الشيخ عبد الباري بن محمد خلة | مقالات | الإصلاح بين الناس

اليوم : الأربعاء 29 شوَّال 1445 هـ – 08 مايو 2024م
ابحث في الموقع

الإصلاح بين الناس


الحمد لله وكفى وسلام على عباده الذين اصطفى وبعد:

فالإصلاح: هو جمع المتخاصمين لرفع الخصومة عن طريق التراضي والمسامحة وطرد كل بغضاء وتشاحن من قلوبهم .

قال الله تعالى: {لا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْوَاهُمْ إِلا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلَاحٍ بَيْنَ النَّاسِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ ابْتِغَاءَ مَرْضَاةِ اللَّهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا } [النساء: 114]

وقال الله تعالى: {وَالصُّلْحُ خَيْرٌ} [النساء: 128]

ويقول الله تعالى: {وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا} آل عمران

ويقول الله تعالى: {وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ}. المائدة

وقد أمرنا الله تعالى بإصلاح أنفسنا، قال الله تعالى: {فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَصْلِحُوا ذَاتَ بَيْنِكُمْ وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ} الأنفال

والإصلاح بين الناس مسؤولية عظيمة تقوم على أساس الأخلاق وتعدل السلوك، وتهذيب الأنفس.

ومن أعظم الدعائم في قضية الإصلاح مناصحة المسلمين فالدين النصيحة كما قال الحبيب صلى الله عليه وسلم.

وإصلاح ذات البين فيه خير للفرد والمجتمع فإذا تحقق ذلك في أمة تحقق لها أمنها وأمانها وعيشها الرغيد وإذا صلح الأفراد صلح المجتمع كله.

والإصلاح بين الناس يقوم على زرع المحبة والألفة ونبذ الخلاف والفرقة

وكان النبي صلى الله عليه وسلم يسعى دائما إلى الإصلاح بين الناس ولما تنازع أهل قباء ندب أصحابه إلى الذهاب إليهم بنفسه فقال: 'اذهبوا بنا نصلح بينهم'.

والصلح أفضل من القضاء لذا كان عمر رضي الله عنه يقول: 'ردوا الخصوم حتى يصطلحوا فإن فصل القضاء يحدث بين القوم الضغائن'.

ومن رحمة الله تعالى بالمؤمنين أن وحد كلمتهم، وجمع بين قلوبهم ولمّ شعثهم، وأزال الضغائن من قلوبهم، حتى أصبحوا إخوة في الدين وألف بينهم قال الله تعالى: {وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ اللهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا} آل عمران

والإصلاح بين الناس عنوان الإيمان ومصدر الطمأنينة، وينبوع المحبة.

وفضله عظيم فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كُلُّ سُلَامَى مِنْ النَّاسِ عَلَيْهِ صَدَقَةٌ كُلَّ يَوْمٍ تَطْلُعُ فِيهِ الشَّمْسُ يَعْدِلُ بَيْنَ الِاثْنَيْنِ صَدَقَةٌ وَيُعِينُ الرَّجُلَ عَلَى دَابَّتِهِ فَيَحْمِلُ عَلَيْهَا أَوْ يَرْفَعُ عَلَيْهَا مَتَاعَهُ صَدَقَةٌ وَالْكَلِمَةُ الطَّيِّبَةُ صَدَقَةٌ وَكُلُّ خُطْوَةٍ يَخْطُوهَا إِلَى الصَّلَاةِ صَدَقَةٌ وَيُمِيطُ الْأَذَى عَنْ الطَّرِيقِ صَدَقَةٌ رواه البخاري

وعَنْ أَبِى الدَّرْدَاءِ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- « أَلاَ أُخْبِرُكُمْ بِأَفْضَلَ مِنْ دَرَجَةِ الصِّيَامِ وَالصَّلاَةِ وَالصَّدَقَةِ ». قَالُوا بَلَى. قَالَ « إِصْلاَحُ ذَاتِ الْبَيْنِ وَفَسَادُ ذَاتِ الْبَيْنِ الْحَالِقَةُ ». رواه أبو داود بسند صحيح.

وعن أنسٍ رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لأبي أيوب: 'ألا أدلك على تجارةٍ؟'، قال: بلى، قال: ((صِلْ بين الناس إذا تفاسدوا، وقرِّب بينهم إذا تباعدوا)). رواه الطبراني وحسنه الألباني.

وإذا كان الإصلاح بين الناس كان الخير والبركة وإذا حكمت شريعة الله بين الناس كان العدل والمساواة وأخذ كل ذي حق حقه فلا يسطو القوي على الضعيف ولا الغني على الفقير ولا السيد على العبد الكل أمام العدالة سواء فلا نحتاج إلى قضاء ولا محاكم فإن شذ واحد من المجتمع وقف له المصلحون الغيورون على وحدة الأمة وحياتها وكان دورهم الإصلاح فكما ترى فإن تحكيم الشريعة يريح الأمة ويوحد بين صفوفها.

 ومن إبراز الميادين والجوانب التي تحتاج إلى الإصلاح الاجتماعي الصلح بين الزوج وزجته وبين الأب وابنه وبين الرجل وصديقه وبين الجار وجاره ويتعدى ذلك إلى أن يصلح المسلم نفسه وأن يرضي ربه وأن يأمن الناس بوائقه.

وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين

            الشيخ عبد الباري بن محمد خلة

 

الأكثر مشاهدة


لقمة الزقوم والقلاش ذوق الطعام من البضاعة قبل الشراء

الورع

الغفلة

الاشتراك في القائمة البريدية