الحمد لله وكفى وسلام على عباده الذين اصطفى أما
بعد،
فكان من هديه صلى الله عليه وسلم في شعر رأسه تركه كله أو حلقه كله وما كان يحلق بعضه دون بعضه .
ونهى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن القزع وهو حَلْقِ بعض الرأس وتَرْكِ بعضه، فعَنْ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (نَهَى عَنْ الْقَزَعِ)، قال نافع – أحد رواة الحديث – في تفسير القزع: يُحْلَقُ بَعْضُ رَأْسِ الصَّبِيِّ وَيُتْرَكُ بَعْض.ٌ رواه البخاري ومسلم.
وعَنْ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَأَى صَبِيًّا حَلَقَ بَعْضَ رَأْسِهِ وَتَرَكَ بَعْضًا فَنَهَى عَنْ ذَلِكَ، وَقَالَ: (احْلِقُوهُ كُلَّهُ أَوْ اتْرُكُوهُ كُلَّهُ) رواه النسائي وأبو داود بسند صحيح.
والقزع أنواع :
1- أن يحلق من رأسه جزءا ويترك جزءا .
2- أن يحلق جوانبه دون وسطه أو العكس.
3- أن يحلق المُقَدِّمة ويترك المُؤَخِّره وبالعكس.
واتفق الفقهاء على كراهية القزع لأنه يشوه الخلقة أو لأنه زي الشيطان وقيل زي أهل الشر والدعارة وقيل زي اليهود أو المجوس قَالَ الْمَرُّوذِيُّ: سَأَلْت أَبَا عَبْدِ اللَّهِ عَنْ حَلْقِ الْقَفَا فَقَالَ: هُوَ مِنْ فِعْلِ الْمَجُوسِ، وَمَنْ تَشَبَّهَ بِقَوْمٍ فَهُوَ مِنْهُمْ. المغني: ابن قدامه (1/154)
وَفِي شُرُوطِ عُمَرَ عَلَى أَهْلِ الذِّمَّةِ: أَنْ يَحْلِقُوا مَقَادِمَ رُءُوسِهِمْ لِيَتَمَيَّزُوا بِذَلِكَ عَنْ الْمُسْلِمِينَ فَمَنْ فَعَلَهُ مِنْ الْمُسْلِمِينَ كَانَ مُتَشَبِّهًا بِهِمْ. المغني: ابن قدامه (1/151)
ومما لا شك فيه أن القزع وما نراه اليوم من قصات مختلفة بأسماء مختلفة ما هو إلا نوع من اتباع الثقافة الغربية الكافرة وأخذ أسوأ ما عندهم وكان الواجب أن نستفيد من أحسن ما عندهم من مدنية وعمران ونطور عليها وهذا مصداق قول النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لو دخلوا جحر ضب لدخلتموه فعَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ (لَتَتْبَعُنَّ سَنَنَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ شِبْرًا شِبْرًا وَذِرَاعًا بِذِرَاعٍ حَتَّى لَوْ دَخَلُوا جُحْرَ ضَبٍّ تَبِعْتُمُوهُمْ قُلْنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى قَالَ فَمَنْ) رواه البخاري .
وهذه القصات الوافدة نوع من التشبه بغير المسلمين المنهي عنه فعَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- «مَنْ تَشَبَّهَ بِقَوْمٍ فَهُوَ مِنْهُمْ». رواه أبو داود بسند صحيح.
ومن سنن الفطرة القديمة تربية الشعر كله وإكرامه من ترجيل ونحوه أو حلقه ولبس العمامة بدله لذا كانت تلك القصات تغييرا لخلق الله وتشبها بالشيطان القائل كما في القرآن: {وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللَّهِ} [النساء: 119]
وإذا حرم هذا الفعل من القصات حرم كل ما يوصل إليه كالمزين-الحلاق- الذي يتفنن بأنواع القزع المختلفة وقصات الموضة ومما لا شك فيه أن في ذلك معاونة على الحرام وهو منهي عنه كما قال الله تعالى: {وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ} [المائدة: 2] وهذا نوع من التعاون على الإثم.
وخلاصة القول أن القزح والقصات الوافدة كلها منهي عنها لذا ينبغي للشاب أن يفخر بثقافته لا بثقافة غيره وخير الهدي هدي نبينا محمد صلى الله عليه وسلم.
ولا ننسى الثقافات الأخرى الوافدة المبتدعة من لبس الملابس الضيقة التي تفصل وتبين العورة والتي يتنافس بعض الشباب ويفخر أنه يلبس بنطالا ناقصا أو له شقوق أو ساحلا وهذا كله من باب تقليد غير المسلمين.
وهذه مسئولية المحاضن التربوية من بيت ومدرسة ومسجد وغير ذلك من محاضن
فعلى ولي الأمر من والدين ومعلمين ومدراء وأئمة وخطباء أن يبينوا للشباب حرمة ذلك وخطورة ما يسيرون عليه ويستعمل كل من له سلطة القانون في ضبط الأمور وردها إلى نصابها وعدم التساهل في مثل هذه الثقافات الوافدة.
وأسأل الله أن يهدي شباب المسلمين لما في الخير والصلاح
الشيخ: عبد الباري بن محمد خلة