الحمد لله وكفى وسلام على عباده الذين
اصطفى وبعد:
مضمون الخطبة التي يجب على الخطيب ان يقدمها
يجب على الخطيب أن يقدم وجبة فقهية وعظية للمستمعين فيعلمهم أمور دينهم من الحلال والحرام وغير ذلك
والذي يحدد الخطبة هو الخطيب نفسه لكن ينبغي على الخطيب أن لا يغفل القضايا المصيرية والسياسية والاجتماعية فيعالج المشاكل القائمة وليس ذلك بمعزل عن الأوقاف فالأوقاف توجه الخطباء ليقوموا بدورهم المنوط بهم لكنهم لا يكرهون أحدا على نوع الخطبة
والخطبة لا بد أن تكون مفيدة وأن تكون مبنية على أركان وإن ربطت الواقع بالماضي والمستقبل وتحدثت عن قضايا الأمة فلا بأس لكن أن تجعل الخطبة من أولها إلى آخرها في فكرة سياسية بحتة فهذا عيب في الخطيب والخطبة
وهناك بعض الخطباء وخصوصا إذا كانوا أفراداً أو قيادات في بعض الاحزاب، يستخدمون منبر المسجد كمنبر إعلامي للحزب، وهذا غير جائز
فالمنبر هو حاضنة تربوية إعلامية هادفة فيجب أن تستثمر لصالح العامة فيقدم الخطيب دروسا تربوية وفكرية وسياسية واجتماعية للناس ولا يجوز له أن يوظف المنبر للدعاية الشخصية ولا الحزبية ولا التنظيمية فإن فعل ذلك فقد خالف القانون وخالف الشرع فيأثم بذلك فالمنبر هو لتثقيف الناس لا للتحزب
وبعض الخطباء يأتون بشيء خارج عن المألوف في خطبتهم ، كمن يخرج بسكين أو سيف أو نحوه فإن كان المقام يحتاج إلى القوة والشدة فلا بأس
فالخطيب يعبر عن نبض الشارع ملتزما بالقواعد الفقهية فقد كان النبي ﷺ يمسك بسيف أو نحوه فإذا كان الجو مشحونا بالثورة فلا بأس أن يعبر عن ذلك برمز القوة والوسيلة
والأصل في الخطبة أن تكون قصيرة فإن النبي ذكر أن من فطنة الخطيب وفهمه أن يقصر الخطبة والكلام ما قل ودل وكثرة الكلام ينسي بعضه بعضا وأحيانا الواقع يحتم إطالة الخطبة قليلا فلا بأس في ذلك بشرط أن لا تثقل على الناس فإن فيهم الضعيف والمريض وغيرهم
وبعض الناس يملون من مضمون الخطبة او طول فترة الخطبة، فعلى الخطيب أن يكون أبا رحيما وأخا عطوفا يراعي الوسطية ويراعي مستويات الناس وأنماطهم فلا يقصر تقصيرا مخلا ولا يطيل إطالة مملة وخير الأمر أواسطها ولا الخطيب أن يحرص على إشباع نهم الجميع فيفيدهم جميعا بأن يكون الأسلوب مناسبا والوقت مناسبا والعنوان مناسبا وكل ذلك من مئنته
والاسلوب الامثل للخطيب كي يوجه رسالته للمتلقين أن يكثر من ذكر الآيات والأحاديث الدالة على الموضوع ويأتي بما يشوقهم من قصة هادفة وحادثة مؤثرة ويربط الخطبة بالواقع ويأتي بما يدل عليها من غزوات الرسول وتاريخ الأمة المجيد
ودور المستمع فيجب أن يكون مستمعا جيدا مهد نفسه ووطنها على الفهم والعمل ويجب أن يستعد المتلقي للخطبة وأن يتفاعل معها وأن يحترم الخطيب ولا يعترض عليه وإن أخطأ أن يعذره وإن أطال أن يتحمله وكل ذلك من الأدب ولا بد أن يكون هناك انسجام بين الخطيب والمتلقي لتكون الفائدة أشمل وأنفع. والله أعلى وأعلم.
الشيخ عبد الباري بن محمد خلة