهال عليه التعليقات المؤثرة المشبوهة المثيرة للعواطف والشهوات وكأن المعلقين يتغزلون في حلائلهم وهذا غير جائز؛ فإن الإسلام علمنا كيفية التعامل مع المحبين فعَنِ الْمِقْدَامِ بْنِ مَعْدِيكَرِبَ - وَقَدْ كَانَ أَدْرَكَهُ - عَنِ النَّبِىِّ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ « إِذَا أَحَبَّ الرَّجُلُ أَخَاهُ فَلْيُخْبِرْهُ أَنَّهُ يُحِبُّهُ ». رواه أبو داود بسند صحيح.

فمن أحب أخاه فليعلمه لا يعرض عليه صورته ولا يعجب بها وهذا الفعل ليس من أفعال الملتزمين.

إن بعض الشباب الفتيات ربما يريد التسلية واللعب وقصده حسن فيأخذ بالكلام الناعم والغزل الذي يكون بين الزوجين وربما يكون الشاب وسيما أو الفتاة كذلك فيقع في نفسه ما لا يجوز وقد حذر الإسلام من الكلمة المثيرة والنظرة المريبة لما يترتب على ذلك من مفاسد قال اﻹمام سعيد بن المسيب رحمه الله: 'إذا رأيتم الرجل يلح النظر إلى غلام أمرد فاتهموه'. وهذا موجود بكثرة في المواقع وفي وسائل التواصل.

وقد أجمع الفقهاء على حرمة النظر إلى اﻷمرد الجميل بقصد الشهوة وكذا يحرم النظر إلى المرأة بقصد الشهوة.

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: وكذلك مقدمات الفاحشة عند التلذذ بالأمرد ولمسه والنظر إليه ، حرام باتفاق المسلمين كما هو كذلك في المرأة الأجنبية .

وقال ابن عابدين رحمه الله: والمراد من كونه صبيحا : أن يكون بحسب طبع الناظر، ولو كان أسود ،لأن الحسن يختلف باختلاف الطبائع

وقد ذكر الإمام ابن الجوزي_ رحمه الله عن أبي عبد الله بن الجلاء قال كنت أنظر إلى غلام نصراني حسن الوجه فمر بي أبو عبد الله البلخي فقال أيش وقوفك فقلت يا عم أما ترى هذه الصورة كيف تعذب بالنار فضرب بيده بين كتفي وقال لتجدن غبها ولو بعد حين - أي عاقبة هذا الفعل- قال فوجدت غبها بعد أربعين سنة أن أنسيت القرآن تلبيس إبليس (ص: 246)

إن الحياء من الإيمان فعن ابْنِ عُمَرَ: أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم مَرَّ عَلى رَجُلٍ مِنَ الأَنْصارِ وَهُوَ يَعِظُ أَخَاهُ في الْحَياءِ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: دَعْهُ فَإِنَّ الْحَياءَ مِنَ الإِيمانِ. أخرجه البخاري

وعَنْ أَبِي بَكْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْحَيَاءُ مِنْ الْإِيمَانِ وَالْإِيمَانُ فِي الْجَنَّةِ وَالْبَذَاءُ مِنْ الْجَفَاءِ وَالْجَفَاءُ فِي النَّارِ. رواه ابن ماجه بسند صحيح.

وعَنْ أَبِى مَسْعُودٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- « إِنَّ مِمَّا أَدْرَكَ النَّاسُ مِنْ كَلاَمِ النُّبُوَّةِ الأُولَى إِذَا لَمْ تَسْتَحِ فَافْعَلْ مَا شِئْتَ ». رواه أبو داود بسند صحيح.

ومن الفتيات من يتساهلن في عرض بعض الصور الكاملة أو جزء الصورة لتعبر عن مكنون في نفسها وهذا حرام لنه يؤدي إليه.

ولعل من أكثر أسباب انتشار ظاهرة اﻹعجاب الفراغ وضعف الإيمان والتـّعلّـق بالصـور وعدم الصدق مع الله ورسوله صلى الله عليه وسلم ولعل بعض الأسباب ناتجا عن التدين غر الصحيح والذي يظن صاحبه أنه يطيع الله ورسوله فيقع في الهفوات والزلل.

والخلاصة أنه لا بد أن ينضبط الجميع ذكورا وإناثا ثم ينبغي أن يكون هناك فصل بين منتديات الرجال وبين منتديات النساء وعلى المسلم الملتزم أن لا يضيع أوقاته فيما لا ينفع وليشغل وقته فيما ينفع من قراءة وتعيلم وتعلم وليحفظ المسلم لسانه عن الزلل وعينه عما يغضب الله وليحفظ جوارحه من الحرام ومن ترك شيئا من أجل الله عوضه خيرا منه وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين

            الشيخ عبد الباري بن محمد خلة

 

الأكثر مشاهدة


لقمة الزقوم والقلاش ذوق الطعام من البضاعة قبل الشراء

الورع

الغفلة

الاشتراك في القائمة البريدية