الحمد لله وكفى وسلام على عباده الذين اصطفى وبعد:
فقد جعل الله سبحانه وتعالى المحافظة على الصلاة من صفات المؤمنين قال الله تعالى: (وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَوَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ) وجعل التكاسل عنها من صفات المنافقين قال الله تعالى: (وَإِذَا قَامُوا إِلَى الصَّلَاةِ قَامُوا كُسَالَى يُرَاءُونَ النَّاسَ وَلَا يَذْكُرُونَ اللَّهَ إِلَّا قَلِيلًا)
والصلاة هى الركن الثاني وهي صلة العبد بربه فرضها الله من فوق سبع سموات بغير واسطة لأهميتها قال الله تعالى: (وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ إِنَّ اللَّهَ بِالنَّاسِ لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ) أي صلاتكم وهي أول ما يحاسب عليه العبد يوم القيامة فعن أبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قال سمعت رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يقول ' أن أَوَّلَ ما يُحَاسَبُ بِهِ الْعَبْدُ يوم الْقِيَامَةِ من عَمَلِهِ صَلَاتُهُ فَإِنْ صَلُحَتْ فَقَدْ أَفْلَحَ وَأَنْجَحَ وَإِنْ فَسَدَتْ فَقَدْ خَابَ وَخَسِرَ ' رواه النسائي بسند صحيح.
وعن عُبَادَةَ بن الصَّامِتِ رضي الله عنه قال سمعت رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يقول' خَمْسُ صَلَوَاتٍ كَتَبَهُنَّ الله على الْعِبَادِ فَمَنْ جاء بِهِنَّ لم يُضَيِّعْ مِنْهُنَّ شيئا اسْتِخْفَافًا بِحَقِّهِنَّ كان له عِنْدَ اللَّهِ عَهْدٌ أَنْ يُدْخِلَهُ الْجَنَّةَ ' رواه النسائي بسند صحيح.
لذلك كله حافظ عليها المسلمون حتى عند المرض قال ابن مسعود رضي الله عنه ' وَلَقَدْ رَأَيْتُنَا وما يَتَخَلَّفُ عنها إلا مُنَافِقٌ مَعْلُومُ النِّفَاقِ وَلَقَدْ كان الرَّجُلُ يؤتي بِهِ يُهَادَى بين الرَّجُلَيْنِ حتى يُقَامَ في الصَّفِّ ' وفي لفظ قال ' لقد رَأَيْتُنَا وما يَتَخَلَّفُ عن الصَّلَاةِ إلا مُنَافِقٌ قد عُلِمَ نِفَاقُهُ أو مَرِيضٌ إن كان الْمَرِيضُ لَيَمْشِي بين رَجُلَيْنِ حتى يَأْتِيَ الصَّلَاةَ ' رواه مسلم.
ولا بد من المحافظة على أركانها وسننها ولا بد أن تكون كاملة من غير زادة ولا نقصان وأذكر بعضا من الأخطاء التي يقع فيها بعض المصلين:
1. التلفظ بالنية والجهر بها فلم يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم فعل ذلك فهي من أعمال القلب لا اللسان
2. قول بعض المأمومين أثناء القراءة الإمام للفاتحة ( إياك نعبد وإياك نستعين ) يقولون : استعنت برب العرش العظيم أو نحو ذلك
3. عدم الجهر بالتأمين فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إِذَا أَمَّنَ الْإِمَامُ فَأَمِّنُوا فَإِنَّهُ مَنْ وَافَقَ تَأْمِينُهُ تَأْمِينَ الْمَلَائِكَةِ غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ وَقَالَ ابْنُ شِهَابٍ وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ آمِينَ رواه البخاري.
وعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا حَسَدَتْكُمْ الْيَهُودُ عَلَى شَيْءٍ مَا حَسَدَتْكُمْ عَلَى آمِينَ فَأَكْثِرُوا مِنْ قَوْلِ آمِينَ
رواه ابن ماجه بسند صحيح.
4. المرور بين يدي المصلى فعن أَبي جُهَيْمٍ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: لَوْ يَعْلَمُ الْمَارُّ بَيْنَ يَدَيِ الْمُصَلِّي مَاذَا عَلَيْهِ مِنَ الإِثْمِ لَكَانَ أَنْ يَقِفَ أَرْبَعِينَ خَيْرًا لَهُ مِنْ أَنْ يَمُرَّ بَيْنَ يَدَيْهِ. رواه البخاري
5. رفع البصر إلى السماء في الصلاة فعَنْ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَيَنْتَهِيَنَّ أَقْوَامٌ يَرْفَعُونَ أَبْصَارَهُمْ إِلَى السَّمَاءِ فِي الصَّلَاةِ أَوْ لَا تَرْجِعُ إِلَيْهِمْ رواه مسلم
6. تغميض العينين في الصلاة فلم يثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه كان يغمض عينيه بل ثبت أنه كان ينظر مكان سجوده ورأى يوما عفريتا تفلت عليه.
7. عدم قول المأموم ' سمع الله لمن حمده' ويستوي في استحباب هذه الأذكار كلها الإمام والمأموم والمنفرد، كما قال النووي.
8. زيادة لفظة سيدنا عند ذكر رسول صلى الله عليه وسلم في التشهد فإن ذلك لم يثبت عن أحد من الأجيال الأولى.
9. الإشارة بالأيدي عند التسليم من الصلاة فعَنْ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ قَالَ صَلَّيْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَكُنَّا إِذَا سَلَّمْنَا قُلْنَا بِأَيْدِينَا السَّلَامُ عَلَيْكُمْ السَّلَامُ عَلَيْكُمْ فَنَظَرَ إِلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ مَا شَأْنُكُمْ تُشِيرُونَ بِأَيْدِيكُمْ كَأَنَّهَا أَذْنَابُ خَيْلٍ شُمْسٍ إِذَا سَلَّمَ أَحَدُكُمْ فَلْيَلْتَفِتْ إِلَى صَاحِبِهِ وَلَا يُومِئْ بِيَدِهِ. رواه مسلم.
10. سبق الإمام في الركوع والسجود فعَنْ أَنَسٍ قَالَ صَلَّى بِنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَاتَ يَوْمٍ فَلَمَّا قَضَى الصَّلَاةَ أَقْبَلَ عَلَيْنَا بِوَجْهِهِ فَقَالَ أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي إِمَامُكُمْ فَلَا تَسْبِقُونِي بِالرُّكُوعِ وَلَا بِالسُّجُودِ وَلَا بِالْقِيَامِ وَلَا بِالِانْصِرَافِ فَإِنِّي أَرَاكُمْ أَمَامِي وَمِنْ خَلْفِي ثُمَّ قَالَ وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ لَوْ رَأَيْتُمْ مَا رَأَيْتُ لَضَحِكْتُمْ قَلِيلًا وَلَبَكَيْتُمْ كَثِيرًا قَالُوا وَمَا رَأَيْتَ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ رَأَيْتُ الْجَنَّةَ وَالنَّارَ ' رواه مسلم.
وعن أَبي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ مُحَمَّدٌ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَا يَخْشَى الَّذِي يَرْفَعُ رَأْسَهُ قَبْلَ الْإِمَامِ أَنْ يُحَوِّلَ اللَّهُ رَأْسَهُ رَأْسَ حِمَارٍ رواه مسلم.
11. الالتفات في الصلاة فعَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ سَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ الِالْتِفَاتِ فِي الصَّلَاةِ فَقَالَ هُوَ اخْتِلَاسٌ يَخْتَلِسُهُ الشَّيْطَانُ مِنْ صَلَاةِ الْعَبْدِ رواه البخاري.
12. قول بعض المصلين في الصلاة الجهرية عند قول الأمام { إياك نعبد وإياك نستعين } استعنا بالله .
13. قول بعض المصلين إذا انتهى الإمام من القراءة في الصلاة الجهرية صدق الله العظيم.
14. قول بعض المصلين إذا قرأ الإمام { ولا الضالين } اللهم اغفر لي ولوالدي.
15. زيادة بعض المصلين كلمة والشكر بعد قوله ربنا ولك الحمد بعد الاعتدال من الركوع.
16. مسح الوجه بعد رفع اليدين من الركوع.
17. زيادة بعض المصلين في تكبيرات الانتقال الله اكبر كلمة ولله الحمد.
18. زيادة بعضهم في دعاء الجلسة بين السجدتين كلمة ( ولوالدي ) فعَنْ حُذَيْفَةَ أَنَّهُ رَأَى رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- يُصَلِّى مِنَ اللَّيْلِ فَكَانَ يَقُولُ « اللَّهُ أَكْبَرُ - ثَلاَثًا - ذُو الْمَلَكُوتِ وَالْجَبَرُوتِ وَالْكِبْرِيَاءِ وَالْعَظَمَةِ ». .... ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ مِنَ السُّجُودِ وَكَانَ يَقْعُدُ فِيمَا بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ نَحْوًا مِنْ سُجُودِهِ وَكَانَ يَقُولُ « رَبِّ اغْفِرْ لِى رَبِّ اغْفِرْ لِى .... رواه أبو داود بسند صحيح.
19. تكرار الفاتحة مرتين أو أكثر في الصلاة.
20. تشبيك الأصابع وفرقعتها فعن علي قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لاَ تُفَقِّعْ أَصَابِعَكَ وَأَنْتَ في الصَّلاَةِ. رواه ابن ماجه بسند ضعيف.
21. مد لفظ 'أكبر' فيكون 'أكبار' وأكبار جمع 'كبر' وهو الطبل.
وهكذا يجب على المسلم أن يصلي صلاة النبي صلى الله عليه وسلم ويكون مقتديا به من غير زيادة ولا نقصان. والله أعلى وأعلم.
الشيخ عبد الباري بن محمد خلة