الشيخ عبد الباري بن محمد خلة | مقالات | هل في الإسلام حد الرجم ضجة مفتعلة

اليوم : الجمعة 24 شوَّال 1445 هـ – 03 مايو 2024م
ابحث في الموقع

هل في الإسلام حد الرجم ضجة مفتعلة

الحمد لله وكفى وسلام على عباده الذين اصطفى وبعد:

فأولا: لا أرى ضرورة لهذه الضجة.

ثانيا: منهجي أنني لا أحب الجدل والمراء ولا إثارة الأحقاد بين الناس وهناك أولويات في العمل غير هذا.

ولولا الإلحاح علي وانبهار بعض الشباب بهذه الآراء وإعجاب ما يسمى بمؤسسات حقوق الإنسان بهذه الشاردات التي خالفت إجماع الأمة ما كنت لأكتب هذا المقال.

وهذه ضجة أثيرت في هذا الوقت وربما كانت ردة فعل غير أن هذا القول ليس وليد اللحظة بل أثاره بعض العقلانيين الذين يطلقون العنان للعقل مع علمهم أن العقل قاصر وقد يخون صاحبه لكنهم ينهلون من المدرسة العقلية ونحن نحترم العقل ولا نحجر على الناس في تفكيرهم غير أن للتفكير حدا لا يجوز تجاوزه حيث لا تؤخذ الأحكام الشرعية بالعقل مع أنها لا تخالفه وإن ظهر بعض المرضى الذين لم يفهموا أسرار التشريع فأخذو من الأحكام ما وافقت عقولهم وأهواءهم وهذا لا شك قصور في العقل أو مرض بالقلب

ومما يؤسف له أن بعض الدعاة يشغلون الشباب بخلافات فقهية فرعية لا قيمة لها علاوة على إهمالهم القضايا المصيرية للأمة وظني أن القصد من وراء ذلك إن أحسنا الظن بهم –وهو كذلك- الجهل في مقاصد الشريعة وجهلهم بالأحكام الشرعية بل إن بعضهم نقلة عن غيرهم وبعضهم مغمور لا يأبه له الناس فأحب أن يعرف فأخذ يتتبع الآراء الضعيفة والشاذة والساقطة ويروجها بين الشباب مع أن هناك قضايا أهم ينبغي أن تتلاقى الجهود للوقوف عندها

وإن أسأنا الظن في بعضهم فهو شك ومرض في القلب فليستغفر منه صاحبه وباب التوبة مفتوح.

ولعلي أذكر حكم الرجم باختصار فقد ثبت في الشريعة الإسلامية الرجم للزاني المحصن قولا وعملا.

أما القول: فقد ثبت في أحاديث كثيرة وإن كانت ظنية الثبوت إلا أن الظن كاف في الحكم الشرعي كما هو مقرر في شريعتنا وأذكر بعضا من هذه الأحاديث:  

1.    عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خُذُوا عَنِّي خُذُوا عَنِّي قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لَهُنَّ سَبِيلًا الْبِكْرُ بِالْبِكْرِ جَلْدُ مِائَةٍ وَنَفْيُ سَنَةٍ وَالثَّيِّبُ بِالثَّيِّبِ جَلْدُ مِائَةٍ وَالرَّجْمُ. رواه مسلم

2.    عن أَبِي هُرَيْرَةَ وَزَيْدِ بْنِ خَالِدٍ الْجُهَنِيِّ قَالاَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ: أَنْشُدُكَ اللهَ إِلاَّ قَضَيْتَ بَيْنَنَا بِكِتَابِ اللهِ؛ فَقَامَ خَصْمُهُ، وَكَانَ أَفْقَهَ مِنْهُ، فَقَالَ: صَدَقَ، اقْضِ بَيْنَنَا بِكِتَابِ اللهِ، وَأْذَنْ لِيَ يَا رَسُولَ اللهِ فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: قُلْ فَقَالَ: إِنَّ ابْنِي كَانَ عَسِيفًا فِي أَهْلِ هذَا، فَزَنَى بِامْرَأَتِهِ، فَافْتَدَيْتُ مِنْهُ بِمِائَةِ شَاةٍ وَخَادِمٍ؛ وَإِنِّي سَأَلْتُ رِجَالاً مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ فَأَخْبَرُونِي أَنَّ عَلَى ابْنِي جَلْدَ مِائَةٍ وَتَغْرِيبَ عَامٍ، وَأَنَّ عَلَى امْرَأَةِ هذَا الرَجْمَ؛ فَقَالَ: وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لأَقْضِيَنَّ بَيْنَكُمَا بِكِتَابِ اللهِ: الْمِائَةَ وَالْخَادِمُ رَدٌّ عَلَيْكَ، وَعَلَى ابْنِكَ جَلْدُ مِائَةٍ وَتَغْرِيبُ عَامٍ؛ وَيَا أُنَيْسُ اغْدُ عَلَى امْرَأَةِ هذَا فَسَلْهَا، فَإِنِ اعْتَرَفَتْ فَارْجُمْهَا فَاعْتَرَفَتْ، فَرَجَمَهَا. رواه البخاري

3.     ثبت العمل بالرجم في عهد الخلفاء الراشدين دون نكير فكان إجماعا ولم يشذ عن ذلك إلا الفرق المارقة كبعض الخوارج ونحوهم ولا عبرة بهذا الشذوذ

4.     عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ قَالَ عُمَرُ لَقَدْ خَشِيتُ أَنْ يَطُولَ بِالنَّاسِ زَمَانٌ حَتَّى يَقُولَ قَائِلٌ لَا نَجِدُ الرَّجْمَ فِي كِتَابِ اللَّهِ فَيَضِلُّوا بِتَرْكِ فَرِيضَةٍ أَنْزَلَهَا اللَّهُ أَلَا وَإِنَّ الرَّجْمَ حَقٌّ عَلَى مَنْ زَنَى وَقَدْ أَحْصَنَ إِذَا قَامَتْ الْبَيِّنَةُ أَوْ كَانَ الْحَبَلُ أَوْ الِاعْتِرَافُ.

قَالَ سُفْيَانُ كَذَا حَفِظْتُ أَلَا وَقَدْ رَجَمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَرَجَمْنَا بَعْدَهُ رواه البخاري

5.    عن سَلَمَة بْن كُهَيْلٍ قَالَ سَمِعْتُ الشَّعْبِيَّ يُحَدِّثُ عَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ حِينَ رَجَمَ الْمَرْأَةَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَقَالَ قَدْ رَجَمْتُهَا بِسُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رواه البخاري

وعلى ذلك الإجماع فلا يجوز نقضه والعمل بهذا محفوظ فقد رجم رسول الله صلى الله عليه وسلم ماعزا والغامدية وغيرهما وكان ذلك بالإقرار.

هذا هو حكم الرجم في الإسلام فلا يجوز الاجتهاد في المسائل المنصوص عليها فلا اجتهاد مع نص كما في القاعدة

وأخيرا أسأل الله أن يرد المسلمين إلى دينه ردا جميلا وأن يفقهنا في الدين فقها وسطيا صحيحا وأن يرد عن الإسلام كيد الكائدين ومكر الحاقدين.

         الشيخ عبد الباري بن محمد خلة

 

الأكثر مشاهدة


لقمة الزقوم والقلاش ذوق الطعام من البضاعة قبل الشراء

الورع

الغفلة

الاشتراك في القائمة البريدية