الشيخ عبد الباري بن محمد خلة | مقالات | محبة الرسول صلى الله عليه وسلم

اليوم : السبت 25 شوَّال 1445 هـ – 04 مايو 2024م
ابحث في الموقع

محبة الرسول صلى الله عليه وسلم

الحمد لله وكفى وسلام على عباده الذين اصطفى وبعد:

فمعنى محبة رسول الله صلى الله عليه وسلم هو: ميل قلب المحب الصادق إلى رسول الله ميلاً يتجلى فيه إيثار النبي صلى الله عليه وسلم على كل محبوب.

إن محبة رسول صلى الله علـيـه وسلم من أصول الدين.

إن حبّ نبيّنا صلى الله عليه وسلم اتباع لهديه لا مجرَّدَ كلماتٍ يردِّدُها الخطباء والأدباء إن محبته صلى الله عليه وسلم عقيدة إيمانيّة فعن أَنَس قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: لا يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ حَتّى أَكُونَ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِنْ والِدِهِ وَوَلَدِهِ وَالنَّاسِ أَجْمَعينَ. رواه البخاري

 وإن حرمته صلى الله عليه وسلم  في حياته وبعد موته، من حيث التمسك بهديه وحبه صلى الله عليه وسلم.

لقد فضل الله تعالى نبينا محمدا صلى الله عليه وسلم على جميع الخلق، فعن وَاثِلَةَ بْن الْأَسْقَعِ يَقُولُ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى كِنَانَةَ مِنْ وَلَدِ إِسْمَعِيلَ وَاصْطَفَى قُرَيْشًا مِنْ كِنَانَةَ وَاصْطَفَى مِنْ قُرَيْشٍ بَنِي هَاشِمٍ وَاصْطَفَانِي مِنْ بَنِي هَاشِمٍ رواه مسلم

وعن أَبي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَا سَيِّدُ وَلَدِ آدَمَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَأَوَّلُ مَنْ يَنْشَقُّ عَنْهُ الْقَبْرُ وَأَوَّلُ شَافِعٍ وَأَوَّلُ مُشَفَّعٍ رواه مسلم.

فلا بد من محبته ودلائل حبه صلى الله عليه وسلم كثيرة، أذكر شيئا منها: 

1.    وجوب طاعته صلى الله عليه وسلم والاقتداء به قال الله تعالى: {قُل إن كنتُم تُحبُّونَ الله فاتَّبِعُوني يُحبِبكُمُ الله ويَغفِر لكم ذُنُوبَكُم والله غَفُورٌ رحيمٌ(31) قُل أطِيعُوا الله والرَّسُولَ فإن تَوَلَّوا فإنَّ الله لا يُحِبُّ الكَافِرِينَ(32)} سورة آل عمران

وقال أيضاً: {لقد كان لكم في رسولِ الله أُسوَةٌ حسنةٌ لِمَن كان يَرجو الله واليومَ الآخر وذَكرَ الله كثيراً(21)} سورة الأحزاب

يقول القاضي عياض: ' اعلم أن من أحب شيئاً آثره وآثر موافقته، وإلا لم يكن صادقاً في حبه، وكان مدّعياً، فالصادق في حب النبي - صلى الله عليه وسلم - من تظهر علامة ذلك عليه، وأولها الاقتداء به، واستعمال سنته، واتباع أقواله وأفعاله، والتأدب بآدابه في عسره ويسره، ومنشطه ومكرهه، وشاهد هذا قول الله تعالى: { قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ } (آل عمران:31) .

2.    احترام سنته والتأدب عند سماعها، والعمل بها فهو الذي لا ينطق عن الهوى قال الله تعالى: { وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى. إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى } (النجم 4:3).

يقول ابن القيم في مدارج السالكين: ' رأس الأدب مع الرسول صلى الله عليه وسلم كمال التسليم له والانقياد لأمره، وتلقي خبره بالقبول والتصديق، دون أن يُحَمِّله معارضة بخيال باطل يسميه معقولا، أو يحمله شبهة أو شكا، أو يقدم عليه آراء الرجال .. ' .

3.    الثناء عليه والصلاة والسلام عليه، حيث أكد الله ذلك بقوله: { إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً } (الأحزاب:56).

4.    الشوق إليه صلى الله عليه وسلم وتعريف الناس بسنته وذكر صفاته وأخلاقه.

التأدب عند ذكره صلى الله عليه وسلم فلا يذكر باسمه مجردا، بل يذكر بوصف بالنبوة أو الرسالة، قال الله تعالى: { لا تَجْعَلُوا دُعَاءَ الرَّسُولِ بَيْنَكُمْ كَدُعَاءِ بَعْضِكُمْ بَعْضاً } (النور: من الآية63) .

وقال: { مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِنْ رِجَالِكُمْ وَلَكِنْ رَسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ } (الأحزاب: من الآية40) ..

 قال ابن كثير: قال الضحاك عن ابن عباس : كانوا يقولون: يا محمد، يا أبا القاسم، فنهاهم الله عز وجل عن ذلك، إعظامًا لنبيه صلى الله وسلم عليه، فقالوا: يا رسول الله، يا نبي الله ' .  

الأسباب الجالبة لمحبة رسول الله

ويتلخص ذلك في قوة الإيمان ومحبة الله تعالى قال الله تعالى: 'قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ' (آل عمران الآية: 31).

 فنتبعه في مأكله ومشربه وأخلاقه حيث كان صلى الله عليه وسلم أحسن الناس خلقاً قال الله تعالى: وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ (القلم:4).

وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ كُلُّ أُمَّتِي يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ إِلَّا مَنْ أَبَى قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ وَمَنْ يَأْبَى قَالَ مَنْ أَطَاعَنِي دَخَلَ الْجَنَّةَ وَمَنْ عَصَانِي فَقَدْ أَبَى) رواه البخاري

 فإذا كان العبد مستقيما على منهج الله محبا لله ولكتابه فلا بد من محبة رسول الله صلى الله عليه وسلم وكذا فإن معرفة قدره صلى الله عليه وسلم وقراءة سنته والوقوف على عظمته كل ذلك يجلب محبته صلى الله عليه وسلم

لماذا نحب النبي صلى الله عليه وسلم؟

1.    محبة الله له فإن الله يحب نبيه فنحن نحب من يحب ربنا

2.    شدة محبته لأمته ورحمته بهم قال الله تعالى: {لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَاعَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ (128)} [التوبة: 128]

3.    مقتضى الإيمان حبنا لرسول الله صلى الله عليه وسلم فعن أَنَس قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: لا يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ حَتّى أَكُونَ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِنْ والِدِهِ وَوَلَدِهِ وَالنَّاسِ أَجْمَعينَ. رواه البخاري

4.    الميزات التي حباها الله تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم فهو أشرف الخلق وأكرمهم وذلك من دواعي الحب

وهكذا فإن محبة رسول الله صلى الله عليه وسلم واجبة علينا نحن المسلمين كما أن محبة الله واجبة وأن حبنا له عين حياتنا وبحبه نتقرب إلى الله ربنا ولنا في رسول الله القدوة الحسنة وكل حبيب بمن يحب مقتد وكل محب لمحبوبه مطيع ونحن نحب رسولنا ونطيعه عل الله أن يرضى عنا وأن يصرف السوء وكيد الكائدين عنا وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.

                    الشيخ عبد الباري بن محمد خلة

 

 

 

 

 

 

الأكثر مشاهدة


لقمة الزقوم والقلاش ذوق الطعام من البضاعة قبل الشراء

الورع

الغفلة

الاشتراك في القائمة البريدية