الشيخ عبد الباري بن محمد خلة | مقالات | آداب المساجد خاصة في شهر رمضان المبارك.

اليوم : الخميس 16 شوَّال 1445 هـ – 25 أبريل 2024م
ابحث في الموقع

آداب المساجد خاصة في شهر رمضان المبارك.

الحمد لله وكفى وسلام على عباده الذين اصطفى وبعد:

فيقول الله تعالى: {وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا (18)} [الجن: 18، 19]

ويقول الله تعالى: {إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللَّهِ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَأَقَامَ الصَّلَاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَلَمْ يَخْشَ إِلَّا اللَّهَ فَعَسَى أُولَئِكَ أَنْ يَكُونُوا مِنَ الْمُهْتَدِينَ (18)} [التوبة: 18]

والضيف يجب أن يراعي آداب المكان، وحرمة صاحبه ونحن في بيوت الله جئنا لعبادته، وخاصة في شهر رمضان وفي صلاة التراويح، فلا بد من آداب نتخلق بها:

1- أخذ الزينة عند كل صلاة قال الله تعالى: {يَا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ (31)} [الأعراف: 31]

فيستحب التجمل عند الصلاة ولا سيما يوم الجمعة ويوم العيد وفي المناسبات والاجتماعات، فلا ينبغي للمسلم أن يأتي بثياب النوم أو بثياب المهنة حيث القذر وكراهة الرائحة

وقد كان الإمام مالك رحمه الله إذا خرج إلى المسجد اغتسل ولبس أحسن ثيابه، وتطيّب، فإذا خرج لم يكن يكلّم أحداً ولا يكلمه أحد حتى يدخل إلى مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم، فيصلي ثم يشرع فيحدّث بحديث المصطفى عليه الصلاة والسلام.

وفي صلاة التراويح يكثر المصلون فلا بد من لبس أفضل الثياب.

2- عدم رفع الأصوات وعدم الضوضاء فعَنْ السَّائِبِ بْنِ يَزِيدَ قَالَ كُنْتُ قَائِمًا فِي الْمَسْجِدِ فَحَصَبَنِي رَجُلٌ فَنَظَرْتُ فَإِذَا عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ فَقَالَ اذْهَبْ فَأْتِنِي بِهَذَيْنِ فَجِئْتُهُ بِهِمَا قَالَ مَنْ أَنْتُمَا أَوْ مِنْ أَيْنَ أَنْتُمَا قَالَا مِنْ أَهْلِ الطَّائِفِ قَالَ لَوْ كُنْتُمَا مِنْ أَهْلِ الْبَلَدِ لَأَوْجَعْتُكُمَا تَرْفَعَانِ أَصْوَاتَكُمَا فِي مَسْجِدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أصواتكم. [رواه البخاري (1/101) رقم 470].

وقال الإمام مالك - رحمه الله - بكراهة رفع الصوت في المسجد مطلقاً.

ولا ينبغي رفع الصوت حتى بالذكر وقراءة القرآن فكيف بالكلام الدنيوي.

وأسوء من ذلك السؤال في المساجد والتسول فيها

وقد كان هشام بن عبد الملك يطوف - مرة - بالبيت الحرام، فلقي سالم بن عبد الله - من أئمة التابعين - فسلّم عليه، وقال: سلني حاجتك! قال: أني استحي من ربي أن أسأل غيره وأنا في بيته! فلما خرج قال: نحن الآن قد خرجنا من المسجد فسلني حاجتك! قال: من أمر الدنيا أم من أمر الآخرة؟ قال: من أمر الدنيا فأمر الآخرة لا أملكه! قال: أما الدنيا فما سألتها من يملكها فكيف أسأل من لا يملكها!

وقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن البيع والشراء في المساجد وعن إنشاد الضالة فيه، فعن أبي هُرَيْرَةَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ سَمِعَ رَجُلًا يَنْشُدُ ضَالَّةً فِي الْمَسْجِدِ فَلْيَقُلْ لَا رَدَّهَا اللَّهُ عَلَيْكَ فَإِنَّ الْمَسَاجِدَ لَمْ تُبْنَ لِهَذَا. [رواه مسلم (1/ 397) رقم 568].

وعَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ بُرَيْدَةَ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ رَجُلًا نَشَدَ فِي الْمَسْجِدِ فَقَالَ مَنْ دَعَا إِلَى الْجَمَلِ الْأَحْمَرِ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا وَجَدْتَ إِنَّمَا بُنِيَتْ الْمَسَاجِدُ لِمَا بُنِيَتْ لَهُ. [رواه مسلم (1/ 397) رقم 569].

 وفي رمضان وفي صلاة التراويح يكثر الأطفال ويكثرون اللغط والتشويش فيؤذون المصلين ويفقدونهم الخشوع.

وهناك فرقعة الصواريخ والبارود فمن السلوكيات السيئة والتي تعوِّد الأطفال على العنف، وتروع الآمنين فرقعة الصواريخ والبارود فبعض الأطفال يقومون بالتشويش على المصلين في صلاة التراويح حيث يطلقون المفرقعات كما ويشجهم على ذلك بعض الآباء ولا ينهونهم عن ذلك

وأحيانا يزعج المصلين رنات الجوالات حيث تنطلق الرنات في صلاة التراويح مما يشوش عليهم ويمنع من خشوعهم.

3- عدم أكل الطعام ذات الرائحة الخبيثة كالثوم والبصل والدخان ونحو ذلك فعن جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ، زَعَمَ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم، قَالَ: مَنْ أَكَلَ ثُومًا أَوْ بَصَلاً فَلْيَعْتَزِلْنَا أَوْ قَالَ فَلْيَعْتَزِلْ مَسْجِدَنَا وَلْيَقْعُدْ فِي بَيْتِهِ. وَأَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم أُتِيَ بِقِدْرٍ فِيهِ خَضِرَاتٌ مِنْ بُقُولٍ فَوَجَدَ لَهَا رِيحًا، فَسَأَلَ فَأُخْبِرَ بِمَا فِيهَا مِنَ الْبُقُولِ، فَقَالَ: قَرِّبُوهَا إِلَى بَعْضِ أَصْحَابِهِ كَانَ مَعَهُ فَلَمَّا رَآهُ كَرِهَ أَكْلَهَا، قَالَ: كُلْ فَإِنِّي أُنَاجِي مَنْ لاَ تُنَاجِي. [رواه البخاري (1/170) رقم 855]

 والمدخنون يؤذون المصلين برائحتهم وكذا يؤذون الملائكة المقربين

وبعض المصلين يأتي والأقذار على بدنه أو على ثيابه يُنفّرك منظره وتتضايق من رائحته فأين أدب المسجد واحترام الآخرين

4- نظافة المساجد فلا ينبغي أن تكون بيوتنا أفضل حالا من مساجدنا بل مثلها

وإن من يقوم عليها له أجر عظيم فعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- «عُرِضَتْ عَلَىَّ أُجُورُ أُمَّتِى حَتَّى الْقَذَاةُ يُخْرِجُهَا الرَّجُلُ مِنَ الْمَسْجِدِ وَعُرِضَتْ عَلَىَّ ذُنُوبُ أُمَّتِى فَلَمْ أَرَ ذَنْبًا أَعْظَمَ مِنْ سُورَةٍ مِنَ الْقُرْآنِ أَوْ آيَةٍ أُوتِيَهَا رَجُلٌ ثُمَّ نَسِيَهَا». [رواه أبو داود بسند ضعيف (1/ 126) رقم 461].

وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ امْرَأَةً أَوْ رَجُلًا كَانَتْ تَقُمُّ الْمَسْجِدَ وَلَا أُرَاهُ إِلَّا امْرَأَةً فَذَكَرَ حَدِيثَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ صَلَّى عَلَى قَبْرِهَا [رواه البخاري (1/99) رقم 460].

وبعد فإن صلاة التراويح من أفضل الأعمال في شهر رمضان وتأتي من السنة إلى السنة فلا بد أن نستعد لها وأن نقدرها قدرها وأن نعود أنفسنا واولادنا عليها وأن نساعد في إفشاء الخير وبذله وكي نستفيد من هذه العبادة لا بد من الوقوف على آداب الإسلام في مساجد الله وخاصة في رمضان والله أسأل أن يرد المسلمين إلى دينهم ردا جميلا وأن يخلقنا بأخلاق رسول الله وأن يبلغنا رمضان ويسلمه لنا وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين

الشيخ عبد الباري بن محمد خلة

 

الأكثر مشاهدة


لقمة الزقوم والقلاش ذوق الطعام من البضاعة قبل الشراء

الورع

الغفلة

الاشتراك في القائمة البريدية