الشيخ عبد الباري بن محمد خلة | مقالات | سكن الزوجين في بيت العائلة والمخاطر في ذلك والضوابط

اليوم : الأحد 26 شوَّال 1445 هـ – 05 مايو 2024م
ابحث في الموقع

سكن الزوجين في بيت العائلة والمخاطر في ذلك والضوابط

الحمد لله وكفى وسلام على عباده الذين اصطفى وبعد:

فالزواج نعمة من الله تعالى وهو سكن وراحة قال الله تعالى: {وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ (21)} [الروم: 21]

والبيت المسلم مبني على الرحمة والراحة والذي يقتضي استقلالية الزوجين ليعيشا في بيت مستقل عن الأهل وبيت العائلة وهذا هو الأصل نظرًا للخصوصية التي تفرضها الحياة الزوجية وهذا الأمر يساهم في سعادة الزوجين ويقي الأسرة من المشاكل التي قد تطرأ بين أهل البيت الواحد من أخ وأب وأم وغيرهم وكثيرا ما تكون المشاكل بين الزوجة وأم الزوج فربما تتدخل أم الزوج في شؤون البيت من غير ضرورة وكذلك تحدث التحديات بين الزوجة والحماة.

الأمر الذي يفرض علينا أن نقول: لا بد أن يستقل كل زوجين في بيت خاص فإن مما لا شك فيه أن السكن في البيت المستقل أكثر سترًا وأحفظ سرا من البيت المختلط.

لكن قد يفرض الواقع المعاش وضعا خاصا في سكن الزوجين في بيت العائلة ومن هنا لا بد أن يكون هناك ضوابط شرعية حتى لا تكون المحاذير فكم من مشكلة وقعت وكم من فتنة حصلت من اقتراب الشرر من النار ليشتعل الهشيم ويحرق الأخضر واليابس كما يقولون وعندما يقع الفأس في الرأس لا ينفع حينئذ ندم فحتى نحافظ على بيوت المسلمين لا بد من وضع ضوابط ليسير عليها الشباب والفتيات ومن أهمها:

1.    الالتزام العام بظاهر الإسلام وباطنه فعلى الزوجة في البيت أن تحتشم أمام إخوة زوجها بأن تسترَ مفاتنها ومحاسنَها وكلَّ ما يؤدي إلى الفتنةِ، بل إن النبي حذر من الدخول على النساء وسمى قريب الزوج بالموت فعن عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم، قَالَ: إِيَّاكُمْ وَالدُّخُولَ عَلَى النِّسَاء فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ الأَنْصَارِ، يَا رَسولَ اللهِ أَفَرَأَيْتَ الْحَمْوَ قَالَ: الحَمْوُ المَوْتُ. رواه البخاري

ونهى النبي صَلَّى الله عليه وآله وسلم عن الاختلاط؛ لأنَّ الشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم، فعن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال رسول الله صَلَّى الله عليه وآله وسلم: «لاَ يَخْلُوَنَّ رَجُلٌ بِامْرَأَةٍ إِلاَّ كَانَ ثَالِثَهُمَا الشَيْطَانُ» أخرجه الترمذي بسند صحيح

وعَنْ أَبِي مَعْبَدٍ قَالَ سَمِعْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ يَقُولُ سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَخْطُبُ يَقُولُ لَا يَخْلُوَنَّ رَجُلٌ بِامْرَأَةٍ إِلَّا وَمَعَهَا ذُو مَحْرَمٍ وَلَا تُسَافِرْ الْمَرْأَةُ إِلَّا مَعَ ذِي مَحْرَمٍ فَقَامَ رَجُلٌ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ امْرَأَتِي خَرَجَتْ حَاجَّةً وَإِنِّي اكْتُتِبْتُ فِي غَزْوَةِ كَذَا وَكَذَا قَالَ انْطَلِقْ فَحُجَّ مَعَ امْرَأَتِكَ. رواه مسلم

فإن كانت الزوجة في البيت فلا ينبغي لها أن تدخل عليها أحدا من الرجال الأجانب وإن كان قريبا للزوج فإن كان أخ الزوج في البيت فلا بد أن يكون أناس في البيت ولا يخلو الرجل بالمرأة فإن الخلوة مثار شهوة، والشهوة الجنسية لا حدود لها.

وعلى من يعيش في بيت العائلة أن يغض من الطرف ما يستطيع ويتمثل قول الله تعالى: 'قُل لِّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ وَقُل لِّلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا'،

2.     لا يجوز للمرأة أن تخلع حجابها أمام إخوة زوجها ولا أن تخفف من ثيابها إلا في أوقات لا يكون فيها هؤلاء الإخوة

3.    على الشباب في البيت أن يراعوا الأدب الإسلامي فلا يختلطوا بزوجات الإخوة إلا بالقدر المسموح فيه وبالحشمة المطلوبة فلا يتمادى الواحد منهم بالحديث المشبوه ولا بالكلام المثير وعليهم بالكلام الشرعي فقط.

4.    على الزوجة في البيت أن لا تختلط بأبي الزوج كثيرا إذا كان صغيرا في السن فلا تضع من المساحيق وتخرج أمامه وعليها أن تخص بها الزوج فقط حتى لا تثار الشهوات وإن كان محرما عليها إلا أن الحيطة مطلوبة ومن حام حول الحمى يوشك أن يقع فيه

والخلاصة يجب على الزوج أن يسكن زوجته في بيت مستقل لا يسكن معه غيره فإن تعذر ذلك لتردي الأوضاع الاقتصادية، والازدحام السكاني، وقلة ما في اليد فلا بد من الحشمة والتقيد بأدب الإسلام وسلوكه بعيدا عن موطن الريبة والشك وبهذا يمكن للبيت المسلم أن يعيش في ظل الأمن الذي منحه الإسلام لأبنائه وأخيرا أسأل الله أن يسبل ستره وتوفيقه على شبابنا وفتياتنا وأن ييسر لهم سبل الراحة والأمن والسلام.

        الشيخ عبد الباري بن محمد خلة

 

 

الأكثر مشاهدة


لقمة الزقوم والقلاش ذوق الطعام من البضاعة قبل الشراء

الورع

الغفلة

الاشتراك في القائمة البريدية