الشيخ عبد الباري بن محمد خلة | مقالات | ما يلزم من تأخير قضاء صيام رمضان؟

اليوم : السبت 10 ذو القعدة 1445 هـ – 18 مايو 2024م
ابحث في الموقع

ما يلزم من تأخير قضاء صيام رمضان؟

الحمد لله وكفى، وسلام على عباده الذين اصطفى، وبعد:

فيستحب لمن أفطر أيامًا من رمضان أن يقضيها على الفور بعد رمضان متى زال العذر الذي أفطر بسببه؛ إسراعًا في إبراء ذمته، ويجوز قضاؤها من شوال إلى شعبان فعن أم المؤمنين عائشة -رضي الله عنه- قالت: «كَانَ يَكُونُ عَلَيَّ الصَّوْمُ مِنْ رَمَضَانَ، فَمَا أَسْتَطِيعُ أَنْ أَقْضِيَ إِلَّا فِي شَعْبَانَ». رواه البخاري.

 ولا يجوز له تأخير قضاء ما فات من الصوم حتى يدخل رمضان التالي، قال ابن حجر العسقلاني -رحمه الله-: {يُؤْخَذ مِنْ حِرْصهَا عَلَى ذَلِكَ فِي شَعْبَان، أَنَّهُ لَا يَجُوز تَأْخِير الْقَضَاء حَتَّى يَدْخُلَ رَمَضَان آخَرُ} [فتح الباري (6/ 209)].

وقال ابن قدامة -رحمه الله-: {وَلَا يَجُوزُ لَهُ تَأْخِيرُ الْقَضَاءِ إلَى رَمَضَانَ آخَرَ مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ؛ لِأَنَّ عَائِشَةَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا- لَمْ تُؤَخِّرْهُ إلَى ذَلِكَ، وَلَوْ أَمْكَنَهَا لَأَخَّرَتْهُ، وَلِأَنَّ الصَّوْمَ عِبَادَةٌ مُتَكَرِّرَةٌ، فَلَمْ يَجُزْ تَأْخِيرُ الْأُولَى عَنْ الثَّانِيَةِ، كَالصَّلَوَاتِ الْمَفْرُوضَةِ} [المغني (6/ 144)].

أما من أخَّر قضاء رمضان حتى دخل رمضان التالي، فَيُنظر إن كان أخَّره لعذر كمرض أو سفر، فلا إثم عليه، ولا كفارة، والواجب عليه المبادرة إلى قضاء ما فاته من الصيام متى زال عذره، قال النووي -رحمه الله-: {إذَا كَانَ عَلَيْهِ قَضَاءُ رَمَضَانَ أَوْ بَعْضِهِ، فَإِنْ كَانَ مَعْذُورًا فِي تَأْخِيرِ الْقَضَاءِ بِأَنْ اسْتَمَرَّ مَرَضُهُ أَوْ سَفَرُهُ وَنَحْوُهُمَا، جَازَ لَهُ التأخير مادام عُذْرُهُ، وَلَوْ بَقِيَ سِنِينَ، وَلَا تَلْزَمُهُ الْفِدْيَةُ بِهَذَا التَّأْخِيرِ، وَإِنْ تَكَرَّرَتْ رَمَضَانَات، وَإِنَّمَا عَلَيْهِ الْقَضَاءُ فَقَطْ؛ لِأَنَّهُ يَجُوزُ تَأْخِيرُ أَدَاءِ رَمَضَانَ بِهَذَا الْعُذْرِ، فَتَأْخِيرُ الْقَضَاءِ أَوْلَى بِالْجَوَازِ} [المجموع (6/ 364)].

أما من أخر قضاء رمضان بلا عذر حتى دخل عليه رمضان التالي، فقد أثم بذلك، ووجب عليه قضاء ما فاته من رمضان السابق بعد صيامه لرمضان الحالي، وهل تلزمه كفارة مع القضاء، خلاف بين أهل العلم على قولين:

القول الأول- يجب عليه مع القضاء، كفارة إطعام مسكين عن كل يوم أفطره وأخر قضاءه، ذهب إلى هذا القول جمهور الفقهاء من المالكية، والشافعية، والحنابلة، واستدلوا على ذلك بما ورد عن ابن عباس وأبي هريرة -رضي الله عنهما- من القول بأن عليه مع القضاء كفارة.

القول الثاني- لا يجب عليه مع القضاء كفارة، ذهب إلى هذا القول الحنفية، والظاهرية واستدلوا على ذلك بقول الله تعالى: {فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ} [البقرة: 184]، قالوا: إن الله سبحانه وتعالى أمر من أفطر في رمضان بالقضاء فقط، ولم يأمره بالإطعام، ولم يثبت دليل يوجب عليه الإطعام، والأصل براءة الذمة، ولأن الفدية في الشريعة لا تكون على القادر على الأصل. العناية للبابرتي (3/ 318).

القول الراجح:

والراجح -إن شاء الله- أنه لا يجب على من أخّر القضاء بعد السنة الإطعام، وإنما يقتصر على القضاء فقط، لكن يستحب الإطعام خروجا من خلاف من أوجب ذلك. والله أعلى وأعلم.

الشيخ عبد الباري بن محمد خلة

الأكثر مشاهدة


لقمة الزقوم والقلاش ذوق الطعام من البضاعة قبل الشراء

الورع

الغفلة

الاشتراك في القائمة البريدية