الشيخ عبد الباري بن محمد خلة | مقالات | الغيبة والنميمة فى المجالس بين الناس

اليوم : الجمعة 24 شوَّال 1445 هـ – 03 مايو 2024م
ابحث في الموقع

الغيبة والنميمة فى المجالس بين الناس


الحمد لله وكفى وسلام على عباده الذين اصطفى وبعد:

فالغيبة: هِيَ أَنْ يُذْكَرَ الْإِنْسَانُ فِي غيبتهِ بِسُوءٍ ، وَإِنْ كَانَ فِيهِ

النميمة: هى نقل الكلام بين طرفين لغرض الإِفساد.

الفرق واضح وهو أن الغيبة فيها ذكر للإنسان في غيبته بشيء فيه ولكنه يكره أن يوصف بهذا الشيء

أما النميمة فنقل الكلام بين المتخاصمين أو الإخوان بقصد الإفساد وهو ذو الوجهين.

والمغتاب والمستمع شريكان في الإثم إن لم ينكر المستمع على المغتاب فعَنْ أَبِي حُذَيْفَةَ أَنَّ عَائِشَةَ حَكَتْ امْرَأَةً عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَكَرَتْ قِصَرَهَا فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ اغْتَبْتِيهَا رواه أحمد بسند صحيح.

وعَنْ أَبِي حُذَيْفَةَ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهَا حَكَتْ امْرَأَةً فَقَالَ لَهَا رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا أُحِبُّ أَنِّي حَكَيْتُ أَحَدًا وَأَنَّ لِي كَذَا وَكَذَا رواه أحمد بسند صحيح.

ولو سمع إنسان شخصا يغتاب أحدا فرضي بكلامه واستلذه ولم ينكره كان شريكا فى الغيبة ، لأنه رضى بذكر أخيه بالعيب .

فعَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ قُلْتُ لِلنَّبِىِّ -صلى الله عليه وسلم- حَسْبُكَ مِنْ صَفِيَّةَ كَذَا وَكَذَا قَالَ غَيْرُ مُسَدَّدٍ تَعْنِى قَصِيرَةً. فَقَالَ « لَقَدْ قُلْتِ كَلِمَةً لَوْ مُزِجَتْ بِمَاءِ الْبَحْرِ لَمَزَجَتْهُ ». قَالَتْ وَحَكَيْتُ لَهُ إِنْسَانًا فَقَالَ « مَا أُحِبُّ أَنِّى حَكَيْتُ إِنْسَانًا وَأَنَّ لِى كَذَا وَكَذَا ». رواه أبو داود بسند صحيح.

ومن وقع في ذنب الغيبة وجب عليه أن يتوب منها، وأن يقوم باستحلال المظلوم وطلب العفو عنه ، والاستغفار له.

وعليه أن يقول هذا الاستغفار فعَنْ أَبِى بَرْزَةَ الأَسْلَمِىِّ قَالَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- يَقُولُ بِأَخَرَةٍ إِذَا أَرَادَ أَنْ يَقُومَ مِنَ الْمَجْلِسِ « سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ أَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتُوبُ إِلَيْكَ ». فَقَالَ رَجُلٌ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّكَ لَتَقُولُ قَوْلاً مَا كُنْتَ تَقُولُهُ فِيمَا مَضَى. قَالَ « كَفَّارَةٌ لِمَا يَكُونُ فِى الْمَجْلِسِ ». رواه أبو داود بسند حسن

وأسباب ودوافع الغيبة والنميمة كثيرة، منها : الحقد والغضب ، ومجاملة الأقران وموافقة الرفقاء ، والتقدم عند المسئول، وإضاعة الوقت والسخرية وغير ذلك.

وعلاجهما يكون بالتوعية من أخطارهما الدنيوية والأخروية وكذا بانشغال الإِنسان بعيوب نفسه، وعدم مجاملة الناس بالاشتراك فيهما، وتعويد اللسان على الكلام الطيب وعفته عن القول الخبيث ، قال مالك بن دينار: مر عيسى عليه السلام ومعه الحواريون بجيفة كلب ، فقال الحواريون: ما أنتن ريح هذا الكلب ، فقال عيسى عليه السلام : ما أشد بياض أسنانه، كأنه نهاهم عن غيبة الكلب وذكر القبيح ' الإِحياء 3|125.

ومن سمع شخصا يغتاب غيره لا ينبغى أن يوافقه ويسكت ويرضى ، وعليه أن ينكر عليه وأن ينصر المظلوم قال الله تعالى: { وإذا سمعوا اللغو أعرضوا عنه } القصص : 55 . وقال: { وإذا رأيت الذين يخوضون فى آياتنا فأعرض عنهم حتى يخوضوا فى حديث غيره } الأنعام : 68

وعَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ مَنْ رَدَّ عَنْ عِرْضِ أَخِيهِ رَدَّ اللَّهُ عَنْ وَجْهِهِ النَّارَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ رواه الترمذى بسند

وهكذا فالمسلم وقاف عند حدود الله فللأسف فإن كثيرا من مجالس الناس وخاصة النساء يقومون ويقعدون ويتلذذون على أعراض الناس ويقعون في إثمهم فلا بد من النصيحة لهؤلاء وتحذيرهم من عواقب تلك الأمراض وأن من حام حول الحمى يوشك أن يقع فيه فلتكن مجالسنا ترضي الله فنتعود على قراءة القرآن وذكر الله والقول الحسن. والله أعلى وأعلم.

            الشيخ عبد الباري بن محمد خلة

الأكثر مشاهدة


لقمة الزقوم والقلاش ذوق الطعام من البضاعة قبل الشراء

الورع

الغفلة

الاشتراك في القائمة البريدية