الشيخ عبد الباري بن محمد خلة | مقالات | حب الخير للناس

اليوم : الخميس 23 شوَّال 1445 هـ – 02 مايو 2024م
ابحث في الموقع

حب الخير للناس

الحمد لله وكفى، وسلام على عباده الذين اصطفى أمَّا بعد،

فقد جاء الإسلام لينظم علاقات الخلق بعضهم ببعض؛ حتى يكون التفاهم والألفة والمحبة في المجتمع.

وقد حرص الإسلام على مصلحة الناس فيكون المسلم محبا لغيره حريصا على مصلحته.

كما أن الإسلام جعل حب الخير للناس من الإيمان وأن غيابه من علامات ضعف الإيمان فعن أَنَسٍ عَنِ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ: (لا يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ حَتّى يُحِبَّ َلأخيهِ ما يُحِبُّ لِنَفْسِهِ) رواه البخاري.

وعَنْ سَهْلِ بْنِ مُعَاذٍ عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُ سَأَلَ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- عَنْ أَفْضَلِ الْإِيمَانِ قَالَ (أَفْضَلُ الْإِيمَانِ أَنْ تُحِبَّ لِلَّهِ وَتُبْغِضَ فِي اللَّهِ وَتُعْمِلَ لِسَانَكَ فِي ذِكْرِ اللَّهِ قَالَ وَمَاذَا يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ وَأَنْ تُحِبَّ لِلنَّاسِ مَا تُحِبُّ لِنَفْسِكَ وَتَكْرَهَ لَهُمْ مَا تَكْرَهُ لِنَفْسِكَ وَأَنْ تَقُولَ خَيْرًا أَوْ تَصْمُتَ). رواه أحمد بسند صحيح لغيره.

وإذا ما أحب المسلم الخير للناس، انعكس أثره على الناس، فيكون السمو والرفعة في التعامل الأخلاق، والصبر على الإيذاء، ومجاملة الآخرين.

وحب الخير للناس فيه من الخير ما فيه فهو سبب لدخول الجنة، فعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- مَنْ أَحَبَّ أَنْ يُزَحْزَحَ عَنْ النَّارِ وَيَدْخُلَ الْجَنَّةَ فَلْتُدْرِكْهُ مَنِيَّتُهُ وَهُوَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَيَأْتِي إِلَى النَّاسِ مَا يُحِبُّ أَنْ يُؤْتَى إِلَيْهِ. رواه أحمد بسند صحيح.

إن حب الخير للناس سبب في السعادة في الدنيا والآخرة، فيحب لهم ما يحب لنفسه، يحب لهم السعادة في الدنيا والآخرة، ويحب لهم أن يمن الله عليهم بنعمة الإيمان، وأن ينقذهم من ظلمات الشرك وسوء الخاتمة، ومن تخلق بهذا الخلق كان مسلماً فعَن أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- مَنْ يَأْخُذُ عَنِّي هَؤُلَاءِ الْكَلِمَاتِ فَيَعْمَلُ بِهِنَّ أَوْ يُعَلِّمُ مَنْ يَعْمَلُ بِهِنَّ فَقَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ فَقُلْتُ أَنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ فَأَخَذَ بِيَدِي فَعَدَّ خَمْسًا وَقَالَ اتَّقِ الْمَحَارِمَ تَكُنْ أَعْبَدَ النَّاسِ وَارْضَ بِمَا قَسَمَ اللَّهُ لَكَ تَكُنْ أَغْنَى النَّاسِ وَأَحْسِنْ إِلَى جَارِكَ تَكُنْ مُؤْمِنًا وَأَحِبَّ لِلنَّاسِ مَا تُحِبُّ لِنَفْسِكَ تَكُنْ مُسْلِمًا وَلَا تُكْثِرْ الضَّحِكَ فَإِنَّ كَثْرَةَ الضَّحِكِ تُمِيتُ الْقَلْبَ رواه الترمذي بسند حسن.

وقد كان النبي -صلى الله عليه وسلم- مثلاً يقتدى به في حب الخير للناس حيث امتلأ غماً وأسفاً عليهم، وعلى مستقبلهم الأخروي فقال الله تعالى: {فَلَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَفْسَكَ عَلَى آثَارِهِمْ إِنْ لَمْ يُؤْمِنُوا بِهَذَا الْحَدِيثِ أَسَفًا} [الكهف: 6]، وقال الله تعالى: {فَلَا تَذْهَبْ نَفْسُكَ عَلَيْهِمْ حَسَرَاتٍ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِمَا يَصْنَعُونَ} [فاطر: 8].

لقد امتدت دعوته صلى الله عليه وآله وسلم لتشمل الزمان والمكان، فدعا الناس في كل مكان فوق الجبل وفي المسجد وفي الطريق وفي السوق، دعاهم حتى أتاه اليقين لماذا كل هذا إنه حب الخير للآخرين.

وقد كان النبي -صلى الله عليه وسلم- محباً لإخوانه فعَنْ أَبِي ذَرٍّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ يَا أَبَا ذَرٍّ إِنِّي أَرَاكَ ضَعِيفًا وَإِنِّي أُحِبُّ لَكَ مَا أُحِبُّ لِنَفْسِي لَا تَأَمَّرَنَّ عَلَى اثْنَيْنِ وَلَا تَوَلَّيَنَّ مَالَ يَتِيمٍ. رواه مسلم.

وهذا ابن عباس -رضي الله عنهما- يقول: ما نزل غيث بأرض إلا حمدت الله وسررت بذلك، وليس لي فيها شاة ولا بعير، ولا سمعت بقاض عادل إلا دعوت الله له، وليس عنده لي قضية، ولا عرفت آية من كتاب الله إلا وددت أن الناس يعرفون منها ما أعرف.

ومن لا يحب الخير للناس فهو إنسان سلبي في المجتمع يشكو الناس من سلبيته ويعكس على المجتمع ضعف الترابط الاجتماعي ويصبح المجتمع مفككاً هشاً تتداعى عليه الأمم وهذا على خلاف مجتمع النبي صلى الله عليه وآله وسلم.

وهناك أمور بها يمكن بسببها أن نحب الخير للناس وهي كثيرة منها:

1-  الدعاء بالخير لكل الناس، ندعو لهم بالجنة والمغفرة والرزق والعافية الأمر الذي يعمق في نفوسنا حب الخير للناس.

2-  قراءة سير الصالحين في هذه الصفة ليكونوا قدوة ونبراسا وشموعا تضيء لنا الطريق.

3-  الحرص على مصاحبة المؤمنين الذين يحبون الخير للناس ويعملون على نفعهم.

4-  تدريب النفس وحملها على حب الخير للناس.

5-  بذل المعروف للناس وتعويدهم عليه.

وهكذا فإن من أفضل الأعمال عند الله أن تشيع الخير بين الناس وأن تحب لهم مثلما تحب لنفسك اللهم ارزقنا حب الخير للناس جميعاً وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.

الشيخ عبد الباري بن محمد خلة

الأكثر مشاهدة


لقمة الزقوم والقلاش ذوق الطعام من البضاعة قبل الشراء

الورع

الغفلة

الاشتراك في القائمة البريدية