الشيخ عبد الباري بن محمد خلة | مقالات | الإشاعة والكذب في زمن الحرب

اليوم : السبت 10 ذو القعدة 1445 هـ – 18 مايو 2024م
ابحث في الموقع

الإشاعة والكذب في زمن الحرب

 الحمد لله وكفى وسلام على عباده الذين اصطفى وبعد،

فالإشاعة هي: النبأ الهادف الذي يكون مصدره مجهولًا.

ففي وقت الفتن تنشط الدعاية، ويأتي دور الإِشاعة فتكون الطامة والندامة.

ولا ريب أن التثبت مطلوب شرعًا قال الله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ} [الحجرات: 6]، وقرئ: ( فتثبتوا).

وقد حذر النبي ﷺ من نقل الأخبار من غير ترو، فعَنْ حَفْصِ بْنِ عَاصِمٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (كَفَى بِالْمَرْءِ كَذِبًا أَنْ يُحَدِّثَ بِكُلِّ مَا سَمِعَ) رواه مسلم.

وفي غزوة أحد أشاع المنافقون خبر مقتل النبي ﷺ، فانكفأ الجيش وكل ذلك من الإِشاعة.

والإشاعة خطرها عظيم فكم دمرت من مجتمعات وهدمت من أسر، كم أحزنت من قلوب، وأورثت من حسرات فخطرها يتعدى الفرد إلى المجتمع.

والكلمة أمانة، فإمَّا أن تؤدي كلمة صادقة نافعة مفيدة، فتكتسب بها أجرًا وثوابًا، وإما كلمة سيئة، وكلمة خبيثة، وكلمة تدعو إلى باطل، وتؤيد الشرَّ والفساد؛ فتلك كلمة تُحاسَب عليها، قال الله تعالى: {مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ} [ق: 18].

وعن أبي هريرة، عن النبيّ صلى اللّه عليه وسلم قال (إنَّ العَبْدَ لَيَتَكَلّمُ بِالكَلِمَةِ مِنْ رِضْوانِ اللَّهِ لا يُلْقِي لَها بالاً يَرْفَعُهُ اللَّهُ بِهَا دَرَجاتٍ وإنْ العَبْدَ لَيَتَكَلَّمُ بِالكَلِمَةِ مِنْ سَخَطِ اللَّهِ لا يُلْقِي لها بالاً يَهْوِي بها في جَهَنَّمَ). رواه البخاري

لذا كان من الضروري لكل مواطن صالح أن يتروى وأن يكون بناء إيجابيا لا هداما سلبيا، فلا يتكلم إلا بما يزيد الجبهة الداخلية تماسكًا ولا يثرثر ولا ينقل الأخبار من هنا ومن هناك، ولا يمزح في كلامه فيكذب حتى يضحك ويبكي غيره أو حتى يروع إخوانه، فإن ترويع المسلم وتخويفه محرم لا يجوز؛ فعَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِى لَيْلَى عن النَّبِىِّ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ (لاَ يَحِلُّ لِمُسْلِمٍ أَنْ يُرَوِّعَ مُسْلِمًا). رواه أبو داود بسند صحيح.

ومن كذب على غيره فتسبب له ضرر في نفس أو مال ضمن هذا الكاذب، وليس من الدين ولا الوطنية أن نتساوق مع العدو في باطله وظلمه، فيجب على المواطن أن يكون رافعة بناء في المجتمع لا معول هدم له.

وعلى الجهات الرسمية أن تتولى أمر كل من يشيع الأكاذيب والدعايات بين صفوف المواطنين، وأن تعاقب كل من يتورط في مثل هذه الجرائم. والله أعلى وأعلم.

الشيخ عبد الباري بن محمد خلة

الأكثر مشاهدة


لقمة الزقوم والقلاش ذوق الطعام من البضاعة قبل الشراء

الورع

الغفلة

الاشتراك في القائمة البريدية