الحمد لله وكفى وسلام على عباده الذين
اصطفى وبعد:
فعيد الحب عيد روماني، وارتبط العيد بالقس فالنتاين فهو من أعياد الكفار
ولا يجوز للمسلم أن يحتفل بشيء من أعياد الكفار؛ لأن الأعياد من الشرع ولا يجوز تقليد أحد من الكفار
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: أن الأعياد من جملة الشرائع والمناسك، كالقبلة، والصلاة، والصيام، وليست مجرد عادات، وهنا يكون أمر التشبه والتقليد فيها للكافرين أشد وأخطر، وكذلك تشريع أعياد لم يشرعها الله يكون حكمًا بغير ما أنزل الله، وقولًا على الله بغير علم، وافتراء عليه، وابتداعًا في دينه. اقتضاء الصراط المستقيم لمخالفة أصحاب الجحيم (1/ 62)
وقال: أن الأعياد من جملة الشرع والمناهج والمناسك، التي قال الله سبحانه: { لِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنَا مَنْسَكًا هُمْ نَاسِكُوهُ } كالقبلة والصلاة والصيام، فلا فرق بين مشاركتهم في العيد وبين مشاركتهم في سائر المناهج، فإن الموافقة في جميع العيد، موافقة في الكفر. والموافقة في بعض فروعه: موافقة في بعض شعب الكفر، بل الأعياد هي من أخص ما تتميز به الشرائع، ومن أظهر ما لها من الشعائر، فالموافقة فيها موافقة في أخص شرائع الكفر، وأظهر شعائره، ولا ريب أن الموافقة في هذا قد تنتهي إلى الكفر في الجملة بشروطه.
وأما مبدؤها فأقل أحواله: أن تكون معصية، وإلى هذا الاختصاص أشار النبي صلى الله عليه وسلم بقوله: « إن لكل قوم عيدا، وإن هذا عيدنا » وهذا أقبح من مشاركتهم في لبس الزنار، ونحوه من علاماتهم ؛ لأن تلك علامة وضعية ليست من الدين، وإنما الغرض منها مجرد التمييز بين المسلم والكافر، وأما العيد وتوابعه، فإنه من الدين الملعون هو وأهله، فالموافقة فيه موافقة فيما يتميزون به من أسباب سخط الله وعقابه. اقتضاء الصراط المستقيم لمخالفة أصحاب الجحيم (1/ 426)
ومما لا شك فيه أن لكل أمة عيدا فالعيد من خصائص الأمم به يتمايزون ونحن المسلمين لنا عيد يميزنا فعَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ: دَخَلَ أَبُو بَكْرٍ وَعِنْدِي جَارِيَتَانِ مِنْ جَوَارِي الأَنْصَارِ تُغَنِّيَانِ بِمَا تَقَاوَلَتْ الأَنْصَارُ يَوْمَ بُعَاثَ، قَالَتْ: وَلَيْسَتَا بِمُغَنِّيَتَيْنِ، فَقَالَ أَبُو: بَكْرٍ أَمَزَامِيرُ الشَّيْطَانِ فِي بَيْتِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ! وَذَلِكَ فِي يَوْمِ عِيدٍ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ( يَا أَبَا بَكْرٍ إِنَّ لِكُلِّ قَوْمٍ عِيدًا وَهَذَا عِيدُنَا) رواه البخاري ومسلم
وعَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه قَالَ: قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَدِينَةَ وَلَهُمْ يَوْمَانِ يَلْعَبُونَ فِيهِمَا، فَقَالَ: مَا هَذَانِ الْيَوْمَانِ ؟ قَالُوا كُنَّا نَلْعَبُ فِيهِمَا فِي الْجَاهِلِيَّةِ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ( إِنَّ اللَّهَ قَدْ أَبْدَلَكُمْ بِهِمَا خَيْرًا مِنْهُمَا: يَوْمَ الأَضْحَى، وَيَوْمَ الْفِطْرِ ) رواه أبو داود بسند صحيح
وعليه فيحرم كل عيد للكفار كعيد الحب حيث يتميز هذا العيد باللون الأحمر، سواء الملبس أم الحذاء أم غيره، حتى الزهور حمراء، وكل هذا لا يجوز لأنه بدعة غربية وإحداث في الدين وهو غير جائز فعن عَائِشَةَ، قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: مَنْ أَحْدَثَ فِي أَمْرِنَا هذَا مَا لَيْسَ فِيهِ فَهُوَ رَدٌّ أخرجه البخاري
ويدعو إلى العشق ويدعو إلى إثارة الغرائز وفيه تشبه بالكفار ومن تشبه بقوم فهه منهم فعَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- « مَنْ تَشَبَّهَ بِقَوْمٍ فَهُوَ مِنْهُمْ » رواه أبو داود بسند حسن صحيح
وفيه تعاون على الإثم والعدوان وقد نهينا عن ذلك قال الله تعالى: {وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ (2) } [المائدة: 2] إلى غير ذلك من محاذير لهذا أقول لا يجوز أن نحتفل بعيد الحب ولا غيره من أعيادهم. والله أعلى وأعلم.
الشيخ عبد الباري بن محمد خلة