الشيخ عبد الباري بن محمد خلة | مقالات | نشوز الزوج

اليوم : الخميس 16 شوَّال 1445 هـ – 25 أبريل 2024م
ابحث في الموقع

نشوز الزوج

الحمد لله وكفى وسلام على عباده الذين اصطفى وبعد:

أمر الإسلام بحسن العشرة بين الزوجين وحث على التسامح والتواد قال الله تعالى:' وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ (21) سورة الروم .

فالزوج لا يجد راحته ولا سعادته إلا في بيته, وكذا الزوجة.

لكن أحيانًا يحدث نوع من التمرد على الحياة الزوجية من قِبل أحد الزوجين فتتعذر العشرة بينهما.

ولقد وضع الإسلام الحلول لتمرد الزوجة, قال الله تعالى: ' وَاللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلَا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلًا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيًّا كَبِيرًا (34) وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُوا حَكَمًا مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِنْ أَهْلِهَا إِنْ يُرِيدَا إِصْلَاحًا يُوَفِّقِ اللَّهُ بَيْنَهُمَا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا خَبِيرًا (35) سورة النساء .

وقد يكون التمرد من قبل الزوج فلا بد من حل, قال الله تعالى:' وَإِنِ امْرَأَةٌ خَافَتْ مِنْ بَعْلِهَا نُشُوزًا أَوْ إِعْرَاضًا فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَنْ يُصْلِحَا بَيْنَهُمَا صُلْحًا وَالصُّلْحُ خَيْرٌ وَأُحْضِرَتِ الْأَنْفُسُ الشُّحَّ وَإِنْ تُحْسِنُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا (128) وَلَنْ تَسْتَطِيعُوا أَنْ تَعْدِلُوا بَيْنَ النِّسَاءِ وَلَوْ حَرَصْتُمْ فَلَا تَمِيلُوا كُلَّ الْمَيْلِ فَتَذَرُوهَا كَالْمُعَلَّقَةِ وَإِنْ تُصْلِحُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُورًا رَحِيمًا (129) وَإِنْ يَتَفَرَّقَا يُغْنِ اللَّهُ كُلًّا مِنْ سَعَتِهِ وَكَانَ اللَّهُ وَاسِعًا حَكِيمًا (130) سورة النساء .

ومعنى نشوز الزوج: ترك مُجامَعة الزوجة، وإعراضُهُ بوجْهه عنْها، وقلة مُجَالسَتِها.

فالنشوز: هو الخروج عن الواجبات التي تطلب من الزوجين, فكل منهما له حقوق وعليه واجبات, فمن قصر في واجباته فهو متمرد.

ولعل نشوز الرجل أخطر على حياة الزوجية من نشوز المرأة, لأن الرجل هو المفكر والموجه والراعي فهو صاحب القوامة والمسئولية.

أسباب نشوز الزوج باختصار:

1- سوء معاشرة بين الزوجين.

2 - انقطاع الحوار والتفاهم بين الزوجين.

3- كبر سن الزوجة وعجزها عن الوفاء بحقوق الزوج.

4- الخلافات بين زوجاته.

5- التأخر في الإنجاب .

6- أسباب ترجع إلى طبيعة الزوج.

علاج الزوج الناشز:

وعلاج الزوج الناشز النصح والموعظة، ولا يمكن للزوجة أن تضرب زوجها؛ ذلك أن العرف يأبى ذلك، وكذا طبيعتها الضعيفة، فالمرأة لا يمكن أن تضرب الرجل الذي جُبل بفطرته على عنف الذكورة، والذي لا يحتمل أن تضربه مَن هي أضعف منه جسديا، فلربما يعدو عليها وينقض بما لا تحتمله فتجني على نفسها.

والإسلام يعالج الزوج الناشز بعقوبة زاجرة، لكنها ملائمة لطبيعته حيث ترفع أمرها إلى القاضي كي ينتصر لها ويُنزل بزوجها الناشز العقوبة المناسبة، وقد لا تقف العقوبة عند الضرب، بل قد تتعداها إلى السجن وغيره، فحق تأديب الزوج لزوجته يقابله حق الزوجة في تأديب زوجها عن طريق القاضي حيث يعظه، فإذا لم ينفع معه الوعظ أدَّبه بضرب أو حبس.

فمن حق الزوجة تأديب زوجها الناشز بالرفق واللين والنصح، ثم بمحاولة الصلح عن طريق أسرة الزوجين، كما قال الله تعالى: «وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُوا حَكَمًا مِّنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِّنْ أَهْلِهَا إِن يُرِيدَا إِصْلَاحًا يُوَفِّقِ اللَّهُ بَيْنَهُمَا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا خَبِيرًا» الآية 35 سورة النساء.

وأخيرا لها أن تلجأ إلى القاضي.

والخلاصة أن ثمة حقوقا مشتركة وواجبات متساوية بين تأديب الناشز من الزوجين، لكن بعض المشككين في الإسلام يريد أن يمرر على المسلمين شبهة التمييز بين الجنسين، وأنى له ذلك فإن المرأة شريكة الرجل في الحياة الزوجية كافة، إلا ما يخص الزوج أو ما يخص المرأة، وكأنها دعوة إلى تمكين الزوجة من ضرب زوجها الناشز، وهذا حقيقة سم في العسل فإن نساءنا لا يرضيْن بذلك، وهب أن الإسلام-جدلا- أباح لها تأديب الزوج بالضرب، فهي هي قادرة على ضربه والانتصار عليه، ولو فعلت ذلك هل تستقيم الحياة الزوجية وهي نساء الغرب يضربن أزواجهن؟ كل ذلك دعوة إلى تمرد الزوجة على زوجها، فلا الإسلام يرضى ولا الزوج يرضى ولا الزوجة ترضى والعرف يأبى ذلك، فسبحان الذي أقام العباد فيما أراد وأرضى كلا بقسمته ونصيبه، قال الله تعالى: {وَلَا تَتَمَنَّوْا مَا فَضَّلَ اللَّهُ بِهِ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبُوا وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبْنَ وَاسْأَلُوا اللَّهَ مِنْ فَضْلِهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا (32) } [النساء: 32، 33]

والحمد لله أولا وآخرا وصلى الله وسلم على عبده ورسوله محمد.

                       الشيخ: عبد الباري بن محمد خلة

الأكثر مشاهدة


لقمة الزقوم والقلاش ذوق الطعام من البضاعة قبل الشراء

الورع

الغفلة

الاشتراك في القائمة البريدية