الشيخ عبد الباري بن محمد خلة | مقالات | الإيجابية في حياتنا

اليوم : الخميس 23 شوَّال 1445 هـ – 02 مايو 2024م
ابحث في الموقع

الإيجابية في حياتنا


الحمد لله وكفى وسلام على عباده الذين اصطفى وبعد:

فالإيجابية: سلوك فاعل نحو الإصلاح وعدم اليأس والقنوط.

والإنسان يعتريه الضعف والهم والغم والمرض فلا ينبغي أن ينظر سلبيا إلى الحياة. ففي خضم التحديات التي تواجه الإنسان لا بد من التفاؤل والعمل والإيجابية في حياتك فالإيجابية أكسير النجاح وهي مهارة مكتسبة كباقي المهارات فهي تكتسب بالتعلم ولا بد من التركيز على طريقة التفكير.

وبداية لا بد للشخص أن يدرك أفكاره، وأن يطور من عمله وأن يفكر بطريق الإيجاب لا السلب.

فلا تفكر في الفقر وفكر في الغنى لا تفكر في الأسر وفكر وابحث عن الحرية،

وتكلم دائما بالكلمات المتفائلة فقل: أقدر أستطيع أحب يمكنني وغير ذلك من تعبيرات الفأل.

لا بد من إدارة الذات والتعامل مع النفس بجد واجتهاد، وإياك واليأس وإياك والفشل في إدارة نفسك فلربما يؤدي بك إلى الفشل في الدنيا والآخرة واعمل دائما على التغيير فمن فكر وعزم أعانه الله وحقق له مبتغاه قال الله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ} [الرعد: 11].

فكر دائما في البناء تنجح وكلما نجحت في عمل رغبت في مواصلة عمل آخر ثم عمل ثم عمل وهكذا لتصبح مصلحا في مجتمعك فإن الإنسان يحبّ أن يرى نفسه منجزا ليشعر أن لحياته قيمة ومعنىً.

وهنا لا بد أن تتجلى العلاقة بين الثقة بالنفس وبين الأفكار الايجابية، فكلما

قويت ثقة الإنسان بنفسه كانت شخصيته أكثر إيجابية وكلما كانت ثقته بنفسه ضعيفة كان التشاؤم.

على أن نجاح الشخص مرهون بقدر العمل والصّبر وكل ذلك بعد توفيق الله تعالى.

ومن تعود على شيء ملكه فالسلوك الجيد ممكن قال عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه -: (تعودوا الخير، فإن الخير بالعادة)

والقرآن الكريم تحدث عن الإيجابية وكذا تحدثت السنة

قال الله تعالى : 'إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ ' [الأنبياء:90 ]،

وقال: 'وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالأَرْضُ أُعِدِّتْ لِلْمُتَّقِينَ' [آل عمران : 133 ]،

وقال: ' وَفِي ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ الْمُتَنَافِسُونَ ' [ المطففين :26]

وهذا مؤمن آل فرعون وقف ينصر موسى – عليه السلام  ومن معه من المستضعفين وهو حده ماذا عساه أن يغير لكنها الإيجابية قال الله تعالى: {وَقَالَ رَجُلٌ مُؤْمِنٌ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَكْتُمُ إِيمَانَهُ أَتَقْتُلُونَ رَجُلًا أَنْ يَقُولَ رَبِّيَ اللَّهُ وَقَدْ جَاءَكُمْ بِالْبَيِّنَاتِ مِنْ رَبِّكُمْ وَإِنْ يَكُ كَاذِبًا فَعَلَيْهِ كَذِبُهُ وَإِنْ يَكُ صَادِقًا يُصِبْكُمْ بَعْضُ الَّذِي يَعِدُكُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي مَنْ هُوَ مُسْرِفٌ كَذَّابٌ (28)} [غافر: 28]

وهذا رجل ينتصر للرسل ويتحدى المجتمع الظالم ولا يعبأ بما سيحصل له من مكروه قال الله تعالى: {وَجَاءَ مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ رَجُلٌ يَسْعَى قَالَ يَاقَوْمِ اتَّبِعُوا الْمُرْسَلِينَ (20) اتَّبِعُوا مَنْ لَا يَسْأَلُكُمْ أَجْرًا وَهُمْ مُهْتَدُونَ (21) } [يس: 20 - 22]

وقد بين النبي الكريم  صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم القيمة الحقيقية للإيجابية فعَنْ أَنَسٍ, رَضِيَ الله عَنْهُ, قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم: إِنْ قَامَتِ السَّاعَةُ وَفِي يَدِ أَحَدِكُمْ فَسِيلَةٌ، فَإِنِ اسْتَطَاعَ أَنْ لاَ يَقُومَ حَتَّى يَغْرِسَهَا، فَلْيَفْعَلْ. رواه أحمد بسند صحيح.

فعلى المسلم أن يكون إيجابيًا من أول حياته إلى نهايتها.

والمسلم فعال في مجتمعه محافظ عليه مغير لسلبياته محب لأبنائه فعن أبي سَعِيدٍ قال: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: مَنْ رَأَى مِنْكُمْ مُنْكَرًا فَلْيُغَيِّرْهُ بِيَدِهِ فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِلِسَانِهِ فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِقَلْبِهِ وَذَلِكَ أَضْعَفُ الْإِيمَانِ رواه مسلم.

وعن النعمان بن بشير قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ' مَثَلُ القَائِمِ عَلَى حُدُودِ اللهِ وَالْوَاقِعِ فِيهَا كَمَثَلِ قَوْمٍ اسْتَهَمُوا عَلَى سَفِينَةٍ، بَعْضُهُمْ أَعْلاهَا وَبَعْضُهُمْ أسْفَلَهَا، وَكَانَ الَّذِينَ فِي أسْفَلِهَا إِذَا اسْتَقَوْا مِنْ المَاءِ مَرُّوا عَلَى مَنْ فَوْقَهُمْ، فَقَالُوا: لَوْ أنَّا خَرَقْنَا فِي نَصِيبِنَا خَرْقًا وَلَمْ نُؤْذِ مَنْ فَوْقَنَا! فَإنْ تَرَكُوهُمْ وَمَا أرَادُوا هَلَكُوا، وَهَلَكُوا جَمِيعًا، وَإِنْ أَخَذُوا عَلَى أيْدِيهِمْ نَجَوْا، وَنَجُوا جَمِيعًا '. رواه البخاري.

 فليس من الإيجابية أن يقول كل واحد من المجتمع وأنا مالي علي أن أنجو بنفسي ولا يهمني غيري وهذه هي السلبية المقيتة من ينجو إذا أغرق السلبيون السفينة فإذا تعاون أفراد المجتمع فيما بينهم سارت السفينة ونجت ونجا ركابها وإن اعتمد كل واحد على الآخر غرقت السفينة وغرق ركابها من طائعين وعاصين لأن الصالحين لم يأخذوا على أيدي الآخرين.

ويمكن للمسلم أن يكون إيجابيا إذا تعود على أمور منها:

1.    الثقة بالنفس، فكن واثقا بنفسك مؤثر بغيرك عاملا من أجل ربك معتمدا عليه سبحانه.

2.    المداومة على الإستعاذة بالله تعالى من الجبن والكسل ويتخذ ذلك وردا له صباحًا ومساءً فعن أَنَس بْن مَالِكٍ قَالَ كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ الْهَمِّ وَالْحَزَنِ وَالْعَجْزِ وَالْكَسَلِ وَالْجُبْنِ وَالْبُخْلِ وَضَلَعِ الدَّيْنِ وَغَلَبَةِ الرِّجَالِ. رواه البخاري.

3.    العمل الدؤب المتواصل في الحياة الدنيا ولا ينس الحياة الحقيقية حياة الآخرة فلا بد من العمل لها وذلك بمقاومة الكسل والجبن والاستعانة بالله سبحانه.

وكن إيجابيا في كل شيء شارك في دعم أبناء وطنك وأمتك ولا تتأخر عنهم وخذ على عاتقك الإصلاح معهم.

شارك في تغيير المنكر حتى تنجو أنت وأهلك وأصحابك ومجتمعك.

وأخيرا ابتعد عن السلبية ولعلي أسرد لك هذه القصة لترى نتيجة السلبية وكيف تتخلص منها:

يحكى أن مجاعة حدثت بقرية فطلب الوالي من أهلها طلباً الوقوف لمواجهة خطر القحط والجوع .. ووضع قدرا كبيرا في وسط القرية، وأمر الجميع أن يضع كل واحد منهم في القدر كوبا من اللبن .. واشترط الوالي أن يضع كل شخص الكوب وحده دون أن يراه أحد .. ولبى الناس الطلب غير أنهم وضعوا بدلا من اللبن الماء.. وفي الصباح فتح الوالي القدر فوجد الماء بدلا من اللبن

فإن كل واحد منهم كان يحدث نفسه أن كوبا واحدا من الماء لن تؤثر واعتمدوا على بعضهم.

إنها السلبية وكان الأصل أن تتظافر الجهود وتتشابك الأيدي ويعتمد كل واحد على نفسه معاونا إخوانه ليتغلبوا على تلك المحنة.

إن الإيجابية هي طريقنا فلا حياة لنا ولا نصر لنا إلا بطريق الإيجابية والفأل والاعتماد على الله وترك اليأس والقنوط وهذه هي صفات المؤمنين جعلنا الله من الإيجابيين.

     الشيخ عبد الباري بن محمد خلة

 

الأكثر مشاهدة


لقمة الزقوم والقلاش ذوق الطعام من البضاعة قبل الشراء

الورع

الغفلة

الاشتراك في القائمة البريدية