الشيخ عبد الباري بن محمد خلة | مقالات | واجب الحجاج بعد أداء عبادة الحج

اليوم : الثلاثاء 5 محرَّم 1447 هـ – 01 يوليو 2025م
ابحث في الموقع

واجب الحجاج بعد أداء عبادة الحج

الحمد لله وكفى وسلام على عباده الذين اصطفى وبعد:

فيقول الله تعالى: {قُلْ إِنَّ صَلاَتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (162) لاَ شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَاْ أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ} [الأنعام: 162 - 163].

وقال الله تعالى: {وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ } [الحجر: 99

وقال الله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ } [الأحقاف: 13]،

وقال الله تعالى: {وَلاَ تَكُونُواْ كَالَّتِي نَقَضَتْ غَزْلَهَا مِن بَعْدِ قُوَّةٍ أَنكَاثاً} [النحل: 92]،

وإن نعم الله علينا كثيرة لا تعد ولا تحصى أجلها وأعظمها الهداية لدين الإسلام، والتوفيق للطاعة، والإعانة على أدائها والقيام بها، ومن أجل الطاعات وأفضل القربات، حج بيت الله الحرام؛ فعن أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: مَنْ حَجَّ هذَا الْبَيْتَ فَلَمْ يَرْفُثْ وَلَمْ يَفْسُقْ رَجَعَ كَمَا وَلَدَتْهُ أُمُّهُ» رواه البخاري.

ومن دعائه صلى الله عليه وسلم ما رواه أَنَس بْنِ مَالِكٍ قَالَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُكْثِرُ أَنْ يَقُولَ'  اللَّهُمَّ ثَبِّتْ قَلْبِي عَلَى دِينِكَ » رواه ابن ماجه بسند صحيح،

 ومن دعائه أيضا: « اللهم إني أعوذ بك مِنْ الْحَوْرِ بَعْدَ الْكَوْرِ » فعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَرْجِسَ أَنَّهُ كَانَ رَأَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا سَافَرَ قَالَ اللَّهُمَّ أَنْتَ الصَّاحِبُ فِي السَّفَرِ وَالْخَلِيفَةُ فِي الْأَهْلِ اللَّهُمَّ اصْحَبْنَا فِي سَفَرِنَا وَاخْلُفْنَا فِي أَهْلِنَا اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ وَعْثَاءِ السَّفَرِ وَكَآبَةِ الْمُنْقَلَبِ وَمِنْ الْحَوْرِ بَعْدَ الْكَوْرِ وَدَعْوَةِ الْمَظْلُومِ وَسُوءِ الْمَنْظَرِ فِي الْأَهْلِ وَالْمَالِ قَالَ وَسُئِلَ عَاصِمٌ عَنْ الْحَوْرِ بَعْدَ الْكَوْرِ قَالَ حَارَ بَعْدَ مَا كَانَ رواه أحمد بسند صحيح.

والمعنى: أي من النقصان بعد الزيادة، وقيل: هو الرجوع من الإيمان إلى الكفر أو من الطاعة إلى المعصية، أو الرجوع من شيء إلى شيء من الشر، وقيل: الرجوع عن حالة مستقرة جميلة '' انظر: مسلم: شرح النووي 9/111.

ولا بد للمسلم أن يستمر على الطاعة بعد الحج فإتباع الطاعة بطاعة دليل على قبول الطاعة الأولى.

وأن العمل المداوم عليه محبوب لله فعَنْ عَائِشَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ سَدِّدُوا وَقَارِبُوا وَاعْلَمُوا أَنْ لَنْ يُدْخِلَ أَحَدَكُمْ عَمَلُهُ الْجَنَّةَ وَأَنَّ أَحَبَّ الْأَعْمَالِ إِلَى اللَّهِ أَدْوَمُهَا وَإِنْ قَلّ'. رواه البخاري.

ماهي علامات قبول الحج؟

أمارة الحج المبرور حفظ الجوارح عن المعاصي بعد رمضان وقد سُئل الحسن البصري رحمه الله تعالى : ما الحجُ المبرور ؟ قال : أن تعودَ زاهدًا في الدنيا ، راغبًا في الآخرة ، فليكن حجُك حاجزًا لك عن مواقعِ الهلكة ، ومانعًا لك من المزالقِ المُتلفة ، وباعثًا لك إلى المزيد من الخيرات وفعلِ الصالحات ، واعلم أن المؤمن ليس له منتهى من صالحِ العمل إلا حلولُ الأجل ، فما أجملَ أن تعود بعد الحج إلى أهلك ووطنك بالخُلُقِ الأكمل ، والعقلِ الأرزن ، والوقارِ الأرْصَن ، والعِرض الأصون ، والشِيَمِ المرْضية ، والسجايا الكريمة ، ما أجملَ أن تعود حَسَنَ المعاملة لقِعادك ، كريمَ المعاشرةِ لأولادك ، طاهرَ الفؤاد ، ناهجًا منهج الحق والعدل والسداد ، المُضْمَرُ منه خيرٌ من المظهر ، والخافي أجملُ من البادي ، فإن من يعودُ بعد الحج بهذه الصفات الجميلة والسمات الجليلة فهو حقًا من استفاد من الحجِ وأسراره ودروسه وآثاره .

ويظن بعض الناس أن من حجّ فليفعل ما يشاء فقد غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر وهذا خطأ.

ماذا لو عاد الحاج إلى السيئات والذنوب التي كان يقترفها قبل الحج؟

يظن بعضهم أن من حجَّ فإنه معصوم من الذنوب لا تقع منه معصية بعد حجه،

وهذا خطأ فقد يذنب الحاج لكنه لا يصر على معصيته بل يبادر إلى التوبة فإن حج ثم عصى ثم رجع له كمال إيمانه

وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين

                       الشيخ عبد الباري بن محمد خلة

الأكثر مشاهدة


أحاديث الإسراء والمعراج كما جاءت في صحيحي البخاري ومسلم

لقمة الزقوم والقلاش ذوق الطعام من البضاعة قبل الشراء

النفاق الاجتماعي وأثره على الفرد والمجتمع

الاشتراك في القائمة البريدية