الشيخ عبد الباري بن محمد خلة | مقالات | التأصيل الشرعي للحرب الإلكترونية

اليوم : الأربعاء 29 شوَّال 1445 هـ – 08 مايو 2024م
ابحث في الموقع

التأصيل الشرعي للحرب الإلكترونية


الحمد لله وكفى وسلام على عباده الذين اصطفى وبعد:

فقد أباح الإسلام الحرب ردًا على الظلم الواقع عليهم.

وأباحها عقوبة للخيانة ونقض العهد وأباحها لنصرة المظلوم، وأمر أتباعه بالاستعداد لا بالاعتداء.

وقد أوصى رسول الله ﷺ لقادة الجيش قائلا: « انْطَلِقُوا بِاسْمِ اللَّهِ وَبِاللَّهِ وَعَلَى مِلَّةِ رَسُولِ اللَّهِ وَلاَ تَقْتُلُوا شَيْخًا فَانِيًا وَلاَ طِفْلاً وَلاَ صَغِيرًا وَلاَ امْرَأَةً وَلاَ تَغُلُّوا وَضُمُّوا غَنَائِمَكُمْ وَأَصْلِحُوا وَأَحْسِنُوا (إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ) ». رواه أبو داود بسند ضعيف، ونهى ﷺ عن المثله فقال: (إياكم والمثله)،

وأبو بكر الصديق أول خليفة للمسلمين يوصي أمير أول بعثة حربية في عهده أسامة بن زيد فيقول: (لا تخونوا ولا تغلوا ولا تغدورا ولا تمثلوا ولا تقتلوا طفلاً صغيرًا ولا شيخًا كبيرًا ولا امرأة ولا تقطعوا نخلاً ولا تحرقوه ولا تقطعوا شجرة مثمرة ولا تذبحوا شاة ولا بقرة ولا بعيرًا إلا لمأكلة).

وإذا ذكر القتال في عصرنا ذُكِر الخرابُ والدَّمار، واستِباحة الحرمات، ونشْر الفساد والانْحلال

وإن الكفار لا يؤمنون ألا بمبدأ واحد وهو القضاء على الإسلام، قد عمدوا إلى محاربته بشتى الوسائل والطرق فهم لم يكتفوا بحربه بالسيف أو البندقية أو الأسلحة المحرمة دوليا وإنما عمدوا كذلك إلى محاربة المسلمين حربا' أيديولوجية ينفقون فيها الأموال ويعبئون لها الدعاة من أجل تشويه المبادئ والأهداف الإسلامية وتزييف الحقائق

هذا العصر الذي يدعونه عصر النور والعلم والإنسانية والمدنية أين ما يرتكب في حروب هذا العصر المدني من تقتيل النساء وبقر بطونهن على الأجنة، ومن قتل الصبيان والعجزة، وهدم البيوت بالقنابل الجوية والمدافع الأرضية على مَن فيها، ومِن هدم المعابد، ومن تسميم المياه والأجواء، وإحراق الناس أحياء، إلى القنبلة الذرية التي لا تذر من شيء أتت عليه إلا جعلته كالرميم؟

وأصبحت اليوم الحرب على الإسلام حربا شاملة على جميع الصعد فهم لا يتورعون في قتل الأبرياء والعاجزين وحرق دورهم وأموالهم وتجفيف منابع دعمهم وسرقة مياههم وتسميمها ومحاربة الأدمغة التي تفكر وليس أمامهم حاجز يمنعهم

 والحرب الإسلامية رحيمة وهذا في الحالات العادية أما إن انتهك العدو قوانين الحرب وما يسمي بمبادئ القانون الدولي وقتل النساء والأطفال والشيوخ فيجوز للمسلمين أن يفعلوا مثلما فعل معاملة بالمثل.

لكل ما سبق أقول يجوز للمسلمين اليوم كل شيء ضد هؤلاء المجرمين ولعل الحرب الإلكترونية هي الحرب الأخيرة والمرتقبة والأنجح والأسرع في حسم المعركة لذا فاقول الحرب بيننا وبين عدونا حرب شاملة تقليدية وإلكترونية وحرب أدمغة فلا بأس باستخدام جميع الوسائل والطرق المتاحة في حسم الحرب القادمة سواء على مستوى حكومة العدو أو مؤسساته المدنية والعسكرية طالما أنها تساعد على حسم المعركة والله تعالى يقول: { وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ (60)} [الأنفال: 60]

فكل ما يمكن إعداده مباح بل واجب حتى وإن كان بالعبث والتخريب والتعطيل وذلك معاملة بالمثل

وأكبر شاهد على جواز ذلك ما فعله النبي ﷺ بالعرنيين الذين خانوا وغدروا وقتلوا الراعي فعَنْ أَنَسٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَطَعَ الْعُرَنِيِّينَ وَلَمْ يَحْسِمْهُمْ حَتَّى مَاتُوا. رواه البخاري

وعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّ قَوْمًا مِنْ عُكْلٍ - أَوْ قَالَ مِنْ عُرَيْنَةَ - قَدِمُوا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- فَاجْتَوَوُا الْمَدِينَةَ فَأَمَرَ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- بِلِقَاحٍ وَأَمَرَهُمْ أَنْ يَشْرَبُوا مِنْ أَبْوَالِهَا وَأَلْبَانِهَا فَانْطَلَقُوا فَلَمَّا صَحُّوا قَتَلُوا رَاعِىَ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- وَاسْتَاقُوا النَّعَمَ فَبَلَغَ النَّبِىَّ -صلى الله عليه وسلم- خَبَرُهُمْ مِنْ أَوَّلِ النَّهَارِ فَأَرْسَلَ النَّبِىُّ -صلى الله عليه وسلم- فِى آثَارِهِمْ فَمَا ارْتَفَعَ النَّهَارُ حَتَّى جِىءَ بِهِمْ فَأَمَرَ بِهِمْ فَقُطِعَتْ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ وَسُمِّرَ أَعْيُنُهُمْ وَأُلْقُوا فِى الْحَرَّةِ يَسْتَسْقُونَ فَلاَ يُسْقَوْنَ. قَالَ أَبُو قِلاَبَةَ فَهَؤُلاَءِ قَوْمٌ سَرَقُوا وَقَتَلُوا وَكَفَرُوا بَعْدَ إِيمَانِهِمْ وَحَارَبُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ. رواه أبو داود بسند صحيح

وذلك أن العذاب من جنس العمل 'وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ' يوسف: 21

               الشيخ عبد الباري بن محمد خلة

 

الأكثر مشاهدة


لقمة الزقوم والقلاش ذوق الطعام من البضاعة قبل الشراء

الورع

الغفلة

الاشتراك في القائمة البريدية