الشيخ عبد الباري بن محمد خلة | مقالات | التوبة والاستغفار وكيف يعرف المذنب أن الله غفر له

اليوم : الأحد 11 ذو القعدة 1445 هـ – 19 مايو 2024م
ابحث في الموقع

التوبة والاستغفار وكيف يعرف المذنب أن الله غفر له

الحمد لله وكفى وسلام على عباده الذين اصطفى وبعد:

فيقول الله تعالى:{قُلْ يَاعِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ (53)} [الزمر: 53]

يبقى الإنسان إنسانا فيخطئ ويصيب وليس أحد منا معصوما إلا من عصم من أنبياء ومرسلين ويسعى المؤمن أن يكون بعيدا عن الذنوب والمَعاصي فيكثر من الاستغفار فقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم - يستغفر الله في كل يوم فعن أبي هريرة - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: (واللَّهِ إنِّي لَأستَغفرُ اللَّهَ وأتوبُ إليهِ في اليومِ أَكْثرَ مِن سَبعينَ مرَّةً)

ومعنى الاستغفار هو: طلب العبد المغفرة من الله تعالى. وله ثمرات كثيرة لعل من أهمها ما ذكره الله على لسان نبي الله نوح لقومه؛ فقد قال تعالى: (فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا * يُرْسِلِ السَّمَاء عَلَيْكُم مِّدْرَارًا * وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَل لَّكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَل لَّكُمْ أَنْهَارًا) سورة نوح

 فالاستغفار سببٌ للرزق والغيث والغنى والولد، قال الشعبي: (خرج عمر يستسقي فلم يزد على الاستغفار حتى رجع، فأُمْطِروا فقالوا: ما رأيناك استسقيت؟ فقال: لقد طلبت المطر بمجاديح السماء التي يُستنزَلُ بها المطر).

 الاستغفار سببٌ لتكفير الذّنوب قال الله تعالى: (وَمَن يَعْمَلْ سُوءًا أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ اللَّهَ يَجِدِ اللَّهَ غَفُورًا رَّحِيمًا).

وهو سببٌ من أسباب النّجاة من عذاب الله قال الله تعالى لنبيّه محمد - صلى الله عليه وسلم -: (وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنتَ فِيهِمْ ۚ وَمَا كَانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ).

والاستغفار سببٌ في تفرِيج الكروب فعن عبد الله بن عباس - رضي الله عنهما - قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: (من لزم الاستغفار جعل الله له من كلّ هم فرجاً، ومن كلّ ضيق مخرجاً، ورزقه من حيث لا يحتسب).

والله يقبل توبة عبده ما لم يغرغر أو تطلع الشمس من مغربها فعَنْ ابْنِ عُمَرَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إِنَّ اللَّهَ يَقْبَلُ تَوْبَةَ الْعَبْدِ مَا لَمْ يُغَرْغِرْ رواه الترمذي بسند حسن.

وعَنْ أَبِي مُوسَى عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ يَبْسُطُ يَدَهُ بِاللَّيْلِ لِيَتُوبَ مُسِيءُ النَّهَارِ وَيَبْسُطُ يَدَهُ بِالنَّهَارِ لِيَتُوبَ مُسِيءُ اللَّيْلِ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ مِنْ مَغْرِبِهَا. رواه مسلم.

والله يحب من يتوب إليه ويستغفره لأن هذا من صفات المتقين الذين يعرفون قدر الله ويتصلون به فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَوْ لَمْ تُذْنِبُوا لَذَهَبَ اللَّهُ بِكُمْ وَلَجَاءَ بِقَوْمٍ يُذْنِبُونَ فَيَسْتَغْفِرُونَ اللَّهَ فَيَغْفِرُ لَهُمْ رواه مسلم.

والتوبة والاستغفار واجبان فلا بد للمسلم أن يتوب وأن يستغفر قال الله تعالى: وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعاً أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ }النور31 ' وقال الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَّصُوحاً }التحريم8

وللتوبة النصوح شروط أربعة وهي:

1. الإقلاع عن الذنب.

2. الندم على ما فات.

3. العزم على عدم الرجوع إلى الذنب.

4. وإذا كانت المعصية تتعلق بحق الآدمي، فلا بد من إعادة الحقوق لأصحابها إن كنت تعرف أصحابها، وأما إذا لم تعرف أصحابها فتصدق بالمال عنهم.

وعلى العاصي أن يكثر من الأعمال الصالحة فإن الحسنات تمحو السيئات بإذن الله تعالى، قال الله تعالى: ' إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ '

وعَنْ أَبِي ذَرٍّ قَالَ قَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اتَّقِ اللَّهِ حَيْثُمَا كُنْتَ وَأَتْبِعْ السَّيِّئَةَ الْحَسَنَةَ تَمْحُهَا وَخَالِقِ النَّاسَ بِخُلُقٍ حَسَنٍ رواه أحمد والترمذي بسند حسن لغيره.

وعن أَنَسٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ كُلُّ ابْنِ آدَمَ خَطَّاءٌ وَخَيْرُ الْخَطَّائِينَ التَّوَّابُونَ. رواه الترمذي بسند حسن.

كيف أعرف أنّ الله غفر لي؟

علم الغيب لله لا يطلع عليه غيره إلا من اصطفى قال الله تعالى: {عَالِمُ الْغَيْبِ فَلَا يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَدًا (26) إِلَّا مَنِ ارْتَضَى مِنْ رَسُولٍ... [الجن: 26،27] فلا يُمكن لأحد أن يعلم ما الله فاعل به أو أنه غفر له ذنبه غير أن هناك علامات تدل على قَبول التوبة، ومن ذلك:

1-            المواظبة على طاعة الله والإكثار من النوافل والابتعاد عن.

2-            اتهام التائب نفسه بالتقصير والندم على ما بدر منه.

3-            اعتصار القلب ألما وحرقة على ما اقترف من الذنوب والمعاصي.

4-            ابتعاد العبد المُستغفر عن الذنب الذي الذي ألم به.

5-            عد التوبة نعمة وتوفيقا من الله فيستمر عليها ويموت عليها.

وهكذا فإن المسلم دائما بين الخوف والرجاء يرجو رحمته ويخاف عقابه ويبقي العبد عبدا والرب ربا ولا صغيرة مع الإصرار ولا كبيرة مع الاستغفار.

وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين

                           الشيخ عبد الباري بن محمد خلة

الأكثر مشاهدة


لقمة الزقوم والقلاش ذوق الطعام من البضاعة قبل الشراء

الورع

الغفلة

الاشتراك في القائمة البريدية