الشيخ عبد الباري بن محمد خلة | مقالات | أعذار التخلف عن صلاة الجماعة

اليوم : الجمعة 9 ذو القعدة 1445 هـ – 17 مايو 2024م
ابحث في الموقع

أعذار التخلف عن صلاة الجماعة


الحمد لله وكفى وسلام على عباده الذين اصطفى وبعد:

ففضل صلاة الجماعة في المسجد عظيم، حيث هي شعيرة من شعائر الدين ومعلم من معالمه ويجب المحافظة على هذه الشعيرة وهي من الأهمية بمكان وكان زمن النبوة لا يتخلف عنها إلا منافق لذا كان واجبا علينا نحن المسلمين أن نحافظ عليها حيث لم يجد النبي صلى الله عليه وسلم للأعمى رخصة في تركها، فَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: أَنَّ رَجُلاً أَعْمَى قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ لَيْسَ لِي قَائِدٌ يَقُودُنِي إِلَى الْمَسْجِدِ فَسَأَلَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يُرَخِّصَ لَهُ فَيُصَلِّيَ فِي بَيْتِهِ فَرَخَّصَ لَهُ فَلَمَّا وَلَّى دَعَاهُ فَقَالَ: ' هَلْ تَسْمَعُ النِّدَاءَ ' ؟ قَالَ: نَعَمْ . قَالَ: ' فَأَجِبْ ' . رَوَاهُ مُسْلِمٌ.

وصلاة الجماعة تفضل صلاة الفرد بسبع وعشرين درجة فعن عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: صَلاَةُ الْجَمَاعَةِ تَفْضُلُ صَلاَةَ الْفَذِّ بِسَبْعٍ وَعِشْرِينَ دَرَجَةً. رواه البخاري.

والتخلف عن صلاة الجماعة من صفات المنافقين فعن ابن مسعودٍ رضي الله عنه أنه قال: 'لقد رأَيْتُنا وما يتخلَّف عنها - أي عن صلاة الجماعة - إلاَّ منافقٌ مَعْلوم النِّفاق، أو مريض، إنْ كانَ المريضُ لَيُؤتَى به يُهادَى بين الرَّجُلين حتَّى يُقامَ في الصف. رواه مسلم .

وقد اختلف الفقهاء في حكم صلاة الجماعة على أقوال:

القول الأول: ذهب الحنابلة وعطاء والأوزاعي وابن خزيمة وابن المنذر إلى أنها واجبة، واستدلوا بأدلة.

القول الثاني: ذهب الشافعية إلى أن حكم صلاة الجماعة فرض كفاية، واستدلوا بأدلة.

القول الثالث: ذهب أكثر المالكيّة، والشّافعيّة في قول، وغيرهم إلى أنّ صلاة الجماعة سنّة مؤكّدة للرّجال، واستدلّوا بأدلة

ومع اختلاف أقوال الفقهاء في حكم صلاة الجماعة إلا أن الكل مجمع على فضلها ولا ينبغي للمسلم ان يتخلف عنها غير أن الفقهاء ذكروا أعذارا لتركها فعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ :( مَنْ سَمِعَ النِّدَاءَ فَلَمْ يَأْتِهِ فَلَا صَلَاةَ لَهُ إِلَّا مِنْ عُذْرٍ ) رواه ابن ماجه بسند صحيح. 

الأعذار المبيحة لترك صلاة الجماعة:

1.    المرض: فإذا كان المرض شديدا يلحق بالمريض مشقة فلا بأس في تركها، فعن ابن مسعودٍ رضي الله عنه أنه قال: 'لقد رأَيْتُنا وما يتخلَّف عنها - أي عن صلاة الجماعة - إلاَّ منافقٌ مَعْلوم النِّفاق، أو مريض، إنْ كانَ المريضُ لَيُؤتَى به يُهادَى بين الرَّجُلين حتَّى يُقامَ في الصف. رواه مسلم.

2.    حضرة الطَّعام فإذا حضر الطعام وكان محتاجا إليه قدمه ويكره له الذهاب إلى المسجد لانشغاله بالتفكير في الطعام أثناء الصلاة فعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إِذَا وُضِعَ الْعَشَاءُ وَأُقِيمَتْ الصَّلَاةُ فَابْدَءُوا بِالْعَشَاءِ وَعَنْ أَيُّوبَ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَحْوَهُ وَعَنْ أَيُّوبَ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ تَعَشَّى مَرَّةً وَهُوَ يَسْمَعُ قِرَاءَةَ الْإِمَامِ رواه البخاري.

3.    مُدافعة الأخبَثَيْن (البَول والغائط): فلا يصلي المرء وهو يدافع البول أو الغائط أو الريح لأن ذلك يذهب بالخشوع، فعن عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قالت سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: لَا صَلَاةَ بِحَضْرَةِ الطَّعَامِ وَلَا هُوَ يُدَافِعُهُ الْأَخْبَثَانِ رواه مسلم.

 ومعنى: لا صلاة هنا أي: لا صلاة كاملة، فالصلاة صحيحة مع الكراهة.

4.    الخوف من العدو سواء إنسانا أو حيوانا وكذا خوفه من سُلْطان ظالِم.

5.    الخوف من ضياع المال: فإذا خاف المصلي على ماله صلى منفردا وتسقط عنه صلاة الجماعة لأنَّ النبي صلى الله عليه وسلم نَهى عن إضاعة المال فعن الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ، قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: إِنَّ اللهَ حَرَّمَ عَلَيْكُمْ عُقُوقَ الأُمَّهَاتِ، وَوَأْدَ الْبَنَاتِ، وَمَنعَ وَهَاتِ، وَكَرِهَ لَكُمْ قِيلَ وَقَالَ، وَكَثْرَةَ السُّؤَالِ، وَإِضَاعَةَ الْمَالِ. رواه البخاري.

6.    المطر الشديد الذي يتأذى منه الشخص وكذا الوَحْل (الطِّين) والرِّيح الشديدة الباردة؛ فعن نَافِع قَالَ : ( أَذَّنَ ابْنُ عُمَرَ فِي لَيْلَةٍ بَارِدَةٍ بِضَجْنَانَ - جبل بين مكة والمدينة - ثُمَّ قَالَ : صَلُّوا فِي رِحَالِكُمْ . فَأَخْبَرَنَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَأْمُرُ مُؤَذِّنًا يُؤَذِّنُ ثُمَّ يَقُولُ عَلَى إِثْرِهِ : أَلَا صَلُّوا فِي الرِّحَالِ فِي اللَّيْلَةِ الْبَارِدَةِ أَوْ الْمَطِيرَةِ فِي السَّفَرِ ) . روه البخاري ومسلم.

وقال النووي:' الْبَرْدُ الشَّدِيدُ عُذْرٌ فِي اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ , وَشِدَّةُ الْحَرِّ عُذْرٌ فِي الظُّهْرِ , وَالثَّلْجُ عُذْرٌ إنْ بَلَّ الثَّوْبَ ' المجموع (4/99).

7.    النوم والنسيان: عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ مَنْ نَسِيَ صَلَاةً فَلْيُصَلِّهَا إِذَا ذَكَرَهَا لَا كَفَّارَةَ لَهَا إِلَّا ذَلِكَ رواه مسلم.

8.    إطالة الإمام في الصلاة طولا مخالفا للسنة فعن جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ، أَنَّ مُعَاذَ بْنَ جَبَلٍ رضي الله عنه كَانَ يُصَلِّي مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم ثُمَّ يَأْتِي قَوْمَهُ فَيُصَلِّي بِهِمْ الصَّلاَةَ، فَقَرَأَ بِهِمُ الْبَقَرَةَ قَالَ: فَتَجَوَّزَ رَجُلٌ فَصَلَّى صَلاَةً خَفِيفَةً، فَبَلَغَ ذَلِكَ مُعَاذًا، فَقَالَ: إِنَّهُ مُنَافِقٌ فَبَلَغَ ذلِكَ الرَّجُلَ، فَأَتَى النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ يَا رَسُولَ اللهِ إِنَّا قَوْمٌ نَعْمَلُ بِأَيْدِينَا، وَنَسْقِي بِنَوَاضِحِنَا وَإِنَّ مُعَاذًا صَلَّى بِنَا الْبَارِحَةَ، فَقَرَأَ الْبَقَرَةَ، فَتَجَوَّزْتُ، فَزَعَمْ أَنِّي مُنَافِقٌ فَقَالَ النَبِيُّ صلى الله عليه وسلم: يَا مُعَاذُ أَفَتَّانٌ أَنْتَ ثلاثًا اقْرَأْ (وَالشَّمْسِ وَضُحَاهَا) وَ (سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الأَعْلَى) وَنَحْوَهَا. رواه البخاري.

9.    أكْل البصل أو الثُّوم: فعن جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ، زَعَمَ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم، قَالَ: مَنْ أَكَلَ ثُومًا أَوْ بَصَلاً فَلْيَعْتَزِلْنَا أَوْ قَالَ فَلْيَعْتَزِلْ مَسْجِدَنَا وَلْيَقْعُدْ فِي بَيْتِهِ. رواه البخاري.

10.                    إنقاد المريض والغريق والحريق. والله أعلى وأعلم.

     الشيخ عبد الباري بن محمد خلة

 

 

 

 

 

الأكثر مشاهدة


لقمة الزقوم والقلاش ذوق الطعام من البضاعة قبل الشراء

الورع

الغفلة

الاشتراك في القائمة البريدية