الشيخ عبد الباري بن محمد خلة | مقالات | وضوء وصلاة الأطقم الطبية في مكان العزل زمن كورونا

اليوم : الإثنين 20 شوَّال 1445 هـ – 29 أبريل 2024م
ابحث في الموقع

وضوء وصلاة الأطقم الطبية في مكان العزل زمن كورونا

الحمد لله وكفى وسلام على عباده الذين اصطفى أما بعد،

فجاءت الشريعة الإسلامية بمقاصد عظيمة من تحصيل المصلحة وتكميلها، ودرء المفسدة والتقليل منها.

وأمرت بحفظ النفس والمحافظة عليها وعدتها من أسمى المقاصد.

وأمرت بحفظ المال والمحافظة عليه، وراعته وأمرت بإنفاقه من غير إسراف أو تبذير.

وحرَّمت تضييعه بغير وجه حق؛ فعن الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ عن النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: [إِنَّ اللَّهَ كَرِهَ لَكُمْ ثَلَاثًا قِيلَ وَقَالَ وَإِضَاعَةَ الْمَالِ وَكَثْرَةَ السُّؤَالِ] رواه البخاري.

وأوجبت الشريعة على المكلف عبادات متنوعة يعود نفعها عليه.

ومن هذه العبادات الصلاة، ووسائلها من وضوء وبدله وهو التيمم، واستنبط الفقهاء لها شروطًا وأركانًا لا تصح بدونها.

ومن شروط صحة الوضوء أو التيمم عدم وجود الحائل الذي يمنع من وصول الماء أو التراب إلى العضو المراد.

وكما هو معلوم أن أفراد الأطقم الطبية يخالطون المرضى ويعيشون معهم ويحتاجون إلى الوضوء والصلاة.

فيجب عليهم الوضوء، أو التيمم عند عدم القدرة عليه، ويختلف حال الأطقم من حيث قوة الاختلاط بالمرضى، مرتبة على النحو الآتي:

أولًا- من استطاع الوضوء والصلاة بالهيئة المعهودة من غير مشقة زائدة، ولا تقصير بالمرضى، فيجب عليه الوضوء والصلاة في وقتها بالكيفية المعتادة.

ثانيًا- إن استطاع أن يتوضأ قبل لُبس الواقي فليتوضأ، ثم يصلِّ عند دخول الوقت، والتمكن من الصلاة.

ثالثًا- إن استطاع التيمم فليتيمم.

رابعًا- من لم يستطع الوضوء ولا التيمم إلا بمشقة زائدة، بسبب لبس الواقي المحكم فعليه الآتي:

1-  يجمع بين كل وقتين متناسقين [ظهرًا وعصرًا]، [مغربًا وعشاءً] من غير قصر، جمع تقديم، أو تأخير، بحسب الحالة والوضع؛ فعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: [صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- الظُّهْرَ وَالْعَصْرَ جَمِيعًا بِالْمَدِينَةِ، فِي غَيْرِ خَوْفٍ وَلَا سَفَرٍ. قَالَ أَبُو الزُّبَيْرِ فَسَأَلْتُ سَعِيدًا لِمَ فَعَلَ ذَلِكَ فَقَالَ سَأَلْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ كَمَا سَأَلْتَنِي، فَقَالَ: أَرَادَ أَنْ لَا يُحْرِجَ أَحَدًا مِنْ أُمَّتِهِ] رواه مسلم.

ولا يجوز نزع اللباس الواقي أثناء العمل، من أجل الصلاة؛ إذا ترتب عليه ضرر؛ محافظة على النفس والمال.

2-  يقوم المعنيون بتطبيب المصابين، ويصلون في الوقت الذي يسمح؛ فإن ضاق الوقت وهم يعالجون، أخروا الصلاة إلى آخر وقتها، فإن فات وقتها لعذر الاشتغال بالتطبيب قضوها عند التمكن.

3-  إذا لم يستطيعوا الصلاة بوضوء ولا تيمم فليصلوا من غيرهما كحال فاقد الطهورين، ولا قضاء عليهم في الراجح.

والخلاصة أن المسلم لا تسقط عنه الصلاة مهما كان العذر، بل جعل الإسلام له رخصًا في كيفية الأداء، فليصلِّ لابس الواقي بالكيفية التي يستطيع، قال الله تعالى {يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ} [البقرة: 185]، وقال الله تعالى: {لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا} [البقرة: 286]، وقال الله تعالى: {وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ} [الحج: 78]، والله تعالى أعلى وأعلم.

                  الشيخ عبد الباري بن محمد خلة

الأكثر مشاهدة


لقمة الزقوم والقلاش ذوق الطعام من البضاعة قبل الشراء

الورع

الغفلة

الاشتراك في القائمة البريدية